فهرس الكتاب
الصفحة 440 من 581

عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ رِدْفِ، رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"إِذَا عَثَرَتْ بِكَ الدَّابَّةُ فَلَا تَقُلْ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّهُ يَتَعَاظَمُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْبَيْتِ، وَيَقُولُ: بِقُوَّتِي صَنَعَتُهُ، وَلَكِنْ قُلْ: بِاسْمِ اللهِ، فَإِنَّهُ يَتَصَاغَرُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الذُّبَابِ" [1]

وعَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَثَرَ بَعِيرُنَا فَقُلْتُ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم:لاَ تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّهُ يَسْتَعْظِمُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ وَيَقْوَى، وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللهِ، فَإِذَا قُلْتَ: بِسْمِ اللهِ تَصَاغَرَ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الذُّبَابِ. [2]

قال الطحاوي:"فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ قَوْلِهِ لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُلَبِّسُ عَلَيْهِ قِرَاءَتَهُ وَصَلَاتَهُ أَنْ يَخْسَأَهُ وَذَلِكَ مُثْبِتٌ مِنْهُ لَهُ"

وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ ما روي عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِينِي فَيُلَبِّسُ عَلَيَّ قِرَاءَتِي قَالَ:"ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ فَإِذَا أَتَاكَ فَاخْسَأْهُ فَفَعَلْتُ فَذَهَبَ عَنِّي"

وفي رواية: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ حَالَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي قَالَ:"ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ فَإِذَا حَسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللهِ وَاتْفُلْ عَنْ يَسَارِكَ ثَلَاثًا"

فَقَالَ هَذَا الْمُعَارِضُ فَهَلْ تَجِدُونَ وَجْهًا يُخَرِّجُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ مَعْنًى غَيْرَ مَعْنَى الْآخَرِ حَتَّى يَنْتَفِيَ عَنْهُمَا التَّضَادُّ وَالِاخْتِلَافُ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سُلْطَانَ الشَّيْطَانِ عَلَى بَنِي آدَمَ هُوَ وَسْوَسَتُهُ إيَّاهُمْ وَإِيقَاعُهُ فِي قُلُوبِهِمْ مَا لَا يُحِبُّونَ وَإِنْسَاؤُهُ إيَّاهُمْ مَا يَذْكُرُونَ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ صَاحِبِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف:63] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف:42] فِي قِصَّةِ نَبِيِّهِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَشْيَاءُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، [ص:346] وَلَمْ يُجْعَلْ لَهُ سُلْطَانٌ

(1) - السنن الكبرى للنسائي (9/ 205) (10312) صحيح

(2) - المستدرك على الصحيحين -دار المعرفة بيروت (4/ 292) (7793) صحيح

تعس: أي خاب وخسر.=تصاغر: من الصغار، وهو الذل والهوان، أو هو من الصغر، أي: صار صغيرا بعد عظمه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام