ألم تسمع إلي الكبير المتعال، ذي القدرة والجلال، والنعم والأفضال، وهو يخاطب العقلاء عندما قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لهُ إِنَّ الذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلوْ اجْتَمَعُوا لهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالبُ وَالمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج:74:73) .
أتنتظر أن تقول كما قال المشركون عندما سألهم الله: أين ما كنتم تعبدون؟: (قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللهِ إِنْ كُنَّا لفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ العَالمِينَ وَمَا أَضَلنَا إِلا المُجْرِمُونَ) (الشعراء:99:95) .
أتسوي في الحب والتعظيم بين هؤلاء وبين ربك، وتجعل الشرك حائلا لغفران ذنبك، ألا تعلم أن الله قد قال:
(وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَي وَالبَصِيرُ وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلا الظِّلُّ وَلا الحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي القُبُورِ) (فاطر:22:23) .
من السميع لما ذهبت إلي أصم أبكم؟، ومن البصير لما استغثت بعاجز عم؟، ومن الغني لما توجهت إلي فقير معدم؟، ومن القدير لما ذهبت إلي مقبور آدم؟، ومن الرزاق الذي رزق يونس في اليم؟
ألم تسمع قول العلى العظيم عن خليله إبراهيم: (إِذْ قَال لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لهَا عَاكِفِينَ قَال هَل يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُوا بَل وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلكَ يَفْعَلُونَ قَال أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي إِلا رَبَّ العَالمِينَ الذِي خَلقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِي وَالذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِي وَالذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) (الشعراء:82:69) .
من السميع لما ذهبت إلي أصم أبكم؟ روي الإمام أحمد والنسائي وصححه الشيخ الألباني 3460 من حديث عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالتِ: (الحَمْدُ للهِ الذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ لقَدْ جَاءَتْ خَوْلةُ بنت ثعلبة إِلي رَسُول اللهِ (تَشْكُو زَوْجَهَا لما ظاهر منها، وَأَنَا معها فِي نَاحِيَةِ البَيْتِ فَكَانَ يَخْفي على كَلامُهَا وَمَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ فَأَنْزَل اللهُ عَزَّ وَجَل:(قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْل التِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلي اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة:1 ) ) ، (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلي وَرُسُلُنَا لدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) .
من البصير لما استغثت بعاجز عم؟ ومن الغني لما توجهت إلي فقير معدم؟: (وَرَبُّكَ الغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَا يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) (الأنعام:123) : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الفُقَرَاءُ إِلي اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ) (فاطر:15) ، ومن القدير لما ذهبت إلي مقبور آدم؟ ومن الرزاق الذي رزق يونس في اليم؟: (قُل مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنْ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنْ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُل أَفَلا تَتَّقُونَ) (يونس:31) : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَليْكُمْ هَل مِنْ خَالقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلهَ إِلا هُوَ فَأَنَّي تُؤْفَكُونَ) (فاطر:3) .
ألم تسمع ما رواه الإمام مسلم 2577 عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ فِيمَا رَوَي عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتعالي أَنَّهُ قَال: يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلمَ على نَفْسِي وَجَعَلتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالمُوا، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِالليْل وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي لوْ أَنَّ أَوَّلكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ