" إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ " .
وَقَدْ شَدَّ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ . كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ . وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ أَبُو الْأَشْهَبِ الْبَكْرَاوِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ أَيْضًا . وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَازِبٍ ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ أَيْضًا ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ : وَأَمْوَالَكُمْ قَالَ : وَكَانَ مَا وَجَبَ مِنَ الْحُقُوقِ فِي الْأَمْوَالِ الْمُحَرَّمَةِ وَفِي الدِّمَاءِ الْمُحَرَّمَةِ مِنَ الْعُقُوبَاتِ الْعَفْوَ عَنْهَا إِلَى أَهْلِهَا الَّذِينَ وَجَبَتْ لَهُمْ ، لَا إِلَى الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ يُقِيمُونَهَا لَهُمْ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ الْحُقُوقُ فِي الْأَعْرَاضِ إِنَّمَا هِيَ التَّجَافِي عَنْهَا , وَالْعَفْوُ عَنْهَا هِيَ إِلَى أَهْلِهَا الَّذِينَ يَأْخُذُهَا الْأَئِمَّةُ لَهُمْ ، لَا إِلَى الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَهَا لَهُمْ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِلَّا حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أَوْ إِلَّا الْحُدُودَ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي أُمِرَ بِالتَّجَافِي عَنْهُ وَالصَّفْحِ عَمَّنْ كَانَ مِنْهُ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنَ الْهَفَوَاتِ وَمِنَ الزَّلَّاتِ إِنَّمَا هُوَ عَمَّنْ مَعَهُ الْمُرُوءَةُ أَوِ الْهَيْئَةُ الَّذِينَ لَمْ يُخْرِجْهُمْ مَا كَانَ مِنْهُمْ مِنَ الزَّلَّاتِ وَالْهَفَوَاتِ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْمُرُوءَاتِ وَمِنَ الْهَيْئَاتِ الَّتِي هِيَ الصَّلَاحُ ؛ فَاسْتَحَقُّوا بِذَلِكَ التَّجَافِيَ لَهُمْ وَالْعَفْوَ عَنْهُمْ ، فَأَمَّا مَنْ أَتَى مَا يُوجِبُ حَدًّا ، إمَّا قَذْفًا لِمُحْصَنَةٍ , أَوْ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُوجِبُ الْحُدُودَ ؛ فَقَدْ خَرَجَ بِذَلِكَ عَنِ الْمَعْنَى الَّذِي أُمِرَ أَنْ يَتَجَافَى عَنْ زَلَّاتِ أَهْلِهِ ، وَصَارَ بِذَلِكَ فَاسِقًا رَاكِبًا لِلْكَبَائِرِ الَّتِي قَدْ تَقَدَّمَ وَعِيدُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِرَاكِبِيهَا بِالْعُقُوبَاتِ عَلَيْهَا , وَإِلْزَامُ الْفِسْقِ إيَّاهُمْ لِأَجْلِهَا ، وَإِسْقَاطُ الْعَدْلِ مِنَ الشَّهَادَاتِ مِنْهُمْ لَهَا وَمَنْ صَارَ كَذَلِكَ ، فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْأَئِمَّةِ التَّعْزِيرَ فِي ذَلِكَ وَعَلَى ذَوِي الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ لَهُمْ فِيهِ إقَامَةَ عُقُوبَاتِهِمْ عَلَيْهِمْ ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ زَاجِرًا لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ عَنْ إتْيَانِ مِثْلِ ذَلِكَ وَالْمُعَاوَدَةِ لَهُ ، وَلِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ لِمَا يُوجِبُ تَفْسِيقَ مَنْ يَجِبُ تَفْسِيقُهُ مِنْهُمْ حَتَّى لَا تُقْبَلَ لَهُمْ شَهَادَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا حَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ . وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ