فهرس الكتاب
الصفحة 43 من 85

بسم الله الرحمن الرحيم

شروط لا إله إلا الله - الشرط الخامس

المحبة التي تنافي البغض

الحَمْدُ للهِ الذِي خَلقَ السماوات وَالأَرْضَ وَجَعَل الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ سبحانه عالم بما كان وما هو كائن وما سيكون، إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُول لهُ كُنْ فَيَكُونُ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لهُمْ الخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللهِ وَتعالي عَمَّا يُشْرِكُونَ، وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلا هُوَ لهُ الحَمْدُ فِي الأُولي وَالآخِرَةِ وَلهُ الحُكْمُ وَإِليْهِ تُرْجَعُونَ، دلت على وحدانيته في الربوبية أجناس الآيات، وشهد لكمال علمه إتقان الصنعة في المخلوقات وأظهر قدرته على بريته فيما أبدعه من أصناف المحدثات، وأهدي برحمته لعباده نعمه التي لا يحصيها إلا رب السماوات، لا يحصي العباد ثناء عليه لما له من أنواع الكمال في الأسماء والصفات، وهو المنعوت بنعوت الكمال وصفات الجلال التي لا يماثله فيها شيء من الموجودات، وهو القدوس السلام الذي لا يلحقه شيء من الآفات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من أقر بربوبيته، وشهد بوحدانيته وانقاد لمحبته وأذعن بطاعته، واعترف بنعمته، وفر إليه من ذنبه وخطيئته، شهادة عبد أمل في عفوه ورحمته، وطمع في قبول توبته، وبريء إلي الله من حوله وقوته.

وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده، أقرب الخلق إليه وسيلة، وأعظمهم عنده جاها، وأسمعهم لديه شفاعة، وأحبهم إليه وأكرمهم عليه، أرسله للإيمان مناديا، وإلي الجنة داعيا، وإلي صراطه المستقيم هاديا، وفي مرضاته ومحبته ساعيا، وبكل معروف آمرا، وعن كل منكر ناهيا، رفع ذكره، وشرح صدره ووضع وزره، وجعل الذل والصغار على من خالف أمره، نبي أمي تقي قوي على المشركين، أقسم الله بحياته في كتابه المبين، وقرن اسمه باسم رب العالمين، فلا يصح لأحد خطبة ولا تشهد ولا أذان، حتى ترد على الآذان شهادتان، شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله:

ضم الإله اسم النبي إلي اسمه: إذ قال في الخمس المؤذن أشهد

وشق له من إسمه ليجله: فذو العرش محمود وهذا محمد

أرسله على حين فترة من الرسل، فهدي به إلي أقوم الطرق وأوضح السبل، فلا مطمع في الفوز بجزيل الثواب أو النجاة من وبيل العقاب إلا لمن كان خلفه من السالكين، ولا يؤمن عبد حتى يكون أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين، فصلي الله عليه وعلى آله الطاهرين وأصحابه الموحدين وسائر عباده المؤمنين المتبعين لهم بإحسان إلي يوم الدين.

أما بعد فإن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه جعل في الأبدان دليلا على صدق المحبين، وجعل محبته في القلوب نورا للعابدين، وسببا في منزلة أوليائه الصالحين، جعل في القلوب وأوعية وبيوتا، فخيرها أوعاها للخير والرشاد، وشرها أوعاها للغي والفساد، وما ذلك إلا لابتلاء العباد بحكمته، ليبقي الفائزون برحمته في جنته، ويشقي الخاسرون في العذاب بنقمته.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام