حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي الْمَقْبُرِيَّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ : ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ قَالَ : عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ ، إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا ذَنْبٍ ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ الْغَدُ ، ثُمَّ قَالَ : مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ قَالَ : مَا قُلْتُ : إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ ، وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا ذَنْبٍ ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدُ الْغَدِ ، ثُمَّ قَالَ : مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ قَالَ : عِنْدِي مَا قُلْتُ ، إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ ، وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا ذَنْبٍ ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ ، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، يَا مُحَمَّدُ ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ ، وَاللَّهِ مَا كَانَ بَلَدٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ ، فَمَاذَا تَرَى ؟ فَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ : صَبَوْتَ ؟ قَالَ : لَا ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ ، وَلَا وَاللَّهِ لَا تَأْتِيكُمُ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سَعِيدِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَخِي ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : خَرَجَتْ خَيْلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَخَذَتْ رَجُلًا مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ لَا يَشْعُرُونَ مَنْ هُوَ حَتَّى أَتَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : أَتَدْرُونَ مَنْ أَخَذْتُمْ ؟ قَالُوا : لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : هَذَا ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ ، هَذَا سَيِّدُ حَنِيفَةَ وَفَارِسُهَا - وَكَانَ رَجُلًا عَلِيلًا - أَحْسِنُوا إِسَارَهُ ، وَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ : اجْمَعُوا مَا قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ طَعَامِكُمْ فَابْعَثُوا بِهِ إِلَيْهِ ، وَأَمَرَ بِلِقْحَةٍ لَهُ يُغْدَى بِهَا عَلَيْهِ وَيُرَاحُ ، فَلَا يَقَعُ مِنْ ثُمَامَةَ مَوْقِعًا ، وَيَأْتِيهِ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِبَعْضِ ذَلِكَ فَيَقُولُ : إِيهًا يَا ثُمَامَةُ ، فَيَقُولُ : إِيهًا يَا مُحَمَّدُ ، إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ ، وَإِنْ تُرِدِ الْفِدَاءَ فَسَلْ مَالًا مَا شِئْتَ ، فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ : أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ ، فَلَمَّا أَطْلَقُوهُ خَرَجَ حَتَّى أَتَى الصَّوْرَيْنِ فَتَطَهَّرَ بِأَحْسَنِ طَهُورِهِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ ، فَلَمَّا أَمْسَى جَاءُوا بِمَا كَانُوا يَأْتُونَهُ مِنْ طَعَامٍ فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا ، وَجَاءُوا بِاللِّقْحَةِ فَلَمْ يُصِبْ مِنْ حِلَابِهَا إِلَّا يَسِيرًا ، فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ بَلَغَهُ : مَا يَعْجَبُونَ مِنْ رَجُلٍ أَكَلَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فِي مِعَاءِ كَافِرٍ ، وَأَكَلَ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ فِي مِعَاءِ مُسْلِمٍ ، الْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ، وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعَاءٍ وَاحِدٍ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، وَأَبُو زُمَيْلٍ ، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَخَذُوا ثُمَامَةَ وَهُوَ طَلِيقٌ ، وَأَخْذُوهُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَغْزُوَ بَنِي قُشَيْرٍ ، فَجَاءُوا بِهِ أَسِيرًا إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ مُوثَقٌ ، فَأَمَرَ بِهِ فَسُجِنَ ، فَحَبَسَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي السِّجْنِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَقَالَ : يَا ثُمَامَةُ ، إِنِّي فَاعِلٌ بِكَ إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِنِّي قَاتِلُكَ ، أَوْ تَفْدِي نَفْسَكَ ، أَوْ نَعْتِقُكَ قَالَ : إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ سَيِّدَ قَوْمِهِ ، وَإِنْ تُفَادِي فَلَكَ مَا شِئْتَ ، وَإِنْ تُعْتِقْنِي تُعْتِقْ شَاكِرًا , قَالَ : فَإِنِّي قَدْ أَعْتَقْتُكَ قَالَ : فَأَنَا عَلَى أَيِّ دِينٍ شِئْتُ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَأَتَيْتُ الْمَرْأَةَ الَّتِي كُنْتُ مُوثَقًا عِنْدَهَا فَقُلْتُ : كَيْفَ الْإِسْلَامُ ؟ فَأَمَرَتْ لِي بِصَحْفَةِ مَاءٍ فَاغْتَسَلْتُ ، ثُمَّ عَلَّمَتْنِي مَا أَقُولُ ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقُلْتُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، ثُمَّ قَدِمْتُ مَكَّةَ فَقُلْتُ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ ، إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَلَا تَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ تَمْرَةٌ وَلَا بُرَّةٌ أَبَدًا أَوْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَكَتَبَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَسْأَلُونَهُ بِاللَّهِ وَبِالرَّحِمِ أَنْ لَا يَحْبِسَ الطَّعَامَ عَنْ مَكَّةَ حَرَمِ اللَّهِ وَأَمْنِهِ ، فَقَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا ثُمَامَةُ ، لَا يَثْأَرُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ ، وَلَكِنِ ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَمَنْ أَقَرَّ مِنْهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَاتَّبَعَكَ فَانْطَلِقْ إِلَى بَنِي قُشَيْرٍ وَلَا تُقَاتِلْهُمْ حَتَّى تَدْعُوهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِنْ بَايَعُوكَ حُرِّمَتْ عَلَيْكَ دِمَاؤُهُمْ ، وَإِنْ لَمْ يُبَايِعُوكَ فَقَاتِلْهُمْ . فَدَعَا قَوْمَهُ فَأَسْلَمُوا مَعَهُ ، ثُمَّ غَزَا بَنِي قُشَيْرٍ فَثَأَرَ بِابْنِهِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ ، عَنِ ابْنِ غَزِيَّةَ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ الْحَنَفِيِّ يُؤْتَى بِهِ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ : فَأَخْبَرَنِي جَعْفَرٌ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ ، أَصَابَهُ بِنَخْلَةٍ فَأَسَرَهُ وَجَاءَ بِهِ ، ثُمَّ رَجَعَ حَدِيثُ ابْنِ غَزِيَّةَ قَالَ : فَرُبِطَ إِلَى سَارِيَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ فِي حَدِيثِهِ : إِلَى السَّارِيَةِ الَّتِي ارْتَبَطَ إِلَيْهَا أَبُو لُبَابَةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَوَجَدَهُ فَقَالَ : يَا ثُمَامُ ، مَا تَظُنُّ أَنِّي فَاعِلٌ بِكَ ؟ قَالَ : إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ ، وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ ، وَإِنْ تَسَلْ مَالًا تُعْطَهْ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : اللَّهُمَّ أُعَلِّقُ فِي نَفْسِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْفِدَاءَ ، فَوَاللَّهِ لَأَكْلَةٌ مِنْ لَحْمِ جَزُورٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ دَمِ ثُمَامَةَ ، ثُمَّ مَرَّ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَائِحًا فَأَعَادَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا قَالَ لَهُ ، ثُمَّ أَعَادَ ذَلِكَ الثَّالِثَةَ فَرَدَّ عَلَيْهِ جَوَابَهُ الْأَوَّلَ ، فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَطْلَقَهُ ، فَخَرَجَ ثُمَامَةُ إِلَى الْمَنَاصِعِ فَاغْتَسَلَ وَرَحَضَ ثَوْبَيْهِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ كَتَبَ أَبُو ثُمَامَةَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَرْبٌ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَكَانَ مَادَّةُ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ قِبَلِ الْيَمَامَةِ : أَمَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، لَا يَأْتِيَنَّكُمْ طَعَامٌ وَلَا حَبَّةٌ مِنْ قِبَلِ الْيَمَامَةِ حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَأَضَرَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ مَكَّةَ حَتَّى كَتَبُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَهُمْ حَرْبٌ ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِي ثُمَامَةَ ، أَنْ لَا تَقْطَعْ عَنْهُمْ مَوَادَّهُمُ الَّتِي كَانَتْ تَأْتِيهِمْ . فَفَعَلَ
حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : كَانَتِ الْعَضْبَاءُ لِرَجُلٍ مِنْ عَقِيلٍ ، وَكَانَتْ مِنْ سَوَابِقِ الْحَاجِّ ، فَأُعْسِرَ الرَّجُلُ وَأُخِذَتِ الْعَضْبَاءُ مِنْهُ ، فَمَرَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ فِي وَثَاقٍ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، عَلَامَ تَأْخُذُونَنِي وَتَأْخُذُونَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَأْخُذُكَ بِجَرِيرَةِ قَوْمِكَ وَحُلَفَائِكَ ثَقِيفٍ قَالَ : وَكَانَتْ ثَقِيفٌ قَدْ أَسَرُوا رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَقَالَ فِيمَا قَالَ : إِنِّي مُسْلِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَلَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ قَالَ : وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي ، وَإِنِّي ظَمْآنُ فَاسْقِنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَذِهِ حَاجَتُكَ ، فَفُدِيَ بِالرَّجُلَيْنِ ، وَحَبَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْعَضْبَاءَ لِرَحْلِهِ قَالَ : ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ فَذَهَبُوا بِهِ ، وَكَانَتِ الْعَضْبَاءُ فِيهِ وَأَسَرُوا امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَكَانُوا إِذَا نَزَلُوا أَرَاحُوا إِبِلَهُمْ بِأَفْنِيَتِهِمْ ، فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ لَيْلًا بَعْدَمَا نُوِّمُوا ، فَجَعَلَتْ كُلَّمَا أَتَتْ عَلَى بَعِيرٍ رَغَا حَتَّى أَتَتْ عَلَى الْعَضْبَاءِ ، فَأَتَتْ عَلَى نَاقَةٍ ذَلُولٍ مُجَرَّبَةٍ ، فَرَكِبَتْهَا ، ثُمَّ وَجَّهَتْهَا قِبَلَ الْمَدِينَةِ ، وَنَذَرَتْ إِنِ اللَّهُ أَنْجَاهَا عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا ، فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ عُرِفَتِ النَّاقَةُ وَقِيلَ : نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِنَذْرِهَا ، وَأَتَتْهُ فَأَخْبَرَتْهُ فَقَالَ : بِئْسَ مَا جَزَتْهَا ، أَوْ بِئْسَ مَا جَزَيْتِيهَا ، نَذَرَتْ إِنِ اللَّهُ أَنْجَاهَا عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا ، ثُمَّ قَالَ : لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ قَالَ عَفَّانُ : وَقَالَ لِي وُهَيْبٌ : كَانَتْ ثَقِيفٌ حُلَفَاءَ بَنِي عَقِيلٍ ، وَقَالَ عَفَّانُ : وَزَادَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ : وَكَانَتِ الْعَضْبَاءُ إِذَا جَاءَتْ لَا تُمْنَعُ مِنْ حَوْضٍ وَلَا نَبْتٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، بِنَحْوِهِ ، وَزَادَ : فَفَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالرَّجُلَيْنِ
حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِطَعَامٍ ، ثُمَّ فَدَاهُ بِالرَّجُلَيْنِ
حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِطَعَامٍ قَالَ أَبُو زَيْدٍ : كَانَ مَرْوَانُ بْنُ قَيْسٍ الدَّوْسِيُّ خَرَجَ يُرِيدُ الْهِجْرَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَمَرَّ بِإِبِلٍ لِثَقِيفٍ فَاطَّرَدَهَا ، فَأَغَارَتْ ثَقِيفٌ فَأَخَذَتِ ابْنَهُ وَامْرَأَتَيْنِ لَهُ وَإِبِلًا ، فَلَمَّا طَفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ حُنَيْنٍ يُرِيدُ الطَّائِفَ شَكَا إِلَيْهِ مَرْوَانُ مَا فَعَلَتْ بِهِ ثَقِيفٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، إِنْ كَانَ قَالَهُ : خُذْ أَوَّلَ غُلَامَيْنِ تَلْقَاهُمَا مِنْ هَوَزِانَ فَأَخَذَ أُبَيَّ بْنَ مَالِكٍ ، وَيُقَالُ : ابْنُ سَلَمَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُشَيْرٍ ، وَالْآخَرُ حَيْدَةُ أَحَدُ بَنِي الْجَرِيشِ ، فَأَتَى بِهِمَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَنَسَبَهُما فَقَالَ لِأُبَيٍّ : أَمَّا هَذَا فَإِنَّ أَخَاهُ يَزْعُمُ وَيُزْعَمُ لَهُ أَنَّهُ فَتَى أَهِلِ الْمَشْرِقِ ، كَيْفَ قَالَ الْقَائِلُ يَا أَبَا بَكْرٍ ؟ قَالَ : فَقَالَ : إِنَّ نَهِيكًا أَبَى إِلَّا خَلِيقَتَهُ حَتَّى تَزُولَ جِبَالُ الْحَرَّةِ السُّودِ قَالَ أَبُو زَيْدِ بْنُ شَبَّةَ : وَالشِّعْرُ لِنَهِيكٍ ، وَقِيلَ : هَذَا الْبَيْتُ مِنْهُ : يَا خَالُ دَعْنِي وَمَالِي مَا فَعَلْتُ بِهِ وَخُذْ نَصِيبَكَ مِنِّي إِنَّنِي مُودِي وَأَمَّا هَذَا - لِابْنِ حَيْدَةَ - فَإِنَّهُ مِنْ قَوْمٍ صَلِيبٌ نَسَبُهُمْ ، شَدِيدٌ بَأْسُهُمْ ، اشْدُدْ يَدَيْكَ بِهِمَا حَتَّى تُؤَدِّيَ إِلَيْكَ ثَقِيفٌ أَهْلَكَ وَمَالَكَ قَالَ أُبَيٌّ : يَا مُحَمَّدُ ، أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ خَرَجْتَ تَضْرِبُ رِقَابَ النَّاسِ عَلَى الْحَقِّ ؟ قَالَ : بَلَى قَالَ : فَأَنْتَ وَاللَّهِ أَوْلَى بِثَقِيفٍ مِنِّي ، شَارَكْتَهُمْ فِي الدَّارِ الْمَسْكُونَةِ ، وَالْأَمْوَالِ الْمَعْمُورَةِ ، وَالْمَرْأَةِ الْمَنْكُوحَةِ قَالَ : بَلْ أَنْتَ أَوْلَى بِهِمْ مِنِّي ، أَنْتَ أَخُوهُمْ فِي الْعَصَبِ ، وَحَلِيفُهُمْ بِاللَّهِ مَا دَامَ الصَّالِفُ مَكَانَهُ ، وَلَنْ يَزُولَ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ، وَقَالَ لِمَرْوَانَ : اجْلِسْ إِلَيْهِمَا ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ، فَأَجَازَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ ، فَأَمَرَ بِلَالًا بِأَلَّا يُغْلِقَ عَلَيْهِمَا ، فَجَاءَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ أَحَدُ بَنِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَى ثَقِيفٍ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَكَلَّمَهُمْ فِي أَهْلِ مَرْوَانَ وَمَالِهِ ، فَوَهَبُوهُ لَهُ ، فَدَفَعَهُ إِلَى مَرْوَانَ فَأَطْلَقَ الْغُلَامَيْنِ ، فَعَتَبَ الضَّحَّاكُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ مَالِكٍ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ فَقَالَ يَذْكُرُ بَلَاءَهُ عِنْدَهُ : أَتَنْسَى بَلَائِي يَا أُبَيُّ بْنَ مَالِكٍ غَدَاةَ الرَّسُولُ مُعْرِضٌ عَنْكَ أَشْوَسُ يَقُودُكَ مَرْوَانُ بْنُ قَيْسٍ بِحَبْلِهِ ذَلِيلًا كَمَا قِيدَ الذَّلُولُ الْمُخَيَّسُ فَعَادَتْ عَلَيْكَ مِنْ ثَقِيفٍ عِصَابَةٌ مَتَى يَأْتِهِمْ مُسْتَقْبِسُ الشَّرِّ يَقْبِسُوا وَيُقَالُ : إِنَّ نَهِيكًا رَكِبَ إِلَى ثَقِيفٍ فَكَلَّمَهُمْ ، وَإِنَّهُ قَالَ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ لِأَخِيهِ أُبَيِّ بْنِ مَالِكٍ وَمَنْ مَعَهُمَا : وَكَانُوا هُمُ الْمَوْلَى فَنَادَوْا بِحِلْمِهِمْ عَلَيْكَ وَقَدْ كَادَتْ بِكَ النَّفْسُ تَيْأَسُ لَعَمْرُو أَبِيكَ يَا أُبَيُّ بْنَ مَالِكٍ لِغَيْرِ الَّذِي تَأْتِي مِنَ الْأَمْرِ أَكْيَسُ
حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَةَ الْأَسْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَهُ ، وَأَبَا قَتَادَةَ ، وَمُحَلِّمَ بْنَ جَثَّامَةَ ، سَرِيَّةً إِلَى إِضَمَ قَالَ : فَلَقِيَنَا عَامِرُ بْنُ الْأَضْبَطِ الْأَشْجَعِيُّ ، فَحَيَّاهُمْ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ ، فَكَفَّ أَبُو قَتَادَةَ وَأَبُو حَدْرَةَ ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ فَقَتَلَهُ ، فَسَلَبَهُ بَعِيرًا لَهُ وَمُتَيْعًا وَرَطْبًا مِنْ لَبَنٍ ، فَلَمَّا قَدِمُوا أَخْبَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : قَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ : آمَنْتُ بِاللَّهِ ؟ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسَتْ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ }}
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : فَحَدَّثَنِي ابْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ ضُمَيْرَةِ بْنِ سَعْدٍ الضُّمَرِيَّ ، يُحَدِّثُ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَجَدِّهِ ، وَقَدْ كَانَا شَهِدَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حُنَيْنًا قَالَ : فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَاةَ الظُّهْرِ فَقَامَ إِلَى ظِلِّ شَجَرَةٍ فَقَعَدَ فِيهِ ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ يَطْلُبُ بِدَمِ عَامِرِ بْنِ الْأَضْبَطِ الْأَشْجَعِيِّ ، وَهُوَ سَيِّدُ قَيْسٍ ، وَجَاءَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ يَرُدُّ عَنْ دَمِ مُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ ، وَهُوَ سَيِّدُ خِنْدِفَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِقَوْمِ عَامِرِ بْنِ الْأَضْبَطِ : هَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِنَّا الْآنَ خَمْسِينَ بَعِيرًا وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ ؟ فَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ : لَا وَاللَّهِ لَا أَدَعُهُ حَتَّى أُذِيقَ نِسَاءَهُ مِنَ الْحُزْنِ مِثْلَ مَا أَذَاقَ نِسَائِي ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ مُكَيْتِلٌ ، وَهُوَ الْقَصِيرُ مِنَ الرِّجَالِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَجِدُ لِهَذَا الْقَتِيلِ مَثَلًا فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَّا كَغَنَمٍ وَرَدَتْ فَرُمِيَتْ أُولَاهَا وَنَفَرَتْ أُخْرَاهَا ، اسْنُنِ الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا خَمْسِينَ بَعِيرًا الْآنَ وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ ؟ فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى رَضُوا بِالدِّيَةِ فَقَالَ قَوْمُ مُحَلِّمٍ : ايتُوا بِهِ حَتَّى يَسْتَغْفِرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ ضَرْبُ اللَّحْمِ فِي حُلَّةٍ قَدْ تَهَيَّأَ لِلْقَتْلِ فِيهَا ، فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : اللَّهُمَّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ ، اللَّهُمَّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ قَالَ : فَقَامَ وَإِنَّهُ لَيَتَلَقَّى دَمْعَهُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ : زَعَمَ قَوْمُهُ أَنَّهُ اسْتَغْفَرَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَةَ الْأَسْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، بِنَحْوِهِ ، وَقَالَ زِيَادُ بْنُ ضُمَيْرَةَ : وَقَالَ : فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، أَنَّ جَيْشًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ غَزَوْا قَوْمًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ، فَحَمَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَقَالَ : إِنِّي مُسْلِمٌ ، فَقَتَلَهُ قَالَ خَالِدٌ : فَحَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ ، أَنَّهُ كَانَ مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ الَّذِي حَمَلَ عَلَى الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ : إِنِّي مُسْلِمٌ ، فَقَتَلَهُ ، فَجَاءَ قَوْمُهُ ، وَأَسْلَمُوا ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ مُحَلِّمَ بْنَ جَثَّامَةَ قَتَلَ صَاحِبَنَا بَعْدَمَا قَالَ : إِنِّي مُسْلِمٌ فَقَالَ : أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ : إِنِّي مُسْلِمٌ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا فَقَالَ : فَلَوْلَا شَقَقَتْ عَنْ قَلْبِهِ لِتَعْلَمَ ذَاكَ قَالَ : فَكُنْتُ أَعْلَمُهُ قَالَ : فَلِمَ قَتَلْتَهُ ؟ ثُمَّ قَالَ : أَنَا آخِذٌ مَنْ أَخَذَ بِكِتَابِ اللَّهِ ، فَاقْعُدْ لِلْقَصَاصِ ، فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَقْتُلُوهُ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَكَلَّمَ قَوْمَهُ فَأَعْطَاهُمُ الدِّيَةَ ، وَأَعْطَاهُمْ مُحَلِّمٌ دِيَةً أُخْرَى ، فَأَخَذُوا دِيَتَيْنِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ سَمْعَانَ ، وَغَيْرُهُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ الْكَعْبِيِّ قَالَ : أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَرِيَّةً فَلَقُوا الْمُشْرِكِينَ فِي إِضَمٍ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ ، فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ ، وَغَشِيَ مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيُّ عَامِرَ بْنَ الْأَضْبَطِ الْأَشْجَعِيَّ ، فَلَمَّا لَحِقَهُ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . فَلَمْ يَنْتَهِ بِكَلِمَتِهِ حَتَّى قَتَلَهُ ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَرْسَلَ إِلَى مُحَلِّمٍ فَقَالَ : أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنْ كَانَ قَالَهَا فَإِنَّمَا يَعُوذُ بِهَا وَهُوَ كَافِرٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَلَا ثَقَبْتَ عَنْ قَلْبِهِ ؟ قَالَ : يُرِيدُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، إِنَّمَا كَانَ يُعْرِبُ عَنِ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ قَالَ ابْنُ سَمْعَانَ : وَإِنَّهُ قَتَلَهُ مُحَلِّمٌ رَغْبَةً فِي سِلَاحِهِ ، وَفِيهِ أُنْزِلَتِ هَذِهِ الْآيَةُ : {{ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا }} . قَالَ الْوَلِيدُ : وَأَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ فَكَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ : إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ فِي قَتْلِ مِرْدَاسٍ الْفَدَكِيِّ
قَالَ : وَحَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي الْوَزِيرِ ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي قَاتِلِ مِرْدَاسٍ الْفَدَكِيِّ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ : {{ فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ }} قَالَ : كُنْتُمْ كُفَّارًا حَتَّى مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِالْإِسْلَامِ ، {{ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا }} قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ، فِيمَا حُدِّثْنَا ، فِي مِرْدَاسٍ ، رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا عَلَيْهِمْ غَالِبٌ اللَّيْثِيُّ إِلَى أَهْلِ فَدَكٍ ، فَبَرَزَ أَهْلُ مِرْدَاسٍ فِي الْجَبَلِ وَصَبَّحَتْهُ الْخَيْلُ غُدْوَةً ، وَقَالَ لِأَهْلِهِ : إِنِّي مُسْلِمٌ ، وَإِنِّي غَيْرُ مُتَّبِعِكُمْ . فَفَرَّ أَهْلُهُ فِي الْجَبَلِ ، فَلَقِيَتْهُ الْخَيْلُ غُدْوَةً ، فَلَمَّا لَقِيَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا كُلَّ مَا مَعَهُ مِنْ شَيْءٍ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِهِ {{ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا }} قَالَ : لِأَنَّ تَحِيَّةَ الْمُسْلِمِينَ السَّلَامُ ، بِهَا يَتَعَارَفُونَ ، وَيَلْقَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَوْسٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، مِنْ قُرَيْشٍ : الَّذِي قَتَلَ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ قَالَ : إِنِّي مُسْلِمٌ ، فَطُلِبَ بِدَمِهِ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَوَكِيعٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ : إِنِّي مُسْلِمٌ ؟ فَقَالَ : إِنَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَ مُتَعَوِّذًا قَالَ : أَفَلَا شَرَحْتَ عَنْ صَدْرِهِ ؟ قَالَ : فَدَفَعَهُ إِلَيْهِمْ ، فَعَرَفُوا فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْكَرَاهَةَ ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِمَا حَتَّى رَضِيَا بِالدِّيَةِ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهُمَا قَدْ رَضِيَا بِالدِّيَةِ قَالَ : فَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا عَلَى السِّقَايَةِ ، وَقَالَ : دَنَّاهُ مِنْهَا
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْوَزِيرِ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : قَدِمَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ مَكَّةَ فَقَالَتْ لَهُمْ قُرَيْشٌ : أَنْتُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ وَأَهْلُ الْعِلْمِ ، فَأَخْبَرُونَا عَنَّا وَعَنْ مُحَمَّدٍ ، قَالُوا : مَا أَنْتُمْ وَمَا مُحَمَّدٌ ؟ قَالُوا : نَحْنُ نَنْحَرُ الْكَوْمَاءَ ، وَنَفُكُّ الْعَنَاءَ ، وَنَسْقِي اللَّبَنَ عَلَى الْمَاءِ , وَنَسْقِي الْحَجِيجَ ، وَنَصِلُ الْأَرْحَامَ ، قَالُوا : فَمَا مُحَمَّدٌ ؟ قَالُوا : صُنْبُورٌ ، قَطَعَ أَرْحَامَنَا ، وَاتَّبَعَهُ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ بَنُو غِفَارٍ ، فَنَحْنُ أَهْدَى سَبِيلًا أَمْ مُحَمَّدٌ ؟ قَالُوا : أَنْتُمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا }}
حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْيَمَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ ، عَنْ جُوَيْبِرٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، فِي قَوْلِهِ : {{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ }} ، يَعْنُونَ بِذَلِكَ الْيَهُودَ ، جَعَلُوا كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ وَحُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ حَكَمَيْنِ ، مَا حَكَمَا مِنْ شَيْءٍ خِلَافَ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ يُوَافِقُ كِتَابَ اللَّهِ رَضُوا بِهِ ، وَتَرَكُوا الْكِتَابَ الَّذِي عِنْدَهُمْ ، فَزَعَمَا وَأَهْلُ دِينِهِمَا أَنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ أَهْدَى سَبِيلًا مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ عَلَى هُدًى مِنَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ : {{ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا }} . قَالَ جُوَيْبِرٍ : حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ : الْجِبْتُ ، وَكَعْبٌ : الطَّاغُوتُ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ دَاوُدَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : لَمَّا قَدِمَ ابْنُ الْأَشْرَفِ مَكَّةَ قَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ : أَنْتَ حَبْرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسَيِّدُهُمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالُوا : أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا الصَّبِيِّ الْأَبْتَرِ مِنْ قَوْمِهِ ، يَزْعُمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَّا وَنَحْنُ أَهْلُ الْحَجِيجِ وَأَهْلُ السِّدَانَةِ وَأَهْلُ السِّقَايَةِ ؟ قَالَ : أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ ، فَنَزَلَتْ {{ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ }} ، وَنَزَلَتْ : {{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا }} ، {{ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا }}
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ ، عَنْ شَيْبَانَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ : {{ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ }} قَالَ : كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّ الْجِبْتَ الشَّيْطَانُ ، وَالطَّاغُوتَ الْكَاهِنُ ، وَقَوْلُهُ : {{ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا }} قَالَ : ذَاكَ عَدُوَّا اللَّهِ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ ، وَكَانَا مِنْ أَشْرَافِ يَهُودَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ ، لَقِيَا قُرَيْشًا بِالْمَوْسِمِ فَقَالَ لَهُمَا الْمُشْرِكُونَ : أَنَحْنُ أَهْدَى أَمْ مُحَمَّدٌ ؟ فَإِنَّا أَهْلُ السِّدَانَةِ ، وَأَهْلُ السِّقَايَةِ ، وَجِيرَانُ الْحَرَمِ قَالَا : بَلْ أَنْتُمْ أَهْدَى مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُمَا كَاذِبَانِ ، إِنَّمَا حَمَلَهُمَا عَلَى ذَلِكَ حَسَدُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ {{ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا }}
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ : حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : كَانَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيُّ أَحَدُ بَنِي النَّضِيرِ قَدْ آذَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْهِجَاءِ ، وَقَدِمَ عَلَى قُرَيْشٍ فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ : أُنَاشِدُكَ ، أَدِينُنَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَمْ دِينُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، وَأَنَّنَا أَهْدَى فِي رَأْيَكَ وَأَقْرَبُ إِلَى الْحَقِّ ؛ فَإِنَّا نُطْعِمُ الْجَزُورَ الْكَوْمَاءَ ، وَنَسْقِي الْلَبَنَ وَنُطْعِمُ مَا هَبَّتِ الشِّمَالُ قَالَ : أَنْتُمْ أَهْدَى مِنْهُمْ سَبِيلًا . ثُمَّ خَرَجَ مُقْبِلًا قَدْ أَجْمَعَ رَأْيَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى قِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مُعْلِنًا بِعَدَاوَتِهِ وَهِجَائِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ لَنَا مِنِ ابْنِ الْأَشْرَفِ ، قَدِ اسْتَعْلَنَ بِعَدَاوَتِنَا وَهِجَائِنَا ، وَقَدْ خَرَجَ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَجْمَعَهُمْ عَلَى قِتَالِنَا ؟ وَقَدْ أَخْبَرَنِي اللَّهُ بِذَلِكَ ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى أَخْبَثِ مَا كَانَ يَنْتَظِرُ قُرَيْشًا أَنْ تَقْدَمَ فِينَا طَبَائِعُهُمْ ، ثُمَّ قَرَأَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ، أَنْ كَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ : {{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا }} ، وَآيَاتٍ مَعَهَا فِيهِ وَفِي قُرَيْشٍ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ : حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ ، فِي قَوْلِهِ : {{ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ }} قَالَ : الْجِبْتُ : الشَّيْطَانُ ، وَالطَّاغُوتُ : كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْوَزِيرِ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ يَكْفِينَا كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ ؟ فَإِنَّهُ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ : أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : ايْذَنْ لِي فَأَقُولَ قَالَ : قُلْ ، فَقَتَلَهُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِي حَدِيثِهِ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : اللَّهُمَّ اكْفِنِي ابْنَ الْأَشْرَفِ بِمَا شِئْتَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْتُلُهُ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَعَمْ فَقَامَ مُحَمَّدٌ مُنْقَلِبًا إِلَى أَهْلِهِ ، فَلَقِيَ سِلْكَانَ بْنَ سَلَامَةَ فِي الْمَقْبَرَةِ عَائِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَنِي بِقَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ ، وَأَنْتَ نَدِيمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَلَنْ يَأْمَنَ غَيْرَكَ ، فَأَخْرِجْهُ لِي حَتَّى أَقْتُلَهُ فَقَالَ سِلْكَانُ : إِنْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَعَلْتُ ، فَرَجَعَ مُحَمَّدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ سِلْكَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمَرْتَ بِقَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمُحَلِّلِي مِمَّا قُلْتُ لِابْنِ الْأَشْرَفِ ؟ قَالَ : أَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّا قُلْتَ ، فَخَرَجَ سِلْكَانُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرِ بْنِ وَقْشٍ ، وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ ، وَأَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ ، حَتَّى أَتَوْهُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ فَتَوَارَوْا فِي ظِلَالِ جُذُوعِ النَّخْلِ ، وَخَرَجَ سِلْكَانُ فَصَرَخَ بِكَعْبٍ فَقَالَ كَعْبٌ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ سِلْكَانُ : هَذَا يَا أَبَا لَيْلَى أَبُو نَائِلَةَ ، وَكَانَ كَعْبٌ يُكَنَّى أَبَا لَيْلَى فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ : لَا تَنْزِلْ يَا أَبَا لَيْلَى ؛ فَإِنَّهُ قَاتِلُكَ قَالَ : مَا كَانَ يَأْتِينِي إِلَّا بِخَيْرٍ وَلَوْ يُدْعَى الْفَتَى لِطَعْنَةٍ لَأَجَابَ ، فَخَرَجَ كَعْبٌ ، فَلَمَّا فَتَحَ بَابَ الْمِرْبَضِ قَالَ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَخُوكَ قَالَ : فَطَأْطِئْ لِي رَأْسَكَ ، فَطَأْطَأَ لَهُ فَعَرَفَهُ ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ ، فَمَشَى بِهِ سِلْكَانُ نَحْوَ الْقَوْمِ فَقَالَ لَهُ سِلْكَانُ : جُعْنَا وَأَصَابَنَا شِدَّةٌ مَعَ صَاحِبِنَا ، فَجِئْتُكَ لِأَتَحَدَّثَ مَعَكَ ، وَلِأَرْهِنَكَ دِرْعِي فِي شَعِيرٍ فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ : قَدْ حَدَّثْتُكَ أَنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ ذَلِكَ ، وَلَكِنْ عِنْدَنَا شَعِيرٌ ، وَلَمْ تَأْتُونَا لَعَلَّنَا أَنْ نَفْعَلَ . قَالَ : ثُمَّ أَدْخَلَ سِلْكَانُ يَدَهُ فِي رَأْسِ كَعْبٍ ثُمَّ شَمَّهُ فَقَالَ : مَا أَطْيَبَ عَبِيرَكُمْ هَذَا ، فَصَنَعَ ذَلِكَ بِهِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ حَتَّى آَمَنَهُ ، ثُمَّ أَخَذَ سِلْكَانُ بِرَأْسِهِ أَخْذَةً فَصَّاهُ مِنْهَا ، فَخَارَ عَدُوُّ اللَّهِ خَارَةً رَفِيعَةً ، فَصَاحَتِ امْرَأَتُهُ : وَاصَاحِبَاهُ ، فَعَانَقَهُ سِلْكَانُ وَقَالَ : اقْتُلُوا عَدُوَّ اللَّهِ ، فَلَمْ يَزَالُوا يَتَخَلَّصُونَ بِأَسْيَافِهِمْ حَتَّى طَعَنَهُ أَحَدُهُمْ فِي بَطْنِهِ طَعْنَةً بِالسَّيْفِ ، فَخَرَجَ مِنْهَا مُصْرَانُهُ ، وَخَلَصُوا إِلَيْهِ فَضَرَبُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ ، وَكَانُوا فِي بَعْضِ مَا يَتَخَلَّصُونَ إِلَيْهِ ، وسِلْكَانُ يُعَانِقُهُ ، أَصَابُوا عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ فِي وَجْهِهِ أَوْ فِي رِجْلِهِ وَلَا يَشْعُرُونَ ، ثُمَّ خَرَجُوا يَشْتَدُّونَ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِجُرْفِ بُعَاثٍ فَقَدُوا صَاحِبَهُمْ وَنَزْفَ الدَّمِ ، فَرَجَعُوا أَدْرَاجَهُمْ فَوَجَدُوهُ مِنْ وَرَاءِ الْجُرْفِ ، فَاحْتَمَلُوهُ حَتَّى أَتَوْا بِهِ أَهَالِيهِمْ مِنْ لَيْلَتِهِمْ ، فَقَتَلَ اللَّهُ ابْنَ الْأَشْرَفِ بِعَدَاوَتِهِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَهِجَائِهِ إِيَّاهُ ، وَتَأْلِيبِهِ عَلَيْهِ قُرَيْشًا ، وَإِعْلَانِهِ ذَلِكَ
قَالَ الْحِزَامِيُّ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ ، وَابْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيَّ ، كَانَ شَاعِرًا ، وَكَانَ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ ، وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِمْ كُفَّارَ قُرَيْشٍ فِي شِعْرِهِ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهِيَ أَخْلَاطٌ ، مِنْهُمُ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ تَجْمَعُهُمْ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَمِنْهُمُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ ، وَمِنْهُمُ الْيَهُودُ أَهْلُ الْحَلْقَةِ وَالْحُصُونِ ، وَهُمْ حُلَفَاءُ الْحَيَّيْنِ : الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ اسْتِصْلَاحَهُمْ وَمُوَادَعَتَهُمْ ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَكُونُ مُسْلِمًا وَأَبُوهُ مُشْرِكًا ، وَالرَّجُلُ يَكُونُ مُسْلِمًا وَأَخُوهُ مُشْرِكًا ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُؤْذُونَهُ وَأَصْحَابَهُ أَشَدَّ الْأَذَى ، فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَالْمُسْلِمِينَ بِالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ وَالْعَفْوِ عَنْهُمْ ، وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {{ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }} ، وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ : {{ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }} ، فَلَمَّا أَبَى كَعْبٌ أَنْ يَنْزِعَ عَنْ أَذَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَذَى الْمُسْلِمِينَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي خَمْسَةِ رَهْطٍ فَأَتَوْهُ عَشِيَّةً فِي مَجْلِسِهِ بِالْعَوَالِي ، فَلَمَّا رَآهُمْ كَعْبٌ أَنْكَرَ شَأْنَهُمْ وَكَادَ يُذْعَرُ مِنْهُمْ فَقَالَ لَهُمْ : مَا جَاءَ بِكُمْ ؟ قَالُوا : جَاءَ بِنَا حَاجَةٌ إِلَيْكَ قَالَ : فَلْيَدْنُ إِلَيَّ بَعْضُكُمْ فَلْيُحَدِّثْنِي بِهَا ، فَدَنَا إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ : جِئْنَاكَ لِنَبِيعَكَ أَدْرَاعًا لَنَا نَسْتَعِينُ بِأَثْمَانِهَا فَقَالَ لَهُمْ : وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَقَدْ جُهِدْتُمْ ثُمَّ جُهِدْتُمْ مُنْذُ نَزَلَ بِكُمْ هَذَا الرَّجُلُ ، ثُمَّ وَاعَدَهُمْ أَنْ يَأْتُوهُ عِشَاءً حِينَ يَهْدَأُ عَنْهُ النَّاسُ ، فَجَاءُوهُ فَنَادَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، فَقَامَ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ : مَا طَوَّقُوكَ سَاعَتَهُمْ هَذِهِ لِشَيْءٍ مِمَّا تُحِبُّ قَالَ : بَلَى ، إِنَّهُمْ قَدْ حَدَّثُونِي حَدِيثَهُمْ . فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ ، فَاعْتَنَقَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : لَا تَسْتَنْكِرُوا إِنْ قَتَلْتُمُونِي وَإِيَّاهُ جَمِيعًا . قَالَ : وَطَعَنَهُ بَعْضُهُمْ بِالسَّيْفِ فِي خَاصِرَتِهِ ، فَلَمَّا قَتَلُوهُ فَزِعَتِ الْيَهُودُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَغَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحُوا فَقَالُوا : قَدْ طُرِقَ صَاحِبُنَا اللَّيْلَةَ ، وَهُوَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا فَقُتِلَ غِيلَةً ، فَذَكَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي كَانَ يَقُولُهُ فِي أَشْعَارِهِ وَيُؤْذِيهِمْ بِهِ ، وَدَعَاهُمْ إِلَى أَنْ تُكْتَبَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ صَحِيفَةٌ فِيهَا جِمَاعُ أَمْرِ النَّاسِ ، فَكَتَبَهَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ ابْنَ نَامِينَ الْيَهُودِيَّ ، أَخَذَ يُعَذِّرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ : أَلَا سَيْفٌ ، أَلَا سَيْفٌ ؟ فَأَخَذَ السَّيْفَ ، وَغَيَّبُوا الْيَهُودِيَّ . فَقَالَ مُحَمَّدٌ لِمَرْوَانَ : أَلَا أَرَاهُ يُعَذِّرُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِنْدَكَ ؟
حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ قَالَ : وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : إِنَّ ابْنَ الْأَشْرَفِ عَدُوَّ اللَّهِ وَهُوَ أَحَدُ بَنِي النَّضِيرِ اعْتَزَلَ قِتَالَ بَنِي النَّضِيرِ ، وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُظَاهِرْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَتَرَكَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ انْبَعَثَ يَهْجُوهُ وَالْمُؤْمِنِينَ ، وَيَمْتَدِحُ عَدُوَّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَيْهِمْ ، فَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ حَتَّى رَكِبَ إِلَى قُرَيْشٍ فَاسْتَعْدَاهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَالْمُشْرِكُونَ : نَنْشِدُكُمُ اللَّهَ ، أَدِينُنَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَمْ دِينُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، وَأَنَّ دِينَنَا أَهْدَى فِي رَأْيِكَ أَوْ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِّ فَقَالَ لِقُرَيْشٍ : أَنْتُمْ أَهْدَى مِنْهُ سَبِيلًا وَأَفْضَلُ ، ثُمَّ خَرَجَ مُعْلِنًا بِعَدَاوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ لَنَا مِنِ ابْنِ الْأَشْرَفِ ؟ قَدِ اسْتَعْلَنَ بِعَدَاوَتِنَا وَهِجَائِنَا ، وَقَدْ خَرَجَ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَجْمَعَهُمْ عَلَى قِتَالِنَا ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ بِذَلِكَ ، ثُمَّ قَدِمَ أَخْبَثُ مَا كَانَ يَنْتَظِرُ قُرَيْشًا ، ثُمَّ قَرَأَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ {{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ }} ، وَخَمْسَ آيَاتٍ فِيهِ وَفِي قُرَيْشٍ
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كَانَ فِيمَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى رَسُولِهِ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ : الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ، كَانَا يَتَصَاوَلَانِ كَمَا يَتَصَاوَلُ الْفَحْلَانِ ، فَلَمَّا قَتَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ قَالَتِ الْخَزْرَجُ : كَيْفَ لَنَا أَنْ يَكُونَ لَنَا مِثْلُ سَابِقَتِهِمْ ؟ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرْسِلْنَا إِلَى ابْنِ أَبِي حُقَيْقٍ ، فَأَرْسَلَ أَبَا قَتَادَةَ وَأَبَا عَتِيكٍ وَأَبْيَضَ بْنَ الْأَسْوَدِ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ ، وَقَالَ لَهُمْ : لَا تَقْتُلُوا صَبِيًّا وَلَا امْرَأَةً ، فَذَهَبُوا فَدَخَلُوا الدَّارَ لَيْلًا ، وَغَلَّقُوا عَلَى كُلِّ قَوْمٍ بَابَهُمْ مِنْ خَارِجٍ ، حَتَّى إِذَا اسْتَغَاثُوا لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَخْرُجُوا ، ثُمَّ صَعِدُوا إِلَيْهِ فِي عُلَيَّةٍ ، لَهُ إِلَيْهَا عَجَلَةٌ ، فَإِذَا هُمْ بِهِ نَائِمٌ أَبْيَضُ كَأَنَّهُ الْقِرْطَاسُ ، فَتَعَاطَوْهُ بِأَسْيَافِهِمْ فَضَرَبُوهُ ، فَصَرَخَتِ امْرَأَتُهُ فَهَمُّوا أَنْ يَقْتُلُوهَا ، فَذَكَرُوا نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً وَلَا صَبِيًّا ، فَنَزَلُوا ، وَانْفَكَّتْ قَدَمُ أَحَدِهِمْ فَاحْتَمَلُوهُ فَانْطَلَقُوا بِهِ فَدَخَلُوا نَهْرًا مِنْ أَنْهَارِهِمْ ، وَتَصَايَحَ النَّاسُ : قُتِلَ ابْنُ حُقَيْقٍ ، قُتِلَ ابْنُ حُقَيْقٍ ، فَجَاءُوا بِالنِّيرَانِ . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ : إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا تَكُونُوا أَجْهَزْتُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ : لَأَذْهَبَنَّ فَلَأَنْظُرَنَّ قَدْ أَجْهَزْنَا عَلَيْهِ أَمْ لَا ، فَجَاءَ يَصْعَدُ إِلَيْهِ فِي غِمَارِ النَّاسِ فَإِذَا امْرَأَتُهُ قَدْ أَكَبَّتْ عَلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ : فَاضَتْ نَفْسُهُ وَيَهُودُ ، وَقَالَتْ فِيمَا تَقُولُ : إِنِّي لَا أَظُنُّنِي إِلَّا قَدْ سَمِعْتُ كَلَامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلَالٍ ، حَدَّثَهُ ، أَنْ يَزِيدَ بْنَ عِيَاضٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ مِنْ شَأْنِ خَيْبَرَ أَنَّ أَهْلَ ابْنِ أَبِي حُقَيْقٍ دَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَسْأَلُهُمْ عَنْ أَمْوَالٍ خَرَجُوا بِهَا مِنَ الْمَدِينَةِ إِذْ أَخْرَجَهُمْ : مَسْكُ الْجَمَلِ ، وَدِنَانٌ كَانَتْ فِيهَا الْأَمْوَالُ إِذْ أُخْرِجُوا ، فَغَيَّبُوهَا عَنْهُ حَتَّى أَمَرَ كِنَانَةَ وَحُيَيَّ ابْنَيْ أَبِي الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ أَوْ أَحَدَهُمَا - زَوْجُ صَفِيَّةَ - فَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ سَأَلَ رَجُلًا مِنْهُمْ مِنْ آلِ أَبِي الْحُقَيْقِ فَأَخْبَرَهُ بِمَكَانِ الْمَالِ ، فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَحَدَهُمَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ ، وَالْآخَرَ إِلَى الزُّبَيْرِ ، يُعَذَّبَانِ حَتَّى قُتِلَا ، فَاسْتَحَلَّ بِغَدْرِهِمْ قَتْلَ كِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ زَوْجِ صَفِيَّةَ وَحُيَيِّ بْنِ الرَّبِيعِ أَخِيهِ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ : وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ ، وَمَسْعُودَ بْنَ سِنَانِ بْنِ الْأَسْوَدِ ، وَأَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِيِّ بْنِ بَلْدَمَةَ ، وَأَسْوَدَ بْنَ خُزَاعِيٍّ حَلِيفًا لَهُمْ - وَيُقَالُ : وَلَمْ نَجِدْهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ - وَأَسْعَدَ بْنَ حَرَامٍ ، وَهُوَ أَحَدُ التُّرْكِ حَلِيفٌ لِبَنِي سَوَادٍ ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ ، فَطَرَقُوا أَبَا رَافِعِ بْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ بِخَيْبَرَ ، فَقَتَلُوهُ فِي بَيْتِهِ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ : وَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ : أَفْلَحَتِ الْوُجُوهُ ، قَالُوا : أَفْلَحَ وَجْهُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : أَقَتَلْتُمُوهُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَالَ : نَاوِلُونِي السَّيْفَ ، فَسَلَّهُ قَالَ : هَذَا طَعَامُهُ فِي ذُبَابِ السَّيْفِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كِنَانَةَ بْنَ أَبِي الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ عَنْ كَنْزٍ كَانَ مِنْ مَالِ أَبِي الْحُقَيْقِ كَانَ يَلِيهِ الْأَكْبَرُ فَالْأَكْبَرُ مِنْهُمْ ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمَالُ مَسْكَ الْجَمَلِ ، وَسَأَلَ مَعَ كِنَانَةَ حُيَيَّ بْنَ أَبِي الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ فَقَالَا : أَنْفَقْنَاهُ فِي الْحَرْبِ ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَحَلَفَا لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ : بَرِئَتْ مِنْكُمَا ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ إِنْ كَانَ عِنْدَكُمَا ، أَوْ قَالَ نَحْوَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ قَالَا : نَعَمْ ، فَأَشْهَدَ عَلَيْهِمَا ، ثُمَّ أَمَرَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يُعَذِّبَ كِنَانَةَ ، فَعَذَّبَهُ حَتَّى أَخَافَهُ فَلَمْ يَعْتَرِفْ بِشَيْءٍ ، فَلَا أَدْرِي أُعَذِّبَ حُيَيٌّ أَمْ لَا ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ الْكَنْزِ غُلَامًا مِنْهُمْ ، يُقَالُ لَهُ : ثَعْلَبَةُ بْنُ سَلَّامِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ ، وَكَانَ كَالضَّعِيفِ فَقَالَ : لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أَرَى كِنَانَةَ يَطُوفُ كُلَّ غَدَاةٍ بِهَذِهِ الْخَرِبَةِ ، فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ فَهُوَ فِيهَا . فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى تِلْكَ الْخَرِبَةِ فَوَجَدُوا فِيهَا ذَلِكَ الْكَنْزَ فَأَتَى بِهِ . فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمَا ، وَدَفَعَ كِنَانَةَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَقَتَلَهُ بِأَخِيهِ مَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ ، وَقِيلَ : كِنَانَةُ قَتَلَ مَحْمُودًا ، وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ آلَ أَبِي الْحُقَيْقِ بِمَا كَانُوا أَعْطَوْا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَصَفِيَّةُ بِمَكَانِهَا مِنْهُمْ ، وَلَمْ يُسْبَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ غَيْرُهُمَا فِيمَا نَعْلَمُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِي بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِقَتْلِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ قَتَلُوهُ ثُمَّ أَتَوْا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ : أَفْلَحَتِ الْوُجُوهُ ، قَالُوا : أَفْلَحَ وَجْهُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : أَقَتَلْتُمُوهُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : فَدَعَا بِالسَّيْفِ الَّذِي قَتَلُوهُ بِهِ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَسَلَّهُ ثُمَّ قَالَ : أَجَلْ هَذَا طَعَامُهُ فِي ذُبَابِ السَّيْفِ ، وَكَانَ الرَّهْطُ الَّذِينَ قَتَلُوهُ : عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ ، وَأَسْوَدَ بْنَ خُزَاعِيٍّ حَلِيفًا لَهُمْ ، وَأَبَا قَتَادَةَ ، فِيمَا يَظُنُّ إِبْرَاهِيمُ . قَالَ إِبْرَاهِيمُ : وَلَا أَحْفَظُ الْخَامِسَ
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، أَنَّ بَنِي الْحُقَيْقِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوهُ ، فَكَتَمُوهُ ، فَأَحَلَّ بِذَلِكَ دِمَاءَهُمْ
حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ بَعَثَ إِلَى بَنِي الْحُقَيْقِ بِخَيْبَرَ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ
حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ إِلَى ابْنِ نُبَيْحٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، انْعَتْهُ لِي ؛ فَإِنِّي لَا أَعْرِفُهُ ، فَنَعَتَهُ لَهُ فَقَالَ : إِذَا رَأَيْتَهُ هِبْتَهُ فَقَالَ : مَا هِبْتُ شَيْئًا قَطُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : فَخَرَجَ حَتَّى لَقِيَهُ خَارِجًا مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُ عُرَنَةَ ، فَلَمَّا لَقِيَهُ ابْنُ نُبَيْحٍ قَالَ لَهُ : مَا حَاتَّكَ هَا هُنَا ؟ قَالَ : جِئْتُ فِي طَلَبِ قَلَائِصَ ، وَكَانَ ابْنُ أُنَيْسٍ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فِي مَكَانٍ خَبَّأَهَا فِيهِ ، فَمَرَّ يُمَاشِيهِ سَاعَةً وَيُسَائِلُهُ ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنْهُ كَأَنَّهُ يُصْلِحُ شَيْئًا ، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَ رِجْلَهُ قَالَ ابْنُ أُنَيْسٍ : فَأَخَذَ رِجْلَ نَفْسِهِ فَرَمَانِي بِهَا ، فَلَوْ أَصَابَتْنِي لَأَوْجَعَتْنِي . قَالَ : ثُمَّ جَاءَ بِرَأْسِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ السُّلَمِيَّ إِلَى سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ ثُمَّ اللِّحْيَانِيِّ ، وَهُوَ بِعُرَنَةَ مِنْ وَرَاءِ مَكَّةَ ، أَوْ بِعَرَفَةَ ، قَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ لِيَغْزُوَ فِيهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا صِفَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : إِذَا رَأَيْتَهُ هِبْتَهُ وَفَرِقْتَ مِنْهُ قَالَ : مَا فَرِقْتُ مِنْ شَيْءٍ قَطُّ ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ يَتَوَصَّلُ بِالنَّاسِ وَيَعْتَزِي إِلَى خُزَاعَةَ ، وَيُخْبِرُ مَنْ لَقِيَ أَنَّمَا يُرِيدُ سُفْيَانَ لِيَكُونَ مَعَهُ ، فَلَقِيَ سُفْيَانَ وَهُوَ بِبَطْنِ عُرَنَةَ وَرَاءَهُ الْأَحَابِيشَ مِنْ حَاضِرَةِ مَكَّةَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَلَمَّا رَأَيْتُهُ هِبْتُهُ وَفَرِقْتُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ كَمِنْتُ حَتَّى هَدَأَ النَّاسُ ، ثُمَّ اعْتَوَرْتُهُ فَقَتَلْتُهُ ، فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أُخْبِرَ بِقَتْلِهِ قَبْلَ قُدُومِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَحَكَوْا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَعْطَاهُ عَصَاهُ فَقَالَ : تَخَصَّرْ بِهَا أَوْ أَمْسِكْهَا ، فَكَانَتْ - زَعَمُوا - عِنْدَهُ حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَجُعِلَتْ فِي كَفَنِهِ بَيْنَ جِلْدِهِ وَثِيَابِهِ . وَلَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ابْنَ أُنَيْسٍ إِلَى ابْنِ نُبَيْحٍ ، أَمِنَ الْمَدِينَةِ أَمْ مِنْ غَيْرِهَا
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : لَمَّا صَدَرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَقَدْ أَقَامَ النَّاسُ حَجَّهُمْ ، فَقَدِمَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَسْلَمَ ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَرْجِعُ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَقْتُلُوكَ فَقَالَ : لَوْ وَجَدُونِي نَائِمًا مَا أَيْقَظُونِي ، فَأَذِنَ لَهُ فَرَجَعَ إِلَى الطَّائِفِ ، فَقَدِمَ عِشَاءً فَجَاءَتْهُ ثَقِيفٌ فَحَيَّوْهُ ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَنَصَحَ لَهُمْ ، فَعَصَوْهُ وَاتَّهَمُوهُ وَأَسْمَعُوهُ مِنَ الْأَذَى مَا لَمْ يَكُنْ يَخْشَاهُمْ عَلَيْهِ ، وَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ ، حَتَّى إِذَا أَسْحَرَ وَطَلَعَ الْفَجْرُ قَامَ عَلَى غُرْفَةٍ لَهُ فِي دَارِهِ فَأَذَّنَ بِالصَّلَاةِ وَتَشَهَّدَ ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ ، فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ حِينَ بَلَغَهُ قَتْلُهُ : مَثَلُ عُرْوَةَ مَثَلُ صَاحِبِ يَاسِينَ ، دَعَا قَوْمَهُ إِلَى اللَّهِ فَقَتَلُوهُ
حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ ، اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمَهُ فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَقْتُلُوكَ قَالَ : إِنِّي أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْكَارِ أَوْلَادِهِمْ ، مِنْ ذَاكَ الَّذِي عَرَفَ مِنْ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُمْ ، فَأَذِنَ لَهُ . فَلَمَّا أَتَى قَوْمَهُ أَذَّنَ فِيهِمْ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُمْ ، فَقَتَلُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ مَثَلَ عُرْوَةَ مَثَلُ صَاحِبِ آلِ يَاسِينَ قَالَ : وَكَانَ صَاحِبُهُمْ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ حَبِيبٌ ، وَكَانَ نَجَّارًا فَقَالَ : {{ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ }} ، {{ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ }} ، وَقَالَ : {{ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }} ، {{ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونَ }} ، {{ إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }} ، {{ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونَ }} ، فَقَامُوا إِلَيْهِ فَأَخَذُوا قَدُومَهُ مِنْ قُفَّتِهِ فَضَرَبُوهُ بِهِ عَلَى دِمَاغِهِ ، فَقَتَلُوهُ ، فَقِيلَ لَهُ : {{ ادْخُلِ الْجَنَّةَ }} ، فَلَمَّا دَخَلَهَا ذَكَرَ قَوْمَهُ قَالَ : {{ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ }} ، {{ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ }}
حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ قَالَ : وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ إِلَى قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَقَتَلُوهُ ، رُمِيَ بِسَهْمٍ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : مَثَلُهُ فِي قَوْمِهِ كَمَثَلِ صَاحِبِ يَاسِينَ فِي قَوْمِهِ . وَرَثَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : فَازَتْ ثَقِيفٌ بِأَمْرٍ غَيْرِ مَحْمُودِ وَأَصْبَحَتْ وَهِيَ فِي إِثْمٍ وَتَفْنِيدِ بِقَتْلِهِمْ رَجُلًا قَدْ كَانَ يُخْبِرُهُمْ عَنِ النَّبِيِّ بِأَمْرٍ غَيْرِ مَرْدُودِ فَكَذَّبُوهُ أَضَلَّ اللَّهُ سَعْيَهُمُ بَغْيًا وَلَمْ يَثْبُتُوا مِنْهُ بِمَوْعُودِ وَقَالَ كَافِرُهُمْ هَذَا يُرِيدُكُمْ شَرًّا فَقُومُوا إِلَيْهِ بِالْجَلَامِيدِ فَلَوْ شَهِدْتُ أَضَلَّ اللَّهُ سَعْيَهُمْ إِذْ يَرْجُمُونَكَ يَا عُرْوَ بْنَ مَسْعُودٍ لَوَافَقُوا مُرْهَفَاتٍ لَا يَزَالُ لَهَا يَوْمًا قَتِيلًا عَلَيْهِ الطَّيْرُ بِالْبِيدِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ الرَّقِّيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ إِلَى قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ ، فَقَتَلُوهُ ، فَشَبَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِصَاحِبِ يَاسِينَ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : لَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَهْرًا ، ثُمَّ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ فِي رَكْبٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ لَيْلَتَيْنِ ثُمَّ يَقْرَأَ الْكِتَابَ فَيَتْبَعَ مَا فِيهِ ، وَفِي بَعْثِهِ ذَلِكَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَعَمْرُو بْنُ سُرَاقَةَ ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ ، وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَصَفْوَانُ ابْنُ بَيْضَاءَ ، فَلَمَّا سَارَ لَيْلَتَيْنِ فَتَحَ الْكِتَابَ فَإِذَا فِيهِ : أَنِ امْضِ حَتَّى تَبْلُغَ نَخْلَةَ ، فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ : سَمْعًا وَطَاعَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُرِيدُ الْمَوْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلْيَمْضِ ، فَإِنِّي مَاضٍ عَلَى مَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَمَضَى وَمَضَى مَعَهُ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَسَلَكَ عَلَى الْحِجَازِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِمَعْدَنٍ فَوْقَ الْفَرْعِ يُقَالُ لَهُ : بَحْرَانُ ، أَضَلَّ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بَعِيرًا لَهُمَا ، كَانَا يَعْتَقِبَانِهِ ، فَتَخَلَّفَا عَلَيْهِ فِي طَلَبِهِ ، وَمَضَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَبَقِيَّةُ أَصْحَابِهِ حَتَّى نَزَلَ بِنَخْلَةَ ، فَمَرَّتْ بِهِ عِيرٌ لِقُرَيْشٍ تَحْمِلُ زَبِيبًا وَأَدَمًا وَتِجَارَةً مِنْ تِجَارَةِ قُرَيْشٍ فِيهَا عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِيِّ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَاسْمُ الْحَضْرَمِيِّ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّادٍ ، وَيُقَالُ : مَالِكُ بْنُ عَبَّادٍ ، أَحَدُ الصَّدَفِ : اسْمُ الصَّدِفِ : عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ ، أَحَدُ السَّكُونِ بْنِ أَشْرَسَ بْنِ كِنْدَةَ وَيُقَالُ : كِنْدِيٌّ . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَأَخُوهُ نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيَّانِ ، وَالْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، فَلَمَّا رَآهُمُ الْقَوْمُ هَابُوهُمْ وَقَدْ نَزَلُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ ، فَأَشْرَفَ لَهُمْ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ وَكَانَ قَدْ حَلَقَ رَأْسَهُ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ أَمِنُوا وَقَالُوا : عُمَّارٌ لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ مِنْهُمْ ، وَتَشَاوَرَ الْقَوْمُ فِيهِمْ ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ فَقَالَ الْقَوْمُ : وَاللَّهِ لَئِنْ تَرَكْتُمُ الْقَوْمَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لَيَدْخُلَنَّ الْحَرَمَ ، فَلَيَمْتَنِعَنَّ مِنْكُمْ بِهِ ، وَلَئِنْ قَتَلْتُمُوهُمْ لَتَقْتُلَنَّهُمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ ، فَتَرَدَّدَ الْقَوْمُ وَهَابُوا الْإِقْدَامَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ شَجَّعُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَيْهِمْ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ مَنْ قَدِرُوا عَلَيْهِ مِنْهُمْ ، وَأَخْذِ مَا مَعَهُمْ ، فَرَمَى وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيِّ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ ، وَاسْتَأْسَرَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَالْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ ، وَأَفْلَتَ الْقَوْمَ نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَأَعْجَزَهُمْ ، وَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَأَصْحَابُهُ بِالْعِيرِ وَبِالْأَسِيرَيْنِ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ . وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : إِنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا غَنِمْنَا الْخُمُسَ ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ اللَّهُ تَعَالَى الْخُمُسَ مِنَ الْمَغَانِمِ ، فَعَزَلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خُمُسَ الْعِيرِ ، وَقَسَمَ سَائِرَهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ قَالَ : مَا أَمَرْتُكُمْ بِقِتَالٍ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَوَقَفَ الْعِيرَ وَالْأَسِيرَيْنِ ، وَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سُقِطَ فِي أَيْدِي الْقَوْمِ ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا ، وَعَنَّفَهُمْ إِخْوَانُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا صَنَعُوا ، وَقَالَتْ قُرَيْشٌ : قَدِ اسْتَحَلَّ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَسَفَكُوا فِيهِ الدَّمَ ، وَأَخَذُوا فِيهِ الْأَمْوَالَ ، وَأَسَرُوا فِيهِ الرِّجَالَ فَقَالَ مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ كَانَ بِمَكَّةَ : إِنَّمَا أَصَابُوا مَا أَصَابُوا فِي شَعْبَانَ ، وَقَالَتْ يَهُودُ تَتَفَاءَلُ بِذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِيِّ قَتَلَهُ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَمْرٌو : عَمَرْتَ الْحَرْبَ ، وَالْحَضْرَمِيُّ : حَضَرْتَ الْحَرْبَ ، وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : وَقَدْتَ الْحَرْبَ . فَجَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ . فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ {{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ }} ، أَيْ : إِنْ كُنْتُمْ قَتَلْتُمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَقَدْ صَدُّوكُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَعَ الْكُفْرِ بِهِ ، وَعَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَإِخْرَاجُكُمْ مِنْهُ وَأَنْتُمْ أَهْلُهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مَنْ قَتَلْتُمْ مِنْهُمْ ، {{ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ }} ، أَيْ قَدْ كَانُوا يَفْتِنُونَ الْمُسْلِمَ عَنْ دِينِهِ حَتَّى يَرُدُّوهُ إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ إِيمَانِهِ ، فَذَلِكَ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْقَتْلِ ، {{ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا }} ، أَيْ ثُمَّ هُمْ مُقِيمُونَ عَلَى أَخْبَثِ ذَلِكَ وَأَعْظَمِهِ غَيْرَ تَائِبِينَ وَلَا نَازِعِينَ . فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِهَذَا مِنَ الْأَمْرِ ، وَفَرَّجَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الشَّفَقِ ، قَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْعِيرَ وَالْأَسِيرَيْنِ ، وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فِي فِدَاءِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَالْحَكَمِ بْنِ كَيْسَانَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا نَفْدِيكُمُوهُمَا حَتَّى يَقْدَمَ صَاحِبَانَا - يَعْنِي سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَعُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ - فَإِنَّا نَخْشَاكُمْ عَلَيْهِمَا ، فَإِنْ تَقْتُلُوهُمَا نَقْتُلْ صَاحِبَيْكُمْ ، فَقَدِمَ سَعْدٌ وَعُتْبَةُ ، فَأَفْدَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْهُمْ . فَأَمَّا الْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ فَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ ، وَأَقَامَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ شَهِيدًا . وَأَمَّا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ ، فَمَاتَ بِهَا كَافِرًا . فَلَمَّا تَجَلَّى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وَأَصْحَابِهِ مَا كَانُوا فِيهِ حِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ ، طَمِعُوا فِي الْأَجْرِ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَطْمَعُ أَنْ تَكُونَ لَنَا غَزْوَةً نُعْطَى فِيهَا أَجْرَ الْمُجَاهِدِينَ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ : {{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }} ، فَوَضَعَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَعْظَمِ الرَّجَاءِ . وَالْحَدِيثُ فِي هَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ ، أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَسَمَ الْفَيْءَ حِينَ أَحَلَّهُ ، فَجَعَلَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ لِمَنْ أَفَاءَهُ ، وَخُمُسًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَوَقَعَ عَلَى مَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ صَنَعَ فِي تِلْكَ الْعِيرِ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَهِيَ أَوَّلُ غَنِيمَةٍ غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِيِّ أَوَّلُ مَنْ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ أَوَّلُ مَنْ أَسَرَ الْمُسْلِمُونَ . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي غَزْوَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ ، وَيُقَالُ : بَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ قَالَهَا ، حِينَ قَالَتْ قُرَيْشٌ : قَدْ أَحَلَّ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ، وَسَفَكُوا فِيهِ الدَّمَ ، وَأَخَذُوا فِيهِ الْمَالَ ، وَأَسَرُوا فِيهِ الرِّجَالَ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : هِيَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ : تَعُدُّونَ قَتْلًا فِي الْحَرَامِ عَظِيمَةً وَأَعْظَمُ مِنْهُ لَوْ يَرَى الرُّشْدَ رَاشِدُ صَدُودُكُمْ عَمَّا يَقُولُ مُحَمَّدٌ وَكُفْرٌ بِهِ وَاللَّهُ رَاءٍ وَشَاهِدُ وَإِخْرَاجُكُمْ مِنْ مَسْجِدِ اللَّهِ أَهْلَهُ لِئَلَّا يُرَى لِلَّهِ فِي الْبَيْتِ سَاجِدُ فَإِنَّا وَإِنْ عَيَّرْتُمُونَا بِقَتْلِهِ وَأَرْجَفَ بِالْإِسْلَامِ بَاغٍ وَحَاسِدُ سَقَيْنَا مِنِ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ رِمَاحَنَا بِنَخْلَةَ لَمَّا أَوَقَدَ الْحَرْبَ وَاقِدُ دَمًا وَابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بَيْنَنَا يُنَازِعُهُ غُلٌّ مِنَ الْقَدِّ عَانِدُ
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أُصْبُعٍ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : خَرَجَ صُهَيْبٌ مُهَاجِرًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَاتَّبَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَنَثَرَ كِنَانَتَهُ وَقَالَ لَهُمْ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي مِنْ أَرْمَاكُمْ ، وَاللَّهِ لَا تَصِلُونَ إِلَيَّ حَتَّى أَرْمِيَكُمْ بِكُلِّ سَهْمٍ مَعِي ، ثُمَّ أَضْرِبَكُمْ بِسَيْفِي مَا بَقِيَ مِنْهُ فِي يَدِي شَيْءٌ ، فَإِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ مَالِي دَلَلْتُكُمْ عَلَيْهِ . قَالُوا : فَدُلَّنَا عَلَى مَالِكَ وَنُخْلِي عَنْكَ . فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ ، فَدَلَّهُمْ وَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : رَبِحَ الْبَيْعُ أَبَا يَحْيَى ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ : {{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ }} الْآيَةَ قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ : نَزَلَتْ فِي صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ الرُّومِيِّ حِينَ أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ فِي رَهْطٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَعَذَّبُوهُ فَقَالَ لَهُمْ صُهَيْبٌ : إِنِّي شَيْخٌ ضَعِيفٌ ، لَا يَضُرُّكُمُ أَمِنْكُمْ كُنْتُ أَمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ ، قَالُوا : صَدَقْتَ قَالَ : فَتَأْخُذُونَ أَهْلِي وَمَالِي وَتَدَعُونِي وَدِينِي ، فَفَعَلُوا ، فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ ، فَلَقِيَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقَالَ : رَبِحَ الْبَيْعُ يَا صُهَيْبُ قَالَ : وَبَيْعُكَ فَلَا يَخْسَرُ . فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْآيَةَ فَفَرِحَ بِهَا . وَأَمَّا بِلَالٌ وَخَبَّابٌ وَجَبْرٌ وَعَمَّارٌ فَعُذِّبُوا حَتَّى قَالُوا : نُمْضِي مَا أَرَادَ الْمُشْرِكُونَ ، ثُمَّ أَرْسَلُوهُمْ ، فَفِيهِمْ نَزَلَتْ : {{ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }}
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ ، فَشَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا . وَأَمَّا عَمَّارٌ فَلَمْ يَزَالُوا يُعَذِّبُونَهُ حَتَّى كَادُوا يَقْتُلُونَهُ ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ يَأْبَى عَلَيْهِمْ أَنْ يَكْفُرَ قَالُوا : تَسُبُّ النَّبِيَّ وَنُخْلِي سَبِيلَكَ ، فَلَمَّا فَعَلَ فَعَلُوا ، فَخَرَجَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ : أَفْلَحَ وَجْهُ أَبِي الْيَقْظَانِ قَالَ : مَا أَفْلَحَ وَجْهُهُ وَلَا أَنْجَحَ قَالَ : مَا لَكَ أَبَا الْيَقْظَانِ قَالَ : بَدَرُونِي حَتَّى سَبَبْتُكَ قَالَ : فَكَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ ؟ قَالَ : يُحِبُّكَ وَيُؤْمِنُ بِكَ قَالَ : فَإِنِ اسْتَزَادُوكَ مِنْ ذَلِكَ فَزِدْ . قَالَ أَبُو زَيْدِ بْنُ شَبَّةَ : فَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَأَثْبَتَ مِنْهُ ، أَنَّ عَمَّارًا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، حَدَّثَ بِهِ شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، كَذَلِكَ رَوَى شُعْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدِمَهَا قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَمَا رَوَى شُعْبَةُ أَقْوَى فِي الْإِسْنَادِ وَأَحْرَى أَنْ يَكُونَ ، لِأَنَّ عَمَّارًا وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَا يَتَخَلَّفَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَغْضَبُ إِذَا قِيلَ إِنَّهُ هَاجَرَ قَبْلَ أَبِيهِ وَيَقُولُ : قَدِمْتُ أَنَا وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدْنَاهُ قَائِلًا ، فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ فَأَرْسَلَنِي عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : اذْهَبْ فَانْظُرْ هَلِ اسْتَيْقَظَ ؟ فَأَتَيْتُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَبَايَعْتُهُ ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ ، فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ ، فَهَرْوَلَ هَرْوَلَةً حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَبَايَعَهُ ، ثُمَّ بَايَعْتُهُ . فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَغْضَبُ إِذَا قِيلَ لَهُ : هَاجَرْتَ قَبْلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : إِنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا مَنْ هَاجَرَ قَالَ : فَقُلْتُ : لَا أَدْخُلُ مَنْزِلِي حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَسْأَلَهُ قَالَ : فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ : لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ هَاجَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ ، وَإِنِ اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ ابْنِ جَعْفَرٍ ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ الْفَتْحِ فَقَالَ : مَا جَاءَ بِكَ أَبَا أُمَيَّةَ ؟ قَالَ : زَعَمَ النَّاسُ أَنَّهُ لَا خَلَاقَ لِمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ فَقَالَ : عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتَرْجِعَنَّ حَتَّى تَتَبَطَّحَ بِبَطْحَاءِ مَكَّةَ ، فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ : أَخْبَرَنَا الْحِزَامِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ : لَمَّا قَدِمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ الْمَدِينَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : عَلَى مَنْ نَزَلْتَ ؟ قَالَ : عَلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَزَلْتَ عَلَى أَشَدِّ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشٍ حُبًّا قَالَ أَبُو زَيْدِ بْنُ شَبَّةَ : كَانَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّحَّامِ يَمُونُ عَالَةَ بَنِي عَدِيٍّ ، فَأَرَادَ الْهِجْرَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَسَأَلَهُ قَوْمُهُ الْمُقَامَ فِيهِمْ وَقَالُوا : إِنَّهُ لَا يَنَالُكَ أَحَدٌ بِمَكْرُوهٍ وَمِنَّا نَفْسٌ حَيَّةٌ ، فَأَقَامَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قَوْمُكَ كَانُوا لَكَ خَيْرًا مِنْ قَوْمِي لِي ؛ أَخْرَجَنِي قَوْمِي وَحَبَسَكَ قَوْمُكَ قَالَ نُعَيْمٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ قَوْمَكَ أَخْرَجُوكَ إِلَى الْهِجْرَةِ ، وَحَبَسَنِي قَوْمِي عَنْهَا
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مَهْدِيٍّ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرِ بْنِ كُرَيْبٍ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَسَلَّمَ قَامَ فَتَصَفَّحَ بِوَجْهِهِ النَّاسَ ، فَإِذَا رَأَى رَجُلًا لَمْ يَكُنْ رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ سَأَلَ عَنْهُ . قَالَ جُبَيْرٌ : فَرَأَى يَوْمًا رَجُلًا لَمْ يَكُنْ رَآهُ قَبْلَهَا فَقَالَ : مَنْ تَكُونُ يَا عَبْدَ اللَّهِ ؟ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : أَنَا وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ اللَّيْثِيُّ قَالَ : فَمَا جَاءَ بِكَ ؟ قَالَ : مُهَاجِرٌ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ : هِجْرَةُ إِقَامَةٍ ، أَمْ هِجْرَةُ رَجْعَةٍ ؟ - قَالَ : وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يُسْلِمُ ثُمَّ يَرْجِعُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسْلِمُ وَيُقِيمُ - قَالَ : بَلْ هِجْرَةُ إِقَامَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَعْطِنِي يَدَكَ ، فَبَسَطَهَا فَصَافَحَهُ عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولَهُ ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَتُطِيعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيمَا اسْتَطَعْتَ قَالَ : نَعَمْ ، فَصَافَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى يَدِهِ ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ رَسُولِ اللَّهِ الْمُهَاجِرِينَ فِيمَا اسْتَطَعْتَ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ حَكِيمٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : خَرَجْتُ مِنْ أَهْلِي أُرِيدُ الْإِسْلَامَ ، فَقَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ ، فَصَفَفْتُ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ فَصَلَّيْتُ بِصَلَاتِهِمْ ، فَلَمَّا فَرَغَ انْتَهَى إِلَى وَاثِلَةَ وَهُوَ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ فَقَالَ : مَا حَاجَتُكَ ؟ قُلْتُ : الْإِسْلَامُ قَالَ : هُوَ خَيْرٌ لَكَ قَالَ : وَتُهَاجِرُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ قَالَ : هِجْرَةُ الْبَادِي أَوْ هِجْرَةُ التَّأَلُّهِ ؟ قُلْتُ : أَيُّهَا خَيْرٌ ؟ قَالَ : هِجْرَةُ التَّأَلُّهِ - قَالَ : وَهِجْرَةُ التَّأَلُّهِ أَنْ يَثْبُتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَهِجْرَةُ الْبَادِي أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بَادِيَتِهِ - قَالَ : وَعَلَيْكَ الطَّاعَةُ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ ، قُلْتُ : نَعَمْ قَالَ : فَقَدَّمَ يَدَهُ وَقَدَّمْتُ يَدِي ، فَلَمَّا رَآنِي لَا أَسْتَثْنِي لِنَفْسِي شَيْئًا قَالَ : فِيمَا اسْتَطَعْتَ ، قُلْتُ : فِيمَ اسْتَطَعْتُ ، فَضَرَبَ عَلَى صَدْرِي
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ أَبِي حَرْبٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيَّ ، عَنْ طَلْحَةَ قَالَ أَبُو زَيْدٍ : هَذَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو النَّضْرِيُّ قَالَ : كَانَ مَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَكَانَ لَهُ بِهَا عَرِيفٌ نَزَلَ عَلَى عَرِيفِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهَا عَرِيفٌ نَزَلَ الصُّفَّةَ ، فَكُنْتُ فِيمَنْ نَزَلَ الصُّفَّةَ ، فَوَافَقْتُ رَجُلَيْنِ ، فَكَانَ يَجْرِي عَلَيْنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ تَمْرٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَنَادَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَحْرَقَ التَّمْرُ بُطُونَنَا ، وَتَخَرَّقَتْ عَلَيْنَا الْخُنُفُ ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى مِنْبَرِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَذَكَرَ مَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ : حَتَّى أَنْ كَانَ لَيَأْتِي عَلَيَّ وَعَلَى صَاحِبَيَّ بَضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا الْبَرِيرَ ، فَقَدِمْنَا عَلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ ، وَجُلُّ طَعَامِهِمُ التَّمْرُ ، فَوَاسَوْنَا ، وَلَوْ أَجِدُ لَكُمُ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ لَأَطْعَمْتُكُمْ ، وَلَكِنْ لَعَلَّكُمْ سَتُدْرِكُونَ زَمَانًا - أَوْ مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ - تَلْبَسُونَ فِيهِ مِثْلَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ، وَيُغْدَى وَيُرَاحُ عَلَيْكُمْ بِالْجِفَانِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا هَاجَرَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ وَكَّلَ بِهِ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ : فَفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ، وَأَقْرِئْهُ الْقُرْآنَ فَهَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَوَكَّلَ بِي رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَفَقَّهَنِي فِي الدِّينِ ، وَأَقْرَأَنِي الْقُرْآنَ ، وَكُنْتُ أَغْدُو عَلَيْهِ فَأَجْلِسُ بِبَابِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مَتَى يَخْرُجُ ، فَإِذَا خَرَجَ تَرَدَّدْتُ مَعَهُ فِي حَوَائِجِهِ فَأَسْتَقْرِئُهُ الْقُرْآنَ ، وَأَسْأَلُهُ فِي الدِّينِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ ، فَإِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ انْصَرَفْتُ عَنْهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ : أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ : {{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ }} قَالَ : هُمُ الَّذِينَ هَاجَرُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا قَيْسٌ ، عَنْ سِمَاكٍ ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الثَّقَفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : مَرَّتْ بِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رُفْقَةٌ فَقَالَ : مَنِ الْقَوْمُ ؟ فَقَالَ حَادِي ابْنِ عُمَرَ : قُرَيْشٌ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : قُرَيْشٌ قُرَيْشٌ نَحْنُ الْمُهَاجِرُونَ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ : لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى الْأَنْصَارِ الْمَدِينَةَ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قَاسِمُوا الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَيْكُمْ ، قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نُقَاسِمُهُمُ التَّمْرَ قَالَ : أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ قَالُوا : مَا هُوَ ؟ قَالَ : يَكْفُونَكُمُ الْمَؤُونَةَ وَتُقَاسِمُونَهُمُ التَّمْرَ ، قَالُوا : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ، فَكَانُوا يَكْفُونَهُمُ الْمَؤُونَةَ وَيُقَاسِمُونَهُمُ التَّمْرَ ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَكُونُ لَهُ الْمَرْأَتَانِ فَيُخَيِّرُ أَخَاهُ الْمُهَاجِرَ فِي إِحْدَاهِمَا
حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، عَنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ : لَمَّا ظَهَرَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ قَالَ لِلْأَنْصَارِ : إِنَّ إِخْوَانَكُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَيْسَتْ لَهُمْ أَمْوَالٌ ، فَإِنْ شِئْتُمْ قَسَمْتُ هَذِهِ الْأَمْوَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَكُمْ جَمِيعًا ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَمْسَكْتُمْ أَمْوَالَكُمْ فَقَسَمْتُ هَذِهِ فِيهِمْ خَاصَّةً ؟ قَالُوا : لَا ، بَلِ اقْسِمْ هَذِهِ فِيهِمْ ، وَاقْسِمْ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ . فَنَزَلَتْ : {{ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }} قَالَ : وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا ، فَوَاللَّهِ مَا مَثَلُنَا وَمَثَلُكُمْ إِلَّا مَا قَالَ طُفَيْلٌ الْغَنَوِيُّ لِبَنِي جَعْفَرٍ : جَزَى اللَّهُ عَنَّا جَعْفَرًا حِينَ أَزْلَقَتْ بِنَا نَعْلُنَا فِي الْوَاطِئِينَ فَزَلَّتِ أَبَوْا أَنْ يَمَلُّونَا وَلَوْ أَنَّ أَمَّنَا تُلَاقِي الَّذِي يَلْقَوْنَ مِنَّا لَمَلَّتِ فَذُو الْمَالِ مَوْفُورٌ وَكُلٌّ مُعَصَّبٌ إِلَى حُجُرَاتٍ أَدْفَأَتْ وَأَظَلَّتِ
قَالَ يَحْيَى : وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : قَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ إِلَّا سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ وَأَبَا دُجَانَةَ وَكَذَا نَفَرًا ، فَأَعْطَاهُمَا مِنْهَا
حَدَّثَنَا g مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ الْمُهَاجِرُونَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قَوْمٍ قَدِمْنَا عَلَيْهِمْ أَكْثَرَ بَذْلًا مِنْ كَثِيرٍ ، وَلَا أَكْثَرَ مُوَاسَاةٍ مِنْ قَلِيلٍ ، كَفَوْنَا الْمَؤُونَةَ ، وَأَشْرَكُونَا فِي الْمَهْنَأِ ، فَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَكُونُوا قَدْ ذَهَبُوا بِالْأَجْرِ كُلِّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كَلَّا ، مَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ لَهُمْ وَأَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ }} : لَيْسَتْ عَامَّةً إِلَّا فِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، بَكَى عَلَيْهِمْ أَزْوَاجُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ
حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، وَمُوسَى قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : مَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ الْآخِرِينَ ؟ قَالَ : فَرَّقَ بَيْنَهُمُ الْقِبْلَتَانِ ، فَمَنْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَهُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ : أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ الَّذِينَ شَهِدُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ
قَالَ مُحَمَّدٌ : وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ : أَنْبَأَنَا دَاوُدُ قَالَ : سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ ، يَقُولُ : فَضْلُ مَا بَيْنَ الْهِجْرَتَيْنِ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ
قَالَ : وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ : إِمَّا مَنْصُورًا وَإِمَّا غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا حَدَّثَنَا ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : فَتْحُ مَكَّةَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : مَا بَقِيَ أَحَدٌ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ غَيْرِي
حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا قُرَّةُ قَالَ : سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنِ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ فَقَالَ : مَنْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ جَمِيعًا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : وَكَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَلَّوْا قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو غَسَّانَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ ، عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ قَالَ : قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ : أُنْزِلَ فِيَّ آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ ، كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ فِي الْهُدْنَةِ حِينَ صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قُرَيْشًا عَلَى أَنَّهُ مَنْ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ رَدَّهُ إِلَيْهِ ، وَمَنْ جَاءَ قُرَيْشًا مِمَّنْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَرُدُّوهْ إِلَيْهِ . قَالَتْ : فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ قَدِمَ عَلَيَّ أَخِي الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ . قَالَتْ : فَفَسَخَ اللَّهُ الْعَقْدَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ فِي شَأْنِي ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ }} قَالَتْ : ثُمَّ أَنْكَحَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ نَكَحَنِي ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، زَوَّجْتَ بِنْتَ عَمِّكَ مَوْلَاكَ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }} قَالَتْ : فَسَلَّمْتُ لِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ قُتِلَ عَنِّي فَأَرْسَلَ إِلَيَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ أُبَيَّ بْنَ خَالِدٍ فَأَحْبَسَنِي عَلَى نَفْسِهِ ، فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {{ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ }} قَالَتْ : ثُمَّ حَلَلْتُ فَتَزَوَّجْتُ الزُّبَيْرَ ، وَكَانَ ضَرَّابًا لِلنِّسَاءِ ، فَوَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ بَعْضُ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ، فَضَرَبَنِي وَخَرَجَ عَنِّي ، وَأَنَا حَامِلٌ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ فَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، فَفَارَقَنِي ، فَضَرَبَنِي الْمَخَاضُ فَوَلَدْتُ زَيْنَبَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ ، فَرَجَعَ وَقَدْ حَلَلْتُ فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَوَلَدْتُ عِنْدَهُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدًا وَحُمَيْدًا بَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ ، كَانَتْ تَحْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ، وَكَانَتْ لَهُ كَارِهَةً ، وَكَانَ شَدِيدًا عَلَى النِّسَاءِ ، فَكَانَتْ تَسْأَلُهُ الطَّلَاقَ ، فَيَأْبَى ، فَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ، فَأَلَحَّتْ عَلَيْهِ يَوْمًا وَهُوَ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ، فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَوَضَعَتْ ، فَاتَّبَعَهُ إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِهِ وَقَالَ : إِنَّهَا وَضَعَتْ قَالَ : خَدَعَتْنِي خَدَعَهَا اللَّهُ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : سَبَقَ فِيهَا كِتَابُ اللَّهِ ، اخْطُبْهَا قَالَ : لَا لَا تَرْجِعُ إِلَيَّ
حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، أَنَّ أُمَّ كُلْثُومِ ابْنَةَ عُقْبَةَ بْنِ مُعَيْطٍ كَانَتْ أُخْتَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لِأُمِّهِ ، وَأَنَّهَا أَوَّلُ بِكْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ هَاجَرَتْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَتَزَوَّجَهَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَمَاتَ عَنْهَا ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، أَنَّ أُمَيْمَةَ بِنْتَ بِشْرٍ الْأَنْصَارِيَّ ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، كَانَتْ تَحْتَ يَدَيِ الدَّحْدَاحِ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ ، فَفَرَّتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَكَّةَ حَتَّى أَتَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تُرِيدُ الْإِسْلَامَ ، فَهَمَّ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِرَدِّهَا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ {{ فَامْتَحِنُوهُنَّ }} ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ لِلْمَرْأَةِ حِينَ تَأْتِيهِ : بِاللَّهِ مَا أَخْرَجَكِ ، بُغْضُ زَوْجِكِ ؟ بِاللَّهِ مَا أَخْرَجَكِ ، شِدَّةٌ أَصَابَتِكِ ؟ بِاللَّهِ مَا تُرِيدِينَ إِلَّا الْإِسْلَامَ وَالْهِجْرَةَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ؟ فَفَعَلَتْ ، وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَوَّجَهَا سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ ، فَوَلَدَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، أَنَّ امْرَأَةَ ابْنِ الدَّحْدَاحِ أُمَيْمَةَ بِنْتَ بِشْرٍ فَرَّتْ مِنْ زَوْجِهَا ، وَكَانَ مُشْرِكًا ، فَلَمَّا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَمَّ بِرَدِّهَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {{ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ }} ، فَنَكَحَهَا سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ ، فَبَعَثَ إِلَى الْمُشْرِكِ بِمَا أَنْفَقَ وَهُوَ مِنَ الصَّدَاقِ
حَدَّثَنَا ابْنُ حُذَيْفَةَ قَالَ سُفْيَانُ : عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ : {{ إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ }} قَالَ : كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تَفِرُّ إِلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَيُعْطِي الْمُشْرِكِينَ الْمُسْلِمُونَ مَهْرَهَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {{ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ }} ، يَقُولُ : إِنْ أَصَبْتُمْ مِنْهُمْ غَنِيمَةً
حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُرْوَةَ ، أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ : قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ ، وَهِيَ مُشْرِكَةٌ ، إِذْ عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي مُدَّتِهِمْ ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقُلْتُ : إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ رَاغِبَةٌ ، أَفَأَصِلُهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَصِلِي أُمَّكِ
حَدَّثَنَا ابْنُ عَثَمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ أَسْمَاءِ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي ، تَعْنِي لِمَيْرِهَا وَهِيَ رَاغِبَةٌ ، وَهِيَ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَمُدَّتِهِمُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ ، أَفَأَصِلُهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَصِلِيهَا
حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ أَسَدِ بْنِ نَصْرٍ ، مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ حَسَلٍ ، عَلَى ابْنَتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ طَلَّقَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَقَدِمَتْ عَلَى ابْنَتِهَا بِهَدَايَا ضِبَابٍ وَسَمْنٍ وَقَرَظٍ ، فَأَبَتْ أَسْمَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنْ تَقْبَلَ مِنْهَا أَوْ تُدْخِلَهَا مَنْزِلَهَا حَتَّى أَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنْ سَلِي عَنْ هَذَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَخْبَرَتْهُ ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ تَقْبَلَ هَدَايَاهَا ، وَتُدْخِلَهَا مَنْزِلَهَا ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ {{ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ }} ، إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ
حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُقَالُ لَهُ : عُثْمَانُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ : لَمَّا خَرَجَتْ أُمُّهَا مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرَةً إِلَى الْمَدِينَةِ أَمْسَتْ بِالْمُنْصَرَفِ قَرِيبًا مِنَ الرَّوْحَاءِ فَلَمْ تَجِدْ مَا تُفْطِرُ عَلَيْهِ ، وَعَطِشَتْ فَاشْتَدَّ عَطَشُهَا ، فَدُلِّيَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ دَلْوٌ ثُمَّ شَيْءٌ أَبْيَضُ فَشَرِبَتْ ، وَكَانَتْ تَقُولُ : مَا عَطِشْتُ مُنْذُ شَرِبْتُ تِلْكَ الشَّرْبَةَ ، قَدْ صُمْتُ فِي الْهَوَاجِرِ وَتَعَرَّضْتُ لِلْعَطَشِ ، فَمَا أَصَابَنِي عَطَشٌ بَعْدُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ : أَنْبَأَنَا الْمَسْعُودِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ : لَقِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ : نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ ، لَوْلَا أَنَّكُمْ سَبَقْتُمْ بِالْهِجْرَةِ فَنَحْنُ أَفْضَلُ مِنْكُمْ فَقَالَتْ : كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُعَلِّمُ جَاهِلَكُمْ وَيَحْمِلُ رَاجِلَكُمْ ، وَفَرَرْنَا بِدِينِنَا ، وَلَسْتُ بِرَاجِعَةٍ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي لَقِيتُ عُمَرَ فَقَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَكُمْ هِجْرَتُكُمْ مَرَّتَيْنِ : هِجْرَتُكُمْ إِلَى الْحَبَشَةِ ، وَهِجْرَتُكُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ لَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ ، مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ فَقَالَ عِكْرِمَةُ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَا أَدَعُ مَوْقِفًا وَقَفْتُهُ لِأَحِدَّ بِهِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ، وَلَا أَدَعُ نَفَقَةً أَنْفَقْتُهَا لِأَحِدَّ بِهَا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ، إِلَّا أَنْفَقْتُ مِثْلَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ