فهرس الكتاب
الصفحة 62 من 111

الفاسق الملّي ويزعمون أنه كافر فصاروا بذلك يكفرون جماهير الصحابة بزعمهم أنهم ارتكبوا بعض المخالفات الشرعية من وجهة نظرهم هم، فالإيمان عندهم قول وعمل، وكذا الكفر قول وعمل -أيضاً-، فلما كان الإيمان شيء واحد بزعمهم، صار الكفر شيء واحد كذلك.

2)وأما المرجئة فعلى ذلك أيضاً، حيث أنهم لما بنوا أصلهم في الإيمان على تصديق القلب وأن اللسان دليله، صاروا كذلك يقولون في الكفر أنه التكذيب، وأن الأقوال والأعمال الخارقة لأصل الإيمان صارت عندهم دليل الكفر وليست الكفر بعينه، وذلك بناء على أن الأعمال ليست من الإيمان، وإنما هي دليل عليه، وكذلك الكفر هو دليل التكذيب، فمن يسب الله أو رسوله، أو يلقي المصحف في الحش، أو يقاتل نبياً ... فهذا ليس كفراً بعينه -عندهم- وإنما هو دليل الكفر، ويعنون بذلك بناءاً على أصلهم الفاسد أن هذا دليل التكذيب في الباطن، فيستحيل عندهم أن يقوم في الإنسان مثل هذه الأعمال أو الأقوال الكفرية، وهو في الباطن يكون مصدقاً بالإسلام، وقد قدمنا الكلام على أصولهم وأصول غيرهم في هذه المسألة العظيمة وبينا فسادها هناك.

3)أهل السنة والجماعة، حيث أنهم بنوا أصلهم كما هو معلوم على أن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وأنه مركب فلا يلزم من ذهاب بعضه ذهابهُ كله، فقد يكون المرء عندهم يجتمع فيه شعب من الكفر وشعب من الإيمان، وذلك أن الطاعات شعب من الإيمان، والمعاصي شعب من الكفر، ولذلك كان يقول السلف: (المعاصي بريد الكفر بالله) فإذا غلب على الإنسان شعب الإيمان كان مؤمناً، وإذا غلب عليه شعب الكفر كان كافراً، وهذا الكفر على قسمين:

أ) إما أنه كفر أكبر فهذا كافر خارج من دائرة الإسلام.

ب) وإما أنه كفر أصغر، فهذا ما يسمى بالفاسق الملّي، وهو في مرتبة بين المرتبتين، ولكنه إلى مرتبة الإيمان أقرب، ولذلك يسمونه بالفاسق الملي نسبة إلى ملة الإسلام، فهو مؤمن بإيمانه فاسق بفعاله ألا وهي الكبيرة التي اقترفها، فالناس في عقيدة أهل السنة ينقسمون إلى ثلاث مراتب:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام