قوله: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [1] : ينكر الله تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير, الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء، والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يتحاكمون به من الضلالات والجهالات بما يضعونها بآرائهم وأهوائهم.
وقيل: يبتغون ويريدون وعن حكم الله يعدلون [2] .
وقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [3] يقسم الله تعالى بنفسه الكريمة المقدسة إنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطنًا وظاهرًا، ولهذا قال تعالى: {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [4] ، أي: إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم، فلا يجدون في أنفسهم حرجًا مما حكمت به، وينقادون له في الظاهر والباطن, فيسلمون لذلك تسليمًا كليًا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة كما ورد في الحديث: «لا يؤمن أحدكم حتى
(1) سورة المائدة، الآية 50.
(2) تفسير ابن كثير (2/ 68) .
(3) سورة النساء، الآية 65.
(4) سورة النساء، الآية 65.