الصفحة 68 من 87

حق من له يد حقيقية، فهذه موارد استعمالها، من أولها إلى آخرها، مطردة في ذلك، فلا يعرف العربي خلاف ذلك، فاليد المضافة إلى الحي، إما أن تكون يداً حقيقية أو مستلزمة للحقيقية، وأما أن تضاف إلى من ليس له يد حقيقية، وهو حي متصف بصفات الأحياء، فهذا لا يعرف البتة، وسر هذا أن الأعمال، والأخذ، والعطاء، والتصرف، لما كان باليد، وهي التي تباشره، عبروا بها عن الغاية الحاصلة بها وهذا، يستلزم ثبوت أصل اليد حتى يصحّ استعمالها في مجرد القوة والنعمة والإعطاء) (1) [[ينظر مختصر الصواعق 406] ]

وهذان المثالان يوضحان أن الوجه واليد، فيما أضيفا إليه من الأمور يدلان على قدر من المعنى متواطئاً، مشتركاً فيها، هو صفة من صفات المضاف إليه، وعند التخصيص تختلف هذه الصفة، اختلافاً بحسب اختلاف المضاف إليه، والقدر الذي حصل به الاشتراك غير الذي حصل به الامتياز، وبهذا علمنا أنها صفات لله تعالى، وجهلنا حقيقة ما امتاز الله به من هذه الصفات.

وعلى هذين المثالين تقاس سائر الصفات الفعلية والذاتية، كالاستواء والنزول، والعينين، يعلم أنها صفات لله من حيث يعلم معناها في لغة التخاطب، ونجهل حقيقة ما يمتاز الله به وهو التأويل الذي لا يعلمه إلاّ الله، ويعلم كذلك من أحكام هذه الصفات ما جاء في السمع، فكما علمنا أن من أحكام صفة السمع أن الله يسمع المسموعات، ومن أحكام صفة البصر أن الله يبصر المبصرات، وأن الله يعلم كل شيء بصفة العلم، كذلك نعلم أن من أحكام صفة اليد أن الله يقبض بها السموات، وأنه خلق آدم بها ففضله على سائر من خلقه بكلمة كن.

وهذا هو المخرج الصحيح من الأشكال المتقدم في أول التنبيه، وهو الصراط المستقيم الذي سار عليه سلف الأمة، والذي هو في غاية الاستقامة والتناسب، والسر في عدم تناقض مذهب السلف، عدم تفريقهم بين الصفات، وجعلها فرعاً عن الذات، واتباع السمع ومن اتبعته فلا يختلف قوله، قال تعالى (ولوكان من عند غير الله

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام