بسم الله الرحمن الرحيم
شروط لا إله إلا الله - الشرط الثاني
اليقين المنافي للشك
الحمد لله الذي يجيب الداعين ويعطي الطالبين ويرضي الراغبين ويرشد السالكين رحيم بالمؤمنين رحمان بالعالمين، أحمده سبحانه وتعالي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نبلغ بها أحسن المآب وأعظم الثواب، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المبعوث لتشريع الملة وتوجيه الخطاب، وإيضاح الأحكام من واجب واستحباب، وحرام ومكروه ومتروك لذوي الألباب، صلي الله عليه وعلى آله وصحبة صلاة وسلاما دائمين إلي يوم الحساب.
أتيتك راجيا يا ذا الجلال ففرج ما تري من سوء حالي - عصيتك سيدي ويلي بجهلي وعيب الذنب لم يخطر ببالي
إلي من يشتكي المملوك إلا إلي مولاه يا مولي الموالي - لعمري ليت أمي لم تلدني ولم أغضبك في ظلم الليالي
فها أنا عبدك العاصي فقير إلي رحماك فاقبل لي سؤالي
أما بعد ..
فأعظم نعمة يعطاها العبد، اليقين المنافي للشك، ومحاضرة اليوم تدور بإذن الله حول الشرط الثاني من شروط ل إله إلا الله وهو اليقين المنافي للشك، فإن اليقين هو رأس مال الدين، وأساس العقيدة عند المؤمنين، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (اليقين الإيمان كله) .
كيف يكون اليقين هو الإيمان؟ ذلك لأن الإيمان له ركنان يتعلقان بلغة القرآن، فلغة القرآن ضربان من الكلام أو نوعان، أخبار وأوامر، الخبر ما يحتمل الصدق أو الكذب والأخبار تتطلب التصديق، والأمر مالا يحتمل الصدق أو الكذب، الأوامر تتطلب التنفيذ، والإيمان يتعلق بالأخبار والأوامر، فالإيمان في باب الأخبار له ستة أركان، وردت في حديث جبريل عليه الصلاة السلام، عندما أتي النبي صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ في صورة أعرابي، شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لا يُرَي عَليْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلا يَعْرِفُهُ مِن الصحابة أَحَدٌ حتى جَلسَ إِلي النَّبِيِّ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ وَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلي رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ على فَخِذَيْهِ وَقَال: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلامِ؟
فَأخبره عن أركان الإسلام المعروفة، ثم قال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإيمان؟ قَال: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، قَال جبريل: صَدَقْتَ، فهذه ستة أركان للإيمان، تتعلق بتصديق الأخبار وما جاء عن عالم الغيب في القرآن، فالله أخبرنا في كثير من الآيات عن الأسماء والصفات التي عرفنا فيها بنفسه وأبان لنا عن وصفه، وكل ذلك من الغيبيات التي تتطلب التصديق الذي يبلغ حد اليقين، وأخبرنا عن ملائكته وخلقتهم ووصفهم وفعلهم ودورهم الذي يتعلق بالإنسان، ويتطلب منا الإيمان، وكذلك أخبرنا عن كتبه ورسله ما عمنا منهم وما لم نعلم، وليس لنا فيهم إلا الإيمان والتصديق، وأخبرنا عن اليوم الأخر وما فيه من أحوال وأهوال، وهذه الأخبار تطلب أيضا