316 -ومُدركُ التحسينِ والتَّقبيحِ ... الشرعُ لا العقلُ على الصَّحيحِ

317 -هذا الذي ارتضاهُ أهلُ الحقّ ... قاطبةً دُونَ جَميعِ الخلقِ

318 -من سائرِ الأصنافِ كالمعتزلةْ ... وغَيرِهِمْ منَ الرَّعاعِ الجهلَةْ

319 -فإنَّهُم قَد قسَّموا الأفعَالا ... ثلاثةً أذكُرُها ارتِجالا

320 -فواحِدٌ مُدرَكُهُ بالعقلِ ... ضرورةً وواحدٌ بالنقلِ

321 -فالكذبُ المفضي إلى إضرارِ ... يُعلمُ قُبحُهُ عَن اضطرارِ

322 -وهكذا يُعلمُ حُسنُ الصّدقِ ... المقتضي للنُّصحِ فافهمْ نُطقي

323 -وواحدٌ مُدْرَكُهُ بالنَّظَرِ ... كالكذبِ المُبدي لدَفعِ الضَّررِ

324 -والصدقِ إن أفضَى إلى فَسَادِ ... وقَد أتى القولُ على السَّدَادِ

325 -وَكُلُّ ما يلزَمُ بالتَّحَكُّمِ ... وَهْوَ يُنافي العقلَ كالتيمُّمِ

326 -والغُسلِ والصلاةِ والصيامِ ... والسعي والطوافِ والإحرامِ

327 -فإنَّه يُدْرَكُ بِالسَّمَاعِ ... مِن قِبَلِ الشَّارِعِ بالإجماعِ

328 -واعلم بأنَّ كلَّ ما قالوهُ ... وأطنبوا فيهِ وقسَّمُوهُ

329 -زَخارفٌ حسَّنها التَّنميقُ ... يُظْهِرُ أصلَ زيفِها التَّحقيقُ

330 -إذ جعلوا فيهِ ضرورياً وَمَنْ ... حقّ الضَّروريّ الوِفاقُ فاستَبِنْ

331 -كما يُحيلُ العقلاءُ جهلَهُ ... أن يخلُقَ الرَّبُّ إلهًا مثلَهُ

332 -ويعلمونَ أنَّ كُلَّ أحدِ ... أقلُّ مما فوقَهُ منْ عَددِ

333 -فإذ رأى الخِلافَ أهلُ الحقِّ ... وهُم على التَّحقيقِ جُلُّ الخَلْقِ

334 -أُبْطِلَ قطعًا ما ادّعوا معرفتَهْ ... ضَرورةً بالعقلِ فاحفظْ صيغتَهْ

335 -وكلُّ ما تدخلُهُ الدَّلالةْ ... فنَظَريُّ النوعِ لا محَالةْ

336 -وها هُنا يَمتنِعُ المناظِرُ ... أَنْ يَذْكُرَ الدليلَ وهو ظِاهرُ

337 -والحسنُ المقولُ فيهِ افعَلْ كما ... قَد حدَّهُ مَن قدرُهُ قَد عَظُما

338 -فنُوضِحُ الحقَّ بفرضِ مسألَةْ ... مَتينَةِ الإلزامِ جِدًّا مُشْكِلَةْ

339 -وهي على التَّحقيقِ أقوى الأسئِلَةْ ... ألا اسمعوا مَعاشِرَ المعتزلَةْ

340 -أليسَ أن الحقَّ حَقًّا حَكَمَا ... بِأَنَّ مَنْ لَهُ عبيدٌ وَإِمَا

341 -سلَّطهُم على الفسادِ فَطَغَوْا ... وانهمكوا فيهِ وضلُّوا ولغَوا

342 -وأهلَكَوا الأولادَ والأموالا ... وقتلوا النّساءَ والرّجالا

343 -وهوَ على رَدعهمُ قديرُ ... لو شاءَ لا يَلحقُهُ تقصيرُ

344 -عُدَّ سفيهًا حَمِقًا مُهَوَّرَا ... إذ لو يشاءُ لأزالَ المنكرَا

345 -أليسَ هذا حُكمَهُم في الشَّاهِدِ ... فيما يرَوْنَ في الإلهِ الواحِدِ

346 -وإن يقولوا إنَّه قَد عَجَزَا ... تلفَّظوا بالكُفر لفظًا مُوجزَا

347 -وإن يقولوا إنَّه جبَّارُ ... ذُوْ قُوَّةٍ مَتينةٍ قَهَّارُ

348 -التزموا القَولَ بأنَّ الحُكمَا ... بالشَّرْعِ لا غيرَ مَنوطٌ حَتما

349 -وهذهِ قاعدةٌ مشهورةْ ... تأتيكَ في أسئلةٍ كثيرةْ

350 -كقولِ من قالَ لنا وصرَّحَا ... إنَّ عليهِ أن يُراعيْ الأصلحا

351 -وهكذا الكلامُ في الأفعالِ ... وخلقِهَا والرزقِ والآجالِ