فهرس الكتاب
الصفحة 212 من 581

مِمَّا أَنْتَ فِيهِ قَالَ فَكَفَرَ الْعَابِدُ فَلَمَّا كَفَرَ بِاللَّهِ تَعَالَى خَلَّى الشَّيْطَانُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ فَصَلَبُوهُ قَالَ فَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر:16] [1]

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر:16] قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ تَرْعَى الْغَنَمَ، وَكَانَ لَهَا أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ، وَكَانَتْ تَأْوِي بِاللَّيْلِ إِلَى صَوْمَعَةِ رَاهِبٍ، قَالَ: فَنَزَلَ الرَّاهِبُ فَفَجَرَ بِهَا، فَحَمَلَتْ، فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ لَهُ: اقْتُلْهَا ثُمَّ ادْفَعْهَا، فَإِنَّكَ رَجُلٌ مُصَدَّقٌ يُسْمَعُ كَلَامُكَ، فَقَتَلَهَا ثُمَّ دَفَنَهَا؛ قَالَ: فَأَتَى الشَّيْطَانُ إِخْوَتَهَا فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ الرَّاهِبَ صَاحِبَ الصَّوْمَعَةِ فَجَرَ بِأُخْتِكُمْ؛ فَلَمَّا أَحْبَلَهَا قَتَلَهَا، ثُمَّ دَفَنَهَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ رُؤْيَا وَمَا أَدْرِي أَقُصُّهَا عَلَيْكُمْ أَمْ أَتْرُكُ؟ قَالُوا: لَا، بَلْ قُصَّهَا عَلَيْنَا؛ قَالَ: فَقَصَّهَا، فَقَالَ الْآخَرُ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ؛ قَالُوا: فَمَا هَذَا إِلَّا لِشَيْءٍ، فَانْطَلَقُوا فَاسْتَعْدَوْا مَلِكَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الرَّاهِبِ، فَأَتَوْهُ فَأَنْزَلُوهُ، ثُمَّ انْطَلَقُوا بِهِ، فَلَقِيَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: إِنِّي أَنَا الَّذِي أَوْقَعْتُكَ فِي هَذَا وَلَنْ يُنْجِيَكِ مِنْهُ غَيْرِي فَاسْجُدْ لِي سَجْدَةً وَاحِدَةً وَأَنَا أُنْجِيكَ مِمَّا أَوْقَعْتُكَ فِيهِ؛ قَالَ: فَسَجَدَ لَهُ؛ فَلَمَّا أَتَوْا بِهِ مَلِكَهُمْ تَبَرَّأَ مِنْهُ، وَأَخَذَ فَقُتِلَ". [2] "

وهذه القصة يذكرها المفسرون عند قوله تعالى: (كمثل الشَّيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمَّا كفر قال إنَّي بريءٌ منك) [الحشر:16] ،ويذكرون أن المعنيّ بالإنسان هذا العابد وأمثاله. والله أعلم.

ومن القصة السابقة نعلم أسلوباً من أساليب الشيطان في الإضلال، وهو أن يسير بالإنسان خطوة خطوة، لا يكل ولا يملّ، كلما روّضه على معصية ما، قاده إلى معصية أكبر منها، حتى يوصله إلى المعصية الكبرى، فيوبقه ويهلكه، وتلك سنة الله في عباده، أنهم

(1) - تلبيس إبليس (ص:26) وذم الهوى (ص:159) وهو من الإسرائيليات ولكنه يصلح للعبرة

(2) - تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (22/ 542) فيه ضعف

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام