فهرس الكتاب
الصفحة 169 من 581

وَمَنْ رَأَى نُزُولَ الْمَلائِكَةِ بِمَكَانٍ، فَهُوَ نُصْرَةٌ لأَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَفَرَجٌ إِنْ كَانُوا فِي كَرْبٍ، وَخِصْبٌ إِنْ كَانُوا فِي ضِيقٍ وَقَحْطٍ، وَكَذَلِكَ رُؤْيَةُ الأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.

وَمَنْ رَأَى مَلَكًا يُكَلِّمُهُ بِبِرٍّ، أَوْ بِعِظَةٍ، أَوْ بِصِلَةٍ، أَوْ يُبَشِّرُهُ، فَهُوَ شَرَفٌ فِي الدُّنْيَا، وَشَهَادَةٌ فِي الْعَاقِبَةِ.

وَرُؤْيَةُ الأَنْبِيَاءِ مِثْلُ رُؤْيَةِ الْمَلائِكَةِ إِلا فِي الشَّهَادَةِ، لأَنَّ الأَنْبِيَاءَ كَانُوا يُخَالِطُونَ النَّاسَ، وَالْمَلائِكَةُ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَرَاهُمُ النَّاسُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} [الْأَعْرَاف:206] ،وَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الشُّهْدَاءِ: {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} [الْحَدِيد:19] .

وَرُؤْيَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَكَانٍ سَعَةٌ لأَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ إِنْ كَانُوا فِي ضِيقٍ، وَفَرَجٌ إِنْ كَانُوا فِي كَرْبٍ، وَنُصْرَةٌ إِنْ كَانُوا فِي ظُلْمٍ، وَكَذَلِكَ رُؤْيَةُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَرُؤْيَةُ أَهْلِ الدِّينِ بَرَكَةٌ وَخَيْرٌ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ فِي الدِّينِ، وَمَنْ رَأَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَثِيرًا فِي الْمَنَامِ، لَمْ يَزَلْ خَفِيفَ الْحَالِ، مُقِلا فِي دُنْيَاهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ قَادِحَةٍ، وَلا خِذْلانٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْفَقْرَ أَسْرَعُ إِلَى مِنْ يُحِبُّنِي مِنَ السَّيْلِ إِلَى مُنْتَهَاهُ» [1] .

وَرُؤْيَةُ الإِمَامِ إِصَابَةُ خَيْرٍ وَشَرَفٍ." [2] "

"قالَ المازِرِيّ: اختَلَفَ المُحَقِّقُونَ فِي تَأوِيل هَذا الحَدِيث فَذَهَبَ القاضِي أَبُو بَكر بن الطَّيِّب إِلَى أَنَّ المُراد بِقَولِهِ:"مَن رَآنِي فِي المَنام فَقَد رَآنِي"أَنَّ رُؤياهُ صَحِيحَة لا تَكُون أَضغاثًا ولا مِن تَشبِيهات الشَّيطان، قالَ: ويُعَضِّدهُ قَولُهُ فِي بَعض طُرُقه"فَقَد رَأَى الحَقّ"قالَ وفِي قَولُه:"فَإِنَّ الشَّيطان لا يَتَمَثَّل بِي"إِشارَة إِلَى أَنَّ رُؤياهُ لا تَكُون أَضغاثًا."

ثُمَّ قالَ المازِرِيّ: وقالَ آخَرُونَ بَل الحَدِيث مَحمُول عَلَى ظاهِره والمُراد أَنَّ مَن رَآهُ فَقَد أَدرَكَهُ ولا مانِع يَمنَع مِن ذَلِكَ ولا عَقل يُحِيلهُ حَتَّى يَحتاج إِلَى صَرف الكَلام عَن ظاهِره، وأَمّا كَونه قَد يُرَى عَلَى غَير صِفَته أَو يُرَى فِي مَكانَينِ مُختَلِفَينِ مَعًا فَإِنَّ ذَلِكَ

(1) - صحيح ابن حبان - مخرجا (7/ 185) (2922) صحيح

(2) - شرح السنة للبغوي (12/ 228)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام