الصفحة 99 من 151

المسائل قد وضّحها أهل العلم وقرّروها، وحَسْبُنا أن نسير على منهاجهم القويم ونكتفي بما وضّحوه من التعليم والتفهيم، ونعوذ بالله من القول على الله بلا علم، وهذه المسائل التي أشرتُ إليها لا يتكلَّم فيها إلا العلماء من ذوي الألباب، ومن رُزق الفهم عن الله وأوتي الحكمةَ وفصلَ الخطاب». انتهى كلام الشيخ سليمان بن سحمان ـ رحمه الله ـ [1] .

وجاء في بيان مجلس هيئة كبار العلماء في هذه البلاد ـ المملكة العربية السعودية ـ في دورته التاسعة والأربعين المنعقدة في 2/ 4/1419هـ برئاسة شيخنا عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ـ رحمه الله ـ ما نصه: «التكفير حكم شرعي، مرده إلى الله ورسوله، فكما أن التحليل والتحريم والإيجاب إلى الله ورسوله، فكذلك التكفير، وليس كل ما وصف بالكفر من قول أو فعل، يكون كفراً أكبر مخرجاً عن الملة.

ولما كان مَرَدُّ حكم التكفير إلى الله ورسوله لم يجز أن نكفر إلا من دلَّ الكتاب والسنة على كفره دلالة واضحة، فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة والظن، لما يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة، وإذا كانت الحدود تُدرأ بالشبهات، مع أن ما يترتب عليها أقل مما يترتب على التكفير، فالتكفير أَوْلَى أن يُدرأ بالشبهات؛ ولذلك حذَّر النبي × من الحكم بالتكفير على شخص ليس بكافر، فقال: «أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر، فقد بَاءَ بها أحدُهما، إن كان كما قال وإلا رجعت عليه» وقد يرد في الكتاب والسنة ما يُفهم منه أن هذا القول أو العمل أو الاعتقاد كفر، ولا يكفر من اتصف به، لوجود مانع يمنع من كفره، وهذا الحكم كغيره من الأحكام التي لا تتم إلا بوجود أسبابها وشروطها، وانتفاء موانعها، كما في الإرث، سببه القرابة ـ مثلاً ـ وقد لا يرث بها لوجود مانع كاختلاف الدين، وهكذا الكفر يكره عليه المؤمن فلا يكفر به، وقد ينطق المسلم بكلمة الكفر لغلبة فرح أو غضب أو نحوهما فلا يكفر بها لعدم القصد، كما في قصة الذي قال: «اللهم أنت عبدي , وأنا ربك» أخطأ من شدة الفرح. والتسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة

(1) الدرر السنية 10/ 468، 469.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام