الصفحة 100 من 151

من استحلال الدم والمال، ومنع التوارث، وفسخ النكاح، وغيرها مما يترتب على الردة، فكيف يسوغ للمؤمن أن يقدم عليه لأدنى شبهة؟!.

وإذا كان هذا في ولاة الأمور كان أشدّ؛ لما يترتب عليه من التمرد عليهم وحمل السلاح عليهم، وإشاعة الفوضى، وسفك الدماء، وفساد العباد والبلاد، ولهذا منع النبي × وعلى آله وصحبه من منابذتهم، فقال: «إلا أن ترَوا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان» . فأفاد قوله: «إلا أن تروا» أنه لا يكفي مجرد الظن والإشاعة. وأفاد قوله: «كفراً» أنه لا يكفي الفسوق ولو كبر، كالظلم وشرب الخمر ولعب القمار، والاستئثار المحرم. وأفاد قوله: «بواحاً» أنه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواح أي صريح ظاهر، وأفاد قوله: «عندكم فيه من الله برهان» أنه لابد من دليل صريح، بحيث يكون صحيح الثبوت، صريح الدلالة، فلا يكفي الدليل ضعيف السند، ولا غامض الدلالة. وأفاد قوله: «من الله» أنه لا عبرة بقول أحد من العلماء مهما بلغت منزلته في العلم والأمانة إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح من كتاب الله أو سنة رسوله ×، وهذه القيود تدل على خطورة الأمر.

وجملة القول: أن التسرع في التكفير له خطره العظيم؛ لقول الله عز وجل: + ..." [سورة الأعراف:33] » [1] انتهى ما أردت نقله من بيان مجلس هيئة كبار العلماء بهذه البلاد حرسها الله تعالى وجميع بلاد المسلمين."

وفي ختام الكلام على هذه المسألة أحببت أن أنقل كلاماً للشيخ الدكتور عبدالرحمن المحمود ذكره في آخر مباحث رسالة «الحكم بغير ما أنزل الله» لخص فيه أكثر أحكام هذه المسألة وذكر فيه وسطية أهل السنة والجماعة بين من غلا وبين من جفا في هذه المسألة، قال وفقه الله تعالى: «إن هناك فرقاً بين الحكم العام على فعل من الأفعال أو أمر من الأمور بأنه كفر، وبين تطبيقه على

(1) ينظر: مجلة البحوث الإسلامية العدد (56) ، ص357 - 359.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام