بسم الله الرحمن الرحيم
شروط لا إله إلا الله - الشرط الثامن
الكفر بما يعبد من دون الله
الحَمْدُ للهِ الذِي أَنزَل على عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلمْ يَجْعَل لهُ عِوَجَا قَيِّمًا ليُنذِرَ بَاسًا شَدِيدًا مِنْ لدُنْهُ وَيُبَشِّرَ المُؤْمِنِينَ الذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالحَاتِ أَنَّلهُمْ أَجْرًا حَسَنا مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا وَيُنذِرَ الذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلدًا مَا لهُمْ بِهِ مِنْ عِلمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا فَلعَلكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ على آثَارِهِمْ إِنْ لمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفًا إِنَّا جَعَلنَا مَا على الأَرْضِ زِينَةً لهَا لنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَإِنَّا لجَاعِلُونَ مَا عَليْهَا صَعِيدًا جُرُزًا) وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، شهادة تضمن الإسعاد يوم يقوم الأشهاد، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، الداعي إلي سبيل الرشاد، صلي الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين قمعوا أهل العناد، وحكموا سيوفهم في رقاب أهل الفساد، فلم يجرؤ أحد في زمانهم على إلحاد، بتمثيل أو تعطيل أو حلول أو اتحاد، أبعدنا الله عن ذلك أيما إبعاد، وحمانا منه على مر الدهور والآباد، أما بعد ..
فحديثنا بإذن الله في محاضرة اليوم عن الشرط الثامن والأخير من شروط لا إله إلا الله، وهو الكفر بما يعبد من دون الله، فشروط لا إله إلا الله التي وردت في كتاب الله وفي سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ثمانيةُ شروط، لا يصح قول اللسان ولا يصلح ركن من أركان الإيمان إلا بها: أولها العلم المنافي للجهل، ثم اليقين المنافي للشك، ثم الإخلاص المنافي للشرك، ثم الصدق المنافي للكذب، تم المحبة التي تنافي البغض، ثم القبول الذي ينافي الرد، ثم الانقياد الذي ينافي الترك، والثامن من هذه الشروط هو الكفر بما يعبد من دون الله، وقد أحسن من جمعها وعدها وحصرها في هذين البيتين فقال:
علم يقين وإخلاص وصدقك مع: محبة وانقياد والقبول لها
وزيد ثامنها الكفران منك بما: سوي الإله من الأشياء قد ألها
وآخر هذه الشروط هو الكفر بالطاغوت يقول تعالى: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَي لا انفِصَامَ لهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَليمٌ اللهُ وَليُّ الذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إلي النُّورِ وَالذِينَ كَفَرُوا أَوْليَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إلي الظُّلُمَاتِ أُوْلئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالدُونَ) .
فالتوحيد في أساسه لا يتحقق إلا بنفي وإثبات، نفي صفات الألوهية عما سوي الله، وإثباتها لله وحده، فلا يتم التوحيد حتى يشهد أن لا إله إلا الله، فلو نفيت الألوهية عما سوي الله عز وجل ولم تثبتها لله وحده لم تكن موحدا، ولو أثبت صفات الألوهية لله، ولم تنفها عمن سواه لم تكن موحدا، فالنفي المحض تعطيل محض، والإثبات المحض لا يمنع مشاركة الآخرين في الحكم، ولذلك لو قلنا مثلا: فلان غني قوي، فهنا أثبتنا له القوة والغني، لكن من الجائز أن يشاركه غيره في وصف القوة والغني، ولكن لو قلنا لا قوي ولا غني إلا فلان، فهنا وحدناه بهذين الوصفين، وأفردناه عمن سواه، فالله عز وجل قرن النفي بالإثبات ورتب ذلك في الآيات، فلا بد في صحة الإيمان بلا إله إلا الله، من