وممن تأثر بما ذهب إليه الغزالي الرازي، فعند الاستدلال على نبوة المصطفى - عليه الصلاة والسلام - يذكر إلى جانب الاستدلال بالمعجز:"إثبات نبوته - عليه السلام - بالاستدلال بأخلاقه وأفعاله وأحكامه وسيره، فإن كل واحد منها وإن كان لا يدل على النبوة لكن مجموعها مما يعلم قطعًا أنه لا يحصل إلا للأنبياء" (1) .
يقف الصاوي موقفًا مغايرًا لما هو معهود من كلام الأشاعرة في الاستدلال على نبوة الرسل ويظهر بذلك تأثره بموقف الغزالي من قبل.
فهو أولًا يوضح المراد بدلائل النبوة بقوله:"أي - الأدلة - الدالة على صدقه - صلى الله عليه وسلم -"
ويرى أن دلائل صدق الرسول - عليه الصلاة والسلام -"ثلاثة أمور:"
أحدها: المعجزات الظاهرات.
ثانيها: القرآن العظيم.
ثالثها: كون دينه الذي أمر باتباعه وهو دين الإسلام ليس فيه شيء سوى تعظيم الله والانقياد لأمره ونهيه والتبرى من كل معبود سواه، فهذه أمور نيرة واضحة في صحة نبوته - صلى الله عليه وسلم -" (2) "
وتأكيدًا لهذا المعنى السابق فإنه في تفسيره للآيات التي تنكر على المشركين إعراضهم عن الانقياد لدعوة المصطفى - عليه الصلاة والسلام -، يرجع ما حصل منهم إلى عدم إدراك ما يتحصل به اليقين بصدق الرسول - عليه الصلاة والسلام -.
ففي بيان معنى قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [المؤمنون: 68، 69]
(1) المحصل: 208.
(2) حاشية الجلالين: (2/ 136) .