الصفحة 33 من 55

المطلب الثاني:

في بيان أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يخبر بسيادته على وجه الفخر

كونه سيد الناس، وسيد ولد آدم ـ لم يرد بذلك فخرا، حيث نفاه ـ ? ـ بقوله: (( ولا فخر ) ).

قال الحافظ النووي ـ رحمه الله تعالى ـ: (( قال العلماء: وقوله ـ ? ـ: أنا سيد ولد آدم، لم يقله فخرا، بل صرح بنفي الفخر في الحديث المشهور: (( أنا سيد ولد أدم ولا فخر ) )وانما قاله لوجهين:

أحدهما: امتثال قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (1) .

والثاني: أنه من البيان الذي يجب عليه تبليغه إلى أمته؛ ليعرفوه ويعتقدوه ويعملوا بمقتضاه ويوقروه ـ? ـ بما تقتضي مرتبته كما أمرهم الله ـ تعالى )) (2) .

وقال العز بن عبد السلام ـ رحمه الله تعالى ـ: (( وإنما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أنا سيد ولد آدم، لتعرف أمته منزلته من ربه ـ عز وجل ) ) (3) .

وقال المناوي ـ رحمه الله تعالى ـ: (( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، أي أقول ذلك شكرا لا فخرا، فهو من قبيل قول سليمان ـ عليه الصلاة والسلام ـ: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْر} (4) أي لا أقوله تكبرا وتفاخرا وتعاظما على الناس.

وقيل: لا أتكبر به في الدنيا، وإلا ففيه فخر الدارين.

وقيل: لا أفتخر بذلك، بل فخري بمن أعطاني هذه الرتبة.

(1) الضحى، آية (11) .

(2) شرح النووي على صحيح مسلم (15/ 37) ، وانظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 417) .

(3) بداية السول في تفضيل الرسول (ص24) .

(4) النمل، آية (16) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام