لقد اشتد السلف ـ رحمهم الله تعالى ـ على أهل البدع، ونهوا عن تعظيمهم وإكرامهم، وذلك لما لهم من الخطر على الإسلام وأهله.
وقد جاءت النصوص عنهم محذرة من ذلك.
قال إبراهيم بن ميسرة (ت 132) ـ رحمه الله تعالى ـ: (( من وقر صاحب بدعة، فقد أعان على هدم الإسلام ) ) (1) .
وبنحو ذلك قال الفضيل بن عياض (2) (ت 187) .
وكان طاوس (ت106) ـ رحمه الله تعالى ـ يطوف بالبيت، فلقيه معبد الجهني (ت 80) ، فقال له طاوس: أنت معبد؟ قال: نعم، فالتفت طاوس إلى من معه وقال: (( هذا معبد، فأهينوه ) ) (3) .
بل حكى الإمام أبو إسماعيل الصابوني (ت 449) إجماع أهل السنة والجماعة على وجوب قهر أهل البدع وإذلالهم، فقال: (( واتفقوا ـ مع ذلك ـ على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم وإخزائهم، وإبعادهم وإقصائهم، والتباعدعنهم، ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله ـ عز وجل ـ بمجانبتهم ومهاجرتهم ) ) (4) .
فالسلف ـ رحمهم الله تعالى ـ يرون إذلال أهل البدع وقهرهم، ترك الانبساط معهم، والسلام عليهم، ومؤاكلتهم، ومجالستهم، فضلا عن تقديمهم
(1) أخرجه ابن بطة في الإبانة الصغرى (ص113) ، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/ 139) .
(2) ذكره ابن بطة في الإبانة الصغرى (ص113) .
(3) أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (2/ 638) .
(4) عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص134) .