خالف الكتاب والسنة ليس بعلم، إنما هو هوى نفس؛ ولذلك قال العلماء: «من اتبع الهوى فقد افتتن» .
وقوله تعالى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ} ، لقد حذر المولى جل وعلا رسوله الفتنة في عدم تحكيم كل الشرع، وحذره من أعداء الدين أن يدلسوا عليه الحق فيما يصدونه عن بعض ما أنزل الله إليه، فصار اتباع أهوائهم سببًا موصلاً إلى ترك الحق الواجب، وتأمل التحذير الشديد، فهي فتنة يجب أن تحذر، والأمر في هذا المجال لا يعد أن يكون حكمًا بما أنزل الله كاملاً، أو أن يكون اتباعًا للهوى، وفتنة يحذر الله منها، وعليك أن تحكمي الله في كل شؤونك في معاملتك لزوجك، وولدك، وأهلك، وفي بيتك، ولبسك، وأكلك، وعلاقاتك الاجتماعية، ومالك، واحذري قطاع الطرق الذين يصدونك عن تحكيم بعض ما أنزل الله، فيهونون طاعة الزوج، وتربية الولد، والستر في اللباس وما إلى ذلك، فاحذري الفتنة.
{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ} [المائدة: 49] ، هذه قمة العدل والإحسان منه سبحانه وتعالى، فمع إعراضهم عما أنزل إليهم من الكتاب والسنة فهم يتحاكمون إلى غيرها، ومع ذلك لم تكن عقوبة الله لهم شاملة لجميع ذنوبهم، بل قال سبحانه: {بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ} .