المطلب الثاني:
في بيان أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يخبر بسيادته على وجه الفخر
كونه سيد الناس، وسيد ولد آدم ـ لم يرد بذلك فخرا، حيث نفاه ـ ? ـ بقوله: (( ولا فخر ) ).
قال الحافظ النووي ـ رحمه الله تعالى ـ: (( قال العلماء: وقوله ـ ? ـ: أنا سيد ولد آدم، لم يقله فخرا، بل صرح بنفي الفخر في الحديث المشهور: (( أنا سيد ولد أدم ولا فخر ) )وانما قاله لوجهين:
أحدهما: امتثال قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (1) .
والثاني: أنه من البيان الذي يجب عليه تبليغه إلى أمته؛ ليعرفوه ويعتقدوه ويعملوا بمقتضاه ويوقروه ـ? ـ بما تقتضي مرتبته كما أمرهم الله ـ تعالى )) (2) .
وقال العز بن عبد السلام ـ رحمه الله تعالى ـ: (( وإنما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أنا سيد ولد آدم، لتعرف أمته منزلته من ربه ـ عز وجل ) ) (3) .
وقال المناوي ـ رحمه الله تعالى ـ: (( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، أي أقول ذلك شكرا لا فخرا، فهو من قبيل قول سليمان ـ عليه الصلاة والسلام ـ: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْر} (4) أي لا أقوله تكبرا وتفاخرا وتعاظما على الناس.
وقيل: لا أتكبر به في الدنيا، وإلا ففيه فخر الدارين.
وقيل: لا أفتخر بذلك، بل فخري بمن أعطاني هذه الرتبة.
(1) الضحى، آية (11) .
(2) شرح النووي على صحيح مسلم (15/ 37) ، وانظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 417) .
(3) بداية السول في تفضيل الرسول (ص24) .
(4) النمل، آية (16) .