الفصل الثالث
النفاق الأكبر (الاعتقادي) [1]
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريفه وحكمه:
النفاق في اللغة: إخفاء الشيء وإغماضه [2] .
وفي الاصطلاح: أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه [3] .
وذلك بأن يكون في الظاهر أمام الناس يدّعي الإسلام، ويظهر
(1) سُمي «اعتقادياً» لأنه في أصل الاعتقاد، ولذلك فهو مخرج من الملة، ولا يعترض على هذه التسمية بذكر أعمال المنافقين، كتوليهم للمشركين، وإعانتهم على المسلمين، لأن هذا ليس داخلاً في أصل النفاق، وإنما هو من أعمال المنافق التي يستدل بها على ما في قلبه من اعتقاد كفري كما سيأتي، ولهذا فهو لا يدخل في حد الكفر. أما النفاق الأصغر فهو «عملي» ؛ لأنه في الأعمال الظاهرة، لا في أصل الاعتقاد، فهو عمل أعمالاً ظاهرها الصلاح، ولكنه قد أبطن ضد ذلك. وينظر: الإبانة 2/ 699، رقم (939) ، كتاب الصلاة لابن القيم (ص59) ، الدرر السنية 2/ 72.
(2) قال في معجم مقاييس اللغة (مادة نفق) : «النون والفاء والقاف أصلان صحيحان، يدل أحدهما على انقطاع شيء وذهابه، والآخر على إخفاء الشي وإغماضه، ومتى حصّل الكلام فيهما تقارباً، فالأول: نفقت الدابة نفوقاً: ماتت. والأصل الآخر: النّفق: سَرَب في الأرض له مخلص إلى مكان، والنافقاء: موضع يرققه اليربوع من جحره، فإذا أتي من قبل القاصعاء ضرب النافقاء برأسه، فانفتق - أي خرج -. ومنه اشتقاق النفاق؛ لأن صاحبه يكتم خلاف ما يظهر، فكأن الإيمان يخرج منه، أو يخرج هو من الإيمان في خفاء، ويمكن أن الأصل في الباب واحد، وهو الخروج والمسلك النافذ الذي يمكن الخروج منه» . انتهى مختصراً.
(3) جامع العلوم والحكم (شرح الحديث 48، ج2 ص481) . وينظر الفصل 3/ 244، 245، شرح السنة 1/ 76، إحياء علوم الدين 3/ 319، مجموع الفتاوى 7/ 300، الفروع: المرتد 6/ 166، مدارج السالكين 1/ 376، 377.