فهرس الكتاب
الصفحة 55 من 85

بسم الله الرحمن الرحيم

شروط لا إله إلا الله - الشرط السادس

الانقياد المنافي للترك

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، أحمده وأستعينه وأستغفره، وأومن به وأتوكل عليه، وأستهدي الله بالهدي، وأعوذ به من الضلالة والردى، من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شىء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدي ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أرسله إلي الناس كافة، رحمة لهم ورأفة بهم، والناس يومها على شر حال، في ظلمات الجاهلية يتقلبون، وفي الشرك والوثنية غارقون، دينهم بدعة، ودعوتهم فرية، فأعز الله الدين بمحمد صلي الله عليه وسلم، وألف بين قلوبهم وأصبحوا بنعمة الله إخوانا، فأطيعوا الله عباد الله واستنوا بسنة نبيه صلي الله عليه وسلم، فإن الله عز وجل قال: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (النساء:80) ، أما بعد ..

فمن شروط لا إله إلا الله الانقياد المنافي للترك، شروط لا إله إلا الله جمعها الناظم في قوله رحمه الله:

علم يقين وإخلاص وصدقك مع: محبة وانقياد والقبول لها

وزيد ثامنها الكفران منك بما: سوي الإله من الأشياء قد ألها

وحديثنا إن شاء الله يدور حول الشرط السادس من هذه الشروط، وهو الانقياد المنافي للترك، فمن شروط لا إله إلا الله الانقياد لما دلت عليه كلمة التوحيد، الانقياد المنافي للترك، قال الله عز وجل: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا) النساء/521، وقال تعالى: (وَمَنْ يُسْلمْ وَجْهَهُ إِلي اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَي وَإِلي اللهِ عَاقِبَةُ الأُمُور ِ) لقمان/22 أي بلا إله إلا الله، وتسليم وجهه لربه يعني أن ينقاد لأمره، وهو محسن أي موحد يعبد الله كأنه يراه، فمن لم يسلم وجهه لله، فإنه لم يستمسك بلا إله إلا الله، لم يستمسك بالعروة الوثقي، لأن الله قال بعد ذلك: (وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِليْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَليمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ نُمَتِّعُهُمْ قَليلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلي عَذَابٍ غَليظٍ) لقمان/24:23 وفي الصحيح أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) وهذا هو تمام الانقياد والغاية من خلق العباد.

وإذا كان اليقين متعلقا بباب الخبر وتصديقه، فإن الانقياد متعلق بباب الأمر وتنفيذه، ذلك لأن الانقياد يتطلب من العباد العبادة، وهي طاعة الله بامتثال ما أمر به على ألسنة الرسل، وهذا هو الإسلام وتوحيد العبودية، فتوحيد العبودية هو توحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية في مفهوم السلف يعني أنه لا إله إلا الله، ولا معبود بحق سواه، من أجل ذلك دعت الرسل سائر العباد إلي توحيد الطاعة والانقياد، كما قال سبحانه وتعالي: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ) (لأعراف:65) ، فأجابوا منكرين توحيد الألوهية وإفرادَ الله بالعبودية، قائلين: (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَاتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (الأعراف:70)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام