فهرس الكتاب
الصفحة 251 من 581

المفتون، والبائع حظه من الله بنصيبه من الشيطان صفقة خاسر مغبون، هلا كانت هذه الأشجان، عند سماع القرآن؟ وهذه الأذواق والمواجيد، عند قراءة القرآن المجيد؟ وهذه الأحوال السنيات، عند تلاوة السور والآيات؟ ولكن كل امرئ يصبو إلى ما يناسبه، ويميل إلى ما يشاكله، والجنسية علة الضم قدراً وشرعاً، والمشاكلة سبب الميل عقلاً وطبعاً، فمن هذا أين الإخاء والنسب؟ لولا التعلق من الشيطان بأقوى سبب، ومن أين هذه المصالحة التى أوقعت فى عقد الإيمان وعهد الرحمن خللاً؟

{أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُريتَهُ أَوْلِياَءَ مِنْ دُونِى وَهُمْ لكُمْ عَدُو بِئْسَ لِلظّالمِينَ بَدَلا} [الكهف: 50] .

ولقد أحسن القائل:

تُلِيَ الْكِتَابُ فَأَطْرَقُوا لَا خِيفَةً ... لَكِنَّهُ إِطْرَاقُ سَاهٍ لَاهِي

وَأَتَى الْغِنَاءُ فَكَالَذُّبَابِ تَرَاقَصُوا ... وَاللَّهِ مَا رَقَصُوا مِنْ أَجْلِ اللَّهِ

دُفٌّ وَمِزْمَارٌ وَنَغْمَةُ شَاهِدٍ ... فَمَتَى شَهِدْتَ عِبَادَةً بِمَلَاهِي

ثَقُلَ الْكِتَابُ عَلَيْهِمُ لَمَّا رَأَوْا ... تَقْيِيدَهُ بِأَوَامِرٍ وَنَوَاهِي

وَعَلَيْهِمُ خَفَّ الْغِنَا لَمَّا رَأَوْا ... إِطْلَاقَهُ فِي اللَّهْوِ دُونَ مَنَاهِي

يَا فِرْقَةً مَا ضَرَّ دِينَ مُحَمَّدٍ ... وَجَنَى عَلَيْهِ وَمَلَّهُ إِلَّا هِي

سَمِعُوا لَهُ رَعْدًا وَبَرْقًا إِذْ حَوَى ... زَجْرًا وَتَخْوِيفًا بِفِعْلِ مَنَاهِي

وَرَأَوْهُ أَعْظَمَ قَاطِعٍ لِلنَّفْسِ عَنْ ... شَهَوَاتِهَا يَا وَيْحَهَا الْمُتَنَاهِي

وَأَتَى السَّمَاعُ مُوَافِقًا أَغْرَاضَهَا ... فَلِأَجْلِ ذَاكَ غَدًا عَظِيمَ الْجَاهِ

أَيْنَ الْمُسَاعِدُ لِلْهَوَى مِنْ قَاطَعٍ ... أَسْبَابَهُ عِنْدَ الْجَهُولِ السَّاهِي

إِنْ لَمْ يَكُنْ خَمْرَ الْجُسُومِ فَإِنَّهُ ... خَمْرُ الْعُقُولِ مُمَاثِلٌ وَمُضَاهِي

فَانْظُرْ إِلَى النَّشْوَانِ عِنْدَ شَرَابِهِ ... وَانْظُرْ إِلَى النَّشْوَانِ عِنْدَ تَلَاهِي

وَانْظُرْ إِلَى تَمْزِيقِ ذَا أَثْوَابَهُ ... مِنْ بَعْدِ تَمْزِيقِ الْفُؤَادِ اللَّاهِي

فَاحْكُمْ بِأَيِّ الْخَمْرَتَيْنِ أَحَقُّ بِال ... تَّحْرِيمِ وَالتَّأْثِيمِ عِنْدَ اللَّهِ

وقال آخر:

برِئْنَا إِلَى اللهِ منْ مِعْشَرٍ ... يهِمْ مَرَضٌ مِنْ سَمَاعِ الغِنَا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام