، و ثانياً من جهلهم بأحكام الجهاد فإن الدار إذا تغلب عليها الكافر و تمكن منها تجب الهجرة منها و لا يجوز المقام فيها )) .
هذا هو كلام كبار هؤلاء الغلاة و المنظرين لهم و يتضح من كلامهم عدة نقاطٍ هي الفرقان بين هؤلاء الخوارج الجدد و بين أهل الجهاد الطائفة المنصورة:
أولاً: هؤلاء الغلاة يرون أن هذه الدور هي ديار كفرٍ أصليٍ، ثانياً: أن الناس فيها كفار بالتبعية للدار و يجعلون من يحكم على الناس بالإسلام كافراً جاهلاً لم يفهم حقيقة الإسلام و يكفرون من لم يكفر الأمة عملاً بفهمهم العقيم لقاعدة من لم يكفر الكافر، و بذلك يتضح موقفهم من الجهاد و الدفاع عن هذه الديار.
وأهل الجهاد يفرقون بين حكم النظام العلماني الذي فرض على الأمة ليحكمها بالكفر وإكراهها على ذلك وبين حكم الأمة، فحكم الأمة هو الإسلام ومن ثم لا تعارض بين الحكمين ولا ينتقل أحدهما إلى الآخر إلا بضوابط شرعية، وتختلف تأصيلات أهل العلم إلا أنها تتفق في الحكم بالإسلام للأمة في النهاية، وكلها تنطلق من تأصيلات شرعية لأكابر العلماء كشيخ الإسلام بن تيمية من مراعاة السياسة الشرعية واعتبار المآلات وسد الذرائع والتفريق بين حالة الضعف وحالة القوة بالنسبة لدولة الإسلام في التعامل كما في الصارم المسلول وكذلك الإمام الشاطبي في مراعاة مقاصد حفظ الأمة والتي بينها في الإعتصام من إرخاء الستر، وطلب المؤالفة، وانتظار الفيء وكذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب من نفيه تكفير الأمة على العموم وعلى هذا علماء نجد وأهل الحق الطائفة المنصورة.
يقول الشيخ عبد المجيد الشاذلي [1] : (( وضع ديار المسلمين التي تحكمها أنظمة تفصل الدين عن الدولة، وتقوم بتنحية الشريعة عن الحياة، وإهدار اعتبار الشرع جملةًً في القوانين والقضاء على مستوى السلطات الثلاث تشريعية وقضائية وتنفيذية بإسقاط حاكمية الشريعة تبعًا للنظام العلماني، وهذه الأنظمة تتحقق فيها الرغبة عن شرع الله إلى غيره، أو العدل به إلى غيره، وتحريم الحلال وتحليل الحرام، والرغبة عن ولاية الإسلام إلى غيرها، وإمكان ولاية الكافرين من اليهود والنصارى وغيرهم. هذه الديار في ظل هذه الأنظمة يقال عنها: ديارٌ مُرَكَّبة.
(1) -فضيله الشيخ عبد المجيد الشاذلى - حفظه الله - فى كتاب وصية لقمان