لهم أنه مسلم، وربما يعمل أمامهم بعض العبادات كالصلاة والصيام والحج وغيرها، ولكن قلبه ـ والعياذ بالله ـ لا يؤمن بتفرد الله تعالى بالألوهية أو بالربوبية، أو لا يؤمن برسالة النبي ×، أو يبغضه، أو لا يؤمن بكتب الله المنزلة، أو لا يؤمن بعذاب القبر، أو لا يؤمن بالبعث، أو يعتقد أن دين النصارى أو دين اليهود أو دين غيرهم من الكفار حق أو خير من الإسلام، أو يعتقد أن الإسلام دين ناقص، أو لا يصلح للتطبيق في هذا العصر، أو يعتقد أن فيه ظلماً لبعض فئات المجتمع، أو فيه ظلم للنساء، أو أن بعض تشريعاته فيها ظلم، أو ليس فيها تحقيق لمصالح العباد، وغير ذلك من الاعتقادات المخرجة من الملة التي سبق ذكرها في الشرك الأكبر والكفر الأكبر.
أما حكم المنافق فهو حكم المشرك شركاً أكبر وحكم الكافر كفراً أكبر، كما سبق بيانه [1] ؛ لأن المنافقين في الحقيقة كفار، وإن كانوا أسوأ حالاً من سائر الكفار، لأنهم زادوا على الكفر: الكذب والمرواغة والخداع، وضررهم على المسلمين أشدّ؛ لأنهم يندسون بين المسلمين ويظهرون أنهم منهم، ويحاربون الإسلام باسم الإصلاح، ولذلك فهم أشد عذاباً في الآخرة من سائر الكفّار، كما قال تعالى: + ..." [النساء:145] ."
المبحث الثاني: أعمال المنافقين الكفرية [2] :
للمنافقين أعمال كفرية يستدل بها على ما يبطنون من النفاق، وقد بينها الله تعالى في كتابه كما في سورة التوبة التي تسمى «الفاضحة» ؛ لأن الله تعالى فضح فيها المنافقين ببيان أعمالهم الكفرية، كما بينها أيضاً في سور أخرى كثيرة، ومن هذه الأعمال:
(1) ينظر ما سبق عند الكلام على حكم الشرك الأكبر في الفصل الأول.
(2) ويطلق عليها بعض أهل العلم «صفات المنافقين» ، وبعضهم يجعلها أنواعاً للنفاق الأكبر، وبعضهم يجعلها علامات للنفاق، وهي مسميات متقاربة، إلا أن جعلها أنواعاً للنفاق الأكبر فيه نظر، لأن الأكبر نوع واحد، وهو إخفاء الكفر وإظهار الإسلام.