وكذلك أخبرنا الله تعالى بما أعده لمن قبل كلمة التوحيد من أنواع الثواب، وما أعده لمن ردها من ألوان العذاب فقال تعالى عن الكافرين يومَ الحساب:
(وَقَالُوا يَاوَيْلنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ هَذَا يَوْمُ الفَصْل الذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ احْشُرُوا الذِينَ ظَلمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إلي صِرَاطِ الجَحِيمِ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ مَا لكُمْ لا تَنَاصَرُونَ بَل هُمْ اليَوْمَ مُسْتَسْلمُونَ وَأَقْبَل بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَاتُونَنَا عَنْ اليَمِينِ قَالُوا بَل لمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لنَا عَليْكُمْ مِنْ سُلطَانٍ بَل كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ فَحَقَّ عَليْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لذَائِقُونَ فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي العَذَابِ مُشْتَرِكُونَ إِنَّا كَذَلكَ نَفْعَلُ بِالمُجْرِمِينَ) - ما سبب إجرامهم، وما علة تعذيبهم، سببه هو استكبارهم عن قول لا إلا إله الله - (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيل لهُمْ لا إِلهَ إِلا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) ? يهزأون برسول الله ويصفونه بالسحر والجنون ? (وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لتَارِكُوا آلهَتِنَا لشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) - فكذبهم الله عز وجل ورد ذلك عليهم وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال ? (بَل جَاءَ بِالحَقِّ وَصَدَّقَ المُرْسَلينَ إِنَّكُمْ لذَائِقُو العَذَابِ الأَليمِ وَمَا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) ? ثم استثني الله عباده المخلصين الذين صدقوا المرسلين وقبلوا لا إله إلا الله خاضعين مؤمنين فقال تعالى ? (إِلا عِبَادَ اللهِ المُخْلصِينَ أُوْلئِكَ لهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ على سُرُرٍ مُتَقَابِلينَ يُطَافُ عَليْهِمْ بِكَاسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضَاءَ لذَّةٍ للشَّارِبِينَ لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) ? أكرمهم الله وشفا صدورهم وأراحهم وري غليلهم في الكافرين ? (فَأَقْبَل بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ قَال قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لي قَرِينٌ يَقُولُ أَئِنَّكَ لمِنْ المُصَدِّقِينَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لمَدِينُونَ قَال هَل أَنْتُمْ مُطَّلعُونَ فَاطَّلعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الجَحِيمِ قَال تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لتُرْدِينِي وَلوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لكُنتُ مِنْ المُحْضَرِينَ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلا مَوْتَتَنَا الأُولي وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هَذَا لهُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ لمِثْل هَذَا فَليَعْمَل العَامِلُونَ) .
وقال سبحانه وتعالي عن الكافرين وردهم دعوةَ الأنبياء المرسلين، وتكذيبهم بتوحيد رب العالمين ورسالة خاتم النبيين: (وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَال الكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَل الآلهَةَ إِلهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لشَيْءٌ عُجَابٌ وَانطَلقَ المَلأُ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا على آلهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي المِلةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ أَؤُنزِل عَليْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَل هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَل لمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ) .
وفي صحيح البخاري 77 عَنْ أَبِي مُوسَي الأشعري أن النَّبِيِّ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ قَال: (مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنَ الهُدَي وَالعِلمِ كَمَثَل الغَيْثِ الكَثِيرِ ? والغيث الكثير هو المطر الغزير- أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلتِ المَاءَ فَأَنْبَتَتِ الكَلأَ وَالعُشْبَ الكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ المَاءَ ? والأجادب هي الأرض الجافة التي لا تنبت زرعا ولا تشرب ماءا - فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا - وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أخرى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلا تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ فَعَلمَ وَعَلمَ، وَمَثَلُ مَنْ لمْ يَرْفَعْ بِذَلكَ رَاسًا وَلمْ يَقْبَل هُدَي اللهِ الذِي أُرْسِلتُ بِهِ.
والقبول الذي ينافي الترك يحتم عليك الرضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا، فلا تعترض على أمر الله ولا تخالف سنة رسول الله، وتتخذ الإسلام منهجا لك في الحياة، روي البخاري 507 من حديث أَنَس بْن مَالكٍ أَنَّ رَسُول اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ أكثروا عليه السؤال حتى أَحْفَوْهُ المَسْأَلةَ فَغَضِبَ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ فَصَلي