أوديتها الفانية -ولا حول ولا قوة إلا بالله-، فمن ذا الذي يصبر على جَلَد العلم، وتحمل مشاقه، إلا من وفقه الله تعالى لذلك.
وقد كنت أفتر عن الإسهاب في بعض الأجوبة، من أجل ذلك الإنقطاع، وأنا معذور بذلك، لأن قدر همّة المتكلم على قدر همّة السامع، كما كان يحكي ذلك السلف، إلا أن إلحاح بعض الطلبة المواظبين على المجلس في أن أجيبَ عن الإسئلة بشيء من الإسهاب، أعاد لي النشاط من جديد، فجعل لدي حافزاً كبيراً على ذلك.
وقد كان استغرق ذلك منّا ما يربو على السنتين، في مجالس متفرقة، كانت جلسة في الأسبوع، تأخذ ما يقارب ساعتين أو ثلاث ساعات، لا نكلّ ولا نملّ بفضل الله ومنِّه، ولا ريب أن هذا من توفيق الله وحده، فكم تخلّل ذلك من مصائب تصيبنا أو تصيب بعض إخواننا، كسجنٍ، أو مداهمةٍ، أو دعوةٍ إلى تحقيقٍ، أو مفارقةٍ لحبيبٍ، أو عزاءٍ لآخر ... وهكذا، فينقطع الدرسُ برهة، ثم لا يلبث الإخوة أن يلملموا شملهم وجمعهم ليعود المجلس من جديد، وهكذا.
فاللهم لك الحمد كله على ما أنعمت.
وقد كنت أشرت إلى هذه الإملاءات أو المجالس في كتابي: (كشف ما أقلاه إبليس على قلب عبد العزيز بن ريس الرّيّس) حيث قلت هناك كما في /ص27/ في نسختي:
(وقد بسطت الكلام على عقيدة الشيخ ناصر الألباني، في غير هذا الموضع، وكان ذلك عند الجواب عن السؤال الآتي:
هل صحيح أن الشيخ ناصر الدين الألباني -رحمه الله- كان مرجئاً؟
ففصلتُ الجواب هناك، وذلك على شكل إملاء على الطلبة، فإنهم كانوا طلبوا الكلام على مسائل (الإيمان والتكفير [1] ، وألحّوا بذلك، فأجبتهم على هذا مستعيناً
(1) كذا في أصل نسختي، والصواب: (الإيمان والكفر) .