عَنْ جَابِرٍ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ ، وَمَعَنَا النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيُّ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ طُفْنَا بِالْبَيْتِ ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ " ، فَقُلْنَا : أَيُّ الْحِلِّ ؟ فَقَالَ : " الْحِلُّ كُلُّهُ " ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ ، قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اشْتَرِكُوا فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ ، كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ " ، قَالَ : فَجَاءَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ عُمْرَتَنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ ؟ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا بَلْ لِلْأَبَدِ " ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَيِّنْ لَنَا دِينَنَا ، كَأَنَّمَا خُلِقْنَا الْآنَ ، أَرَأَيْتَ الْعَمَلَ الَّذِي نَعْمَلُ بِهِ ، أَفِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ ، وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ ، أَمْ مِمَّا نَسْتَقْبِلُ ؟ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ ، وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ " ، قُلْتُ : فَفِيمَ الْعَمَلُ ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اعْمَلُوا ، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ "
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُلَائِيُّ ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ ، قَالَا : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ أَبُو خَيْثَمَةَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ ، وَمَعَنَا النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيُّ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ طُفْنَا بِالْبَيْتِ ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ ، فَقُلْنَا : أَيُّ الْحِلِّ ؟ فَقَالَ : الْحِلُّ كُلُّهُ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ ، قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اشْتَرِكُوا فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ ، كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ ، قَالَ : فَجَاءَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ عُمْرَتَنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ ؟ ، فَقَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا بَلْ لِلْأَبَدِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَيِّنْ لَنَا دِينَنَا ، كَأَنَّمَا خُلِقْنَا الْآنَ ، أَرَأَيْتَ الْعَمَلَ الَّذِي نَعْمَلُ بِهِ ، أَفِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ ، وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ ، أَمْ مِمَّا نَسْتَقْبِلُ ؟ ، فَقَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ ، وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ ، قُلْتُ : فَفِيمَ الْعَمَلُ ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اعْمَلُوا ، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ قَالَ : أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي إِفْرَادِ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْحَجَّ ، وَقِرَانِهِ وَتَمَتُّعِهِ بِهِمَا مِمَّا تَنَازَعَ فِيهَا الْأَئِمَّةُ مِنْ لَدُنِ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا ، وَيُشَنِّعُ بِهِ الْمُعَطِّلَةُ ، وَأَهْلُ الْبِدَعِ عَلَى أَئِمَّتِنَا ، وَقَالُوا : رَوَيْتُمْ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ مُتَضَادَّةٌ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ ، وَرَجُلٍ وَاحِدٍ ، وَحَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَزَعَمْتُمْ أَنَّهَا ثَلَاثَتُهَا صِحَاحٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ ، وَالْعَقْلُ يَدْفَعُ مَا قُلْتُمْ ، إِذْ مُحَالٌ أَنَّ يَكُونَ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ مُفْرَدًا قَارِنًا مُتَمَتِّعًا ، فَلَمَّا صَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ قَارِنًا مُتَمَتِّعًا مُفْرَدًا صَحَّ أَنَّ الْأَخْبَارَ يَجِبُ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهَا مَا يُوَافِقُ الْعَقْلَ ، وَمَهْمَا جَازَ لَكُمْ أَنْ تَرُدُّوا خَبَرًا يَصِحُّ ، ثُمَّ لَا تَسْتَعْمِلُوهُ ، أَوْ تُؤْثِرُوا غَيْرَهُ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ الثَّلَاثَةِ ، يَجُوزُ لِخِصْمِكُمْ أَنْ يَأْخُذَ مَا تَرَكْتُمْ وَيَتْرُكَ مَا أَخَذْتُمْ ، وَلَوْ تَمَلَّقَ قَائِلٌ هَذَا فِي الْخَلْوَةِ إِلَى الْبَارِئِ جَلَّ وَعَلَا وَسَأَلَهُ التَّوْفِيقَ لِإِصَابَةِ الْحَقِّ وَالْهِدَايَةِ لِطَلَبِ الرُّشْدِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَخْبَارِ ، وَنَفْيِ التَّضَادِ عَنِ الْآثَارِ لَعَلِمَ بِتَوْفِيقِ الْوَاحِدِ الْجَبَّارِ ، أَنَّ أَخْبَارَ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا تَضَادَ بَيْنَهَا وَلَا تَهَاتُرَ ، وَلَا يُكَذِّبُ بَعْضُهَا بَعْضًا إِذَا صَحَّتُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ ، لَعَرِفَهَا الْمُخَصُوصُونَ فِي الْعِلْمِ ، الذَّابُّونَ عَنِ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْكَذِبَ ، وَعَنْ سُنَّتِهِ الْقَدَحَ ، الْمُؤْثِرُونَ مَا صَحَّ عَنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى قَوْلِ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ أُمَّتِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَالْفَصْلُ بَيْنَ الْجَمْعِ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ أَنَّ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ حَيْثُ أَحْرَمَ ، كَذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، فَخَرَجَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يُهِلُّ بِالْعُمْرَةِ وَحْدَهَا حَتَّى بَلَغَ سَرِفَ ، أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِمَا ذَكَرْنَا فِي خَبَرِ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَفْرَدَ حِينَئِذٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَقَامَ عَلَى عُمْرَتِهِ ، وَلَمْ يَحِلَّ ، فَأَهَلَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهِمَا مَعًا حِينَئِذٍ إِلَى أَنْ دَخَلَ مَكَّةَ ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ سَاقُوا مَعَهُمُ الْهَدْيَ ، وَكُلُّ خَبَرٍ رُوِيَ فِي قِرَانِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ حَيْثُ رَأَوْهُ يُهِلُّ بِهِمَا بَعْدَ إِدْخَالِهِ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ إِلَى أَنْ دَخَلَ مَكَّةَ ، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَطَافَ وَسَعَى ، أَمَرَ ثَانِيًا مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقٍ الْهَدْيَ ، وَكَانَ قَدْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ أَنْ يَتَمَتَّعَ وَيَحِلَّ ، وَكَانَ يَتَلَهَّفُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الْإِهْلَالِ ، حَيْثُ كَانَ سَاقٍ الْهَدْيَ حَتَّى ، إِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ مِمَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ لَمْ يَكُونُوا يُحِلُّونَ حَيْثُ رَأَوَا الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا وَصَفْنَاهُ مِنْ دُخُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ وَهُوَ غَضْبَانُ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ ، وَأَحْرَمَ الْمُتَمَتِّعُونَ خَرَجَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى مِنًى ، وَهُوَ يُهِلُّ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا ، إِذِ الْعُمْرَةُ الَّتِي قَدْ أَهَلَّ بِهَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ قَدِ انْقَضَتْ عِنْدَ دُخُولِهِ مَكَّةَ بِطَوَافِهِ بِالْبَيْتِ وَسَعْيِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَحَكَى ابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ أَرَادَ مِنْ خُرُوجِهِ إِلَى مِنًى مِنْ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ تَضَادٌ أَوْ تَهَاتُرٌ ، وَفَّقَنَا اللَّهُ لِمَا يُقَرِّبُنَا إِلَيْهِ ، وَيَزْلِفُنَا لَدَيْهِ مِنَ الْخُضُوعِ عِنْدَ وُرُودِ السُّنَنِ إِذَا صَحَّتْ ، وَالِانْقِيَادِ لِقُبُولِهَا وَاتِّهَامِ الْأَنْفُسِ وَإِلْزَاقِ الْعَيْبِ بِهَا إِذَا لَمْ نُوَفَّقْ لِإِدْرَاكِ حَقِيقَةِ الصَّوَابِ دُونَ الْقَدْحِ فِي السُّنَنِ وَالتَّعَرُّجِ عَلَى الْآرَاءِ الْمَنْكُوسَةِ وَالْمَقَايَسَاتِ الْمَعْكُوسَةِ ، إِنَّهُ خَيْرُ مَسْؤُولٍ