الصفحة 54 من 216

البلقيني من شوال سنة خمس وستين فقرأ عليه ما لا يحصى كثرة, ولزم أيضا الشرف المناوي إلى أن مات, وقرأ عليه ما لا يحصى, ولزم دروس محقق الديار المصرية سيف الدين محمد بن محمد الحنفي, ودروس العلامة التقي الشمني ودروس الكافيجي, وقرأ على العز الكناني, وفي الميقات على مجد الدين ابن السباع والعز بن محمد الميقاتي, وفي الطب على محمد بن إبراهيم الدواني لما قدم القاهرة من الروم, وقرأ على التقي الحصكفي والشمس البابي وغيرهم, وأجيز بالإفتاء والتدريس

وقد ذكر تلميذه الداودي في ترجمته أسماء شيوخه إجازة وقراءة وسماعا مرتبين على حروف المعجم فبلغت عدتهم أحدا وخمسين نفسا, واستقصى أيضا مؤلفاته الحافلة الكثيرة الكاملة الجامعة النافعة المتقنة المحررة المعتمدة المعتبرة فنافت عدتها على خمسمائة مؤلف, وشهرتها تغني عن ذكرها, وقد اشتهر أكثر مصنفاته في حياته في أقطار الأرض شرقا وغربا

وكان آية كبرى في سرعة التأليف, حتى قال تلميذه الداودي: عاينت الشيخ وقد كتب في يوم واحد ثلاثة كراريس تأليفا وتحريرا, وكان مع ذلك يملي الحديث, ويجيب عن المتعارض منه بأجوبة حسنة

وكان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه, رجالا وغريبا ومتنا وسندا واستنباطا للأحكام منه, وأخبر عن نفسه أنه يحفظ مائتي ألف حديث, قال: ولو وجدت أكثر لحفظته, قال: ولعله لا يوجد على وجه الأرض الآن أكثر من ذلك, ولما بلغ أربعين سنة أخذ في التجرد للعبادة والانقطاع إلى الله تعالى والاشتغال به صرفا والإعراض عن الدنيا وأهلها كأنه لم يعرف أحدا منهم, وشرع في تحرير مؤلفاته, وترك الافتاء والتدريس, واعتذر عن ذلك في مؤلف سماه «بالتنفيس» ., وأقام في روضة المقياس فلم يتحول منها إلى أن مات, ولم يفتح طاقات بيته التي على النيل من سكناه, وكان الأمراء والأغنياء يأتون إلى زيارته, ويعرضون عليه الأموال النفيسة فيردها, وأهدى إليه الغوري خصيا وألف دينار, فرد الألف وأخذ الخصى فأعتقه وجعله خادما في الحجرة النبوية, وقال لقاصد السلطان لا تعد تأتينا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام