عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً حِينَ تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً حِينَ تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ إِذَا أَصَابُوا شَيْئًا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِمِ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِمْ وَيَرْضَوْا بِحُكْمِهِمْ فَإِذَا تَحَاكَمُوا إِلَيْهِمْ كَانَ الْإِمَامُ مُخَيَّرًا إِنْ شَاءَ أَعْرَضَ عَنْهُمْ فَلَمْ يَنْظُرْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ شَاءَ حَكَمَ . وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا : عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ فَكُلَّمَا وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِيمَا أَصَابُوا مِنَ الْحُدُودِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ غَيْرَ مَا اسْتَحَلُّوا بِهِ فِي دِينِهِمْ كَشُرْبِهِمِ الْخَمْرَ وَمَا أَشْبَهَهُ وَأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ حَالُهُمْ فِيهِ وَحَالُ الْمُسْلِمِينَ يُعَاقَبُونَ عَلَى ذَلِكَ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ لَا يُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ مَا خَلَا الرَّجْمَ فِي الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا يُقَامُ عِنْدَهُمْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ الَّتِي يَجِبُ بِهَا الْإِحْصَانُ فِي قَوْلِهِمْ أَحَدُهَا الْإِسْلَامُ . فَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْعُقُوبَاتِ الْوَاجِبَاتِ فِي انْتِهَاكِ الْحُرُمَاتِ فَإِنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ فِيهِ كَأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ . وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا أَخْبَرَ فِيهِ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجَمَ الْيَهُودَ حِينَ تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ . وَلَمْ يَقُلْ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّمَا رَجَمْتُهُمْ لِأَنَّهُمْ تَحَاكَمُوا إِلَيَّ . وَلَوْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَعُلِمَ أَنَّ الْحَكَمَ مِنْهُ إِنَّمَا يَكُونُ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ وَأَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ لَمْ يَنْظُرْ فِي أُمُورِهِمْ . وَلَكِنَّهُ لَمْ يَجِئْ إِنَّمَا جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَمَهُمْ حِينَ تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ . فَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَحُكْمِهِ إِذْ تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ وَلَمْ يُخْبِرْ عَنْ حُكْمِهِمْ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ فِيهِ إِقَامَةُ الْحَدِّ أَمْ لَا ؟ . فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَلَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ رَأْيِهِ . ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ هَلْ نَجِدُ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ؟