جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لِي . فَقَالَ الْكِنْدِيُّ : هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَضْرَمِيِّ : " أَلَكَ بَيِّنَةٌ ؟ " ، فَقَالَ : لَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَأُحَلِّفُهُ ؟ " ، فَقَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ يَمِينٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ " . فَانْطَلَقَ لِيُحَلِّفَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَا أَنَّهُ إِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِكِ ظَالِمًا لِيَأْكُلَهُ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لِي . فَقَالَ الْكِنْدِيُّ : هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْحَضْرَمِيِّ : أَلَكَ بَيِّنَةٌ ؟ ، فَقَالَ : لَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَأُحَلِّفُهُ ؟ ، فَقَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ يَمِينٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ . فَانْطَلَقَ لِيُحَلِّفَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَمَا أَنَّهُ إِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِكِ ظَالِمًا لِيَأْكُلَهُ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا جَنْدَلُ بْنُ وَالِقٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لِي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَمِينُكَ أَوْ يَمِينُهُ لَيْسَ لَكُمْ فِيهِ إِلَّا ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا بِغَيْرِ الْبَيِّنَةِ فَهَذَا يَنْفِي الْقَضَاءَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ . وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِنَا أَنْ نَحْمِلَ وَجْهَ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ تَأْوِيلُهُ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا يُوَافِقُ هَذَا لَا عَلَى مَا يُخَالِفُهُ . وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ . فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْيَمِينَ لَا يَكُونُ أَبَدًا إِلَّا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِالْإِسْنَادِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ . وَأَمَّا النَّظَرُ فِي هَذَا فَإِنَّهُ يُغْنِينَا عَنْ ذِكْرِ أَكْثَرِ فَسَادِ قَوْلِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ . فَجَعَلُوا ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ . فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ كَانَ حُكْمُ الْأَمْوَالِ فِي النَّظَرِ أَيْضًا كَذَلِكَ . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى