فهرس الكتاب
الصفحة 59 من 85

الصَّلوَاتِ الخَمْسَ إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا فَقَال أَخْبِرْنِي مَا فَرَضَ اللهُ على مِنَ الصِّيَامِ فَقَال شَهْرَ رَمَضَانَ إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا فَقَال أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللهُ على مِنَ الزَّكَاةِ، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ شَرَائِعَ الإِسْلامِ قَال وَالذِي أَكْرَمَكَ لا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا وَلا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللهُ على شَيْئًا فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ أَفْلحَ إِنْ صَدَقَ أَوْ دَخَل الجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ، فوضح النبي صلي الله عليه وسلم الصلاة التي حكمها الوجوب، وبين أن ما عدا ذلك فهو مستحب ومندوب.

ومن أمثلة المستحب أيضا ما ورد عند مسلم من حديث أبي هُرَيْرَةَ أنه قال: (سَمِعْتُ رَسُول اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ يَقُولُ تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ) فالأمر بالوضوء بعد تناول الطعام الذي مسته النار يدل على الوجوب، ولكن فعله صلي الله عليه وسلم صرف الأمر من الوجوب إلي المندوب، فقد روي البخاري عن عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ عن أبيه: أَنَّهُ رَأي رَسُول اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فَدُعِيَ إِلي الصَّلاةِ فَأَلقَي السِّكِّينَ فَصَلي وَلمْ يَتَوَضَّا).

3 -أما الحكم الثالث من أحكام العبودية فهو المحرم ومعناه في اللغة الممنوع، ويقصد به في الأحكام ما نهي عنه الشرع بإلزام، فإذا ورد النص في الكتاب والسنة بالنهي عن بعض الأشياء، علمنا أن الله حرم هذه الأشياء كما قال تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً) (الاسراء:32/ 33) .

ويعرَفُ الحرام من الأحكام أيضا، بورود النص بلفظ التحريم كقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ) (المائدة:3) ، وقال تعالى: (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (النور:3) ، فهذا التحريم تكليف من الله للعباد، يتطلب الامتثال والانقياد، ويعرف الحرام أيضا بأن تكون الصيغة التي تدل على ترك الفعل مقترنة بوعيد وعقاب أو الحرمانِ من الجنة ودخول العذاب، أو اللعن أو الغضب أو الذم، ومثال ذلك ما روي من حديث ابن عباس قال:

(مر رسول الله صلي الله عليه وسلم على قبرين فقال: إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستنزه من يوله وأما هذا فكان يمشي بالنميمة) ، فقرينة العقاب، والوعيد بالعذاب دلت على أن الطهارة من البول واجبة، وأن الغيبة والنميمة محرمة، وكذلك قوله صلي الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع رحم) ، فالوعيد بالمنع من دخول الجنة دليل على تحريم قطيعة الأرحام، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام من حديث أَبِي جُحَيْفَةَ عند البخاري: (وَلعَنَ الوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ وَآكِل الرِّبَا وَمُوكِلهُ وَلعَنَ المُصَوِّرَ) فاللعن دليل على حرمة الربا، وكذلك قوله صلي الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه: (ليْسَ مِنَّا مَنْ لطَمَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِليَّةِ) فقوله ليس منا، دليل على أن لطم الخدود وشق الجيوب ودعوة الجاهلية أفعال محرمة في الأحكام الشرعية.

4 -أما الحكم الرابع من أحكام العبودية فهو المكروه، والمكروه هو ما نهي عنه الشرع بغير إلزام، فهو أقل من درجة الحرام، فالمكروه يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله، ومن أمثلة المكروه، التثاؤب في الصلاة، فقد كرهه رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث قال: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ العُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَحَقٌّ على كُل مُسْلمٍ سَمِعَهُ أَنْ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام