فهرس الكتاب
الصفحة 791 من 854

فـ"أصل الولاية الحب، وهذا لأن حقيقة التوحيد ألَّا يحب إلا الله، ويحب ما يحبه الله الله، فلا يحب إلا لله، ولا يبغض إلا لله" (1) .

فإذا تحقق هذا الأصل في قلب العبد فإنه"يصير محبًا لما أحب الرب مبغضًا لما أُبغض، مواليًا لمن يوالي، معاديًا لمن يعادي,"فيتحد مراده مع المراد المأمور به الذي يحبه الله ويرضاه، وهذا مما يدخل في موالاة العبد لربه، وموالاة الرب لعبده، فإن الولاية ضد العداوة، والولاية تتضمن المحبة والموافقة، والعداوة تتضمن البغض والمخالفة" (2) ."

ويعرف الحافظ ابن حجر - رحمه الله - الولي وفق هذا المفهوم السلفى، فيقول:"المراد بولى الله العالم بالله تعالى، المواظب على طاعته المخلص في عبادته".

ولهذا فقد استحق الولي موالاة الله له بإتمام نعمته عليه وهدايته إلى الصراط المستقيم: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} . ومن هنا فإن كل من ثبت له وصف الإيمان فإنه ولي لله تعالى، يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله - في بيان هذه الحقيقة:"فإن الله قد وصف الولى بصفة المؤمن فقال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنفال: 34] ، وهذه صفة المؤمن ثم لا يجوز أن يصف نفسه بأنه ولي وكذلك المؤمن، ولأنه إنما يكون وليًا بتوليه لطاعات الله وقيامه بها كالمؤمن - و - لأن الولاية هي القرب من الله عز وجل؛ فولي الله هوالقريب منه المختص به، والولاء هو في اللغة القرب، ولهذا علامات وأدلة وله أسباب وشروط وموجبات، وله موانع وآفات وقواطع".

ومع هذا إلا أن المؤمنين في ثبوت الولاية لهم على مراتب، فكما أن أهل الإيمان على درجات متفاوتة فيه؛ فكذلك حالهم مع الولاية، فإنه بحسب التزام العبد بمقتضيات الإيمان يكون حظه من ولاية الله تعالى له، وكأن منزلة الولاية التامة - بمعناها الخاص - مقارنة لمرتبة الإحسان من حيث ملازمة أسباب القرب،

(1) المرجع السابق: (10/ 465) .

(2) المرجع السابق: (5/ 510) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام