حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ أَيْضًا ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرَكَانِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَأَصْغَى سَمْعَهُ ، وَحَنَى جَبْهَتَهُ ، يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ بِنَفْخٍ ، فَيَنْفُخَ ؟ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ : كَيْفَ نَقُولُ ؟ قَالَ : قُولُوا : حَسْبُنَا اللَّهُ وَنَعْمَ الْوَكِيلُ ، عَلَى اللَّهِ نَتَوَكَّلُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَخَذَ أَبُو صَالِحٍ إِيَّاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَقَدْ حَدَّثَنَاهُ أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَخْذُ أَبِي صَالِحٍ إِيَّاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، لَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيُنَ ، عَنْ عِمْرَانَ وَهُوَ : الْبَارِقِيُّ ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ ، عَنْ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَخْذُ عَطِيَّةَ إِيَّاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَقَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ عَطِيَّةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : {{ فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ }} قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كَيْفَ أَنْعَمُ ، وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ ؟ ، وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا ذَوَّادُ بْنُ عُلْبَةَ ، عَنْ عَطِيَّةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ أَبُو غَسَّانَ : وَقَالَ غَيْرُهُ : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كَيْفَ أَنْعَمُ ؟ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَفِيمَا رُوِّينَاهُ : أَنَّ الصُّورَ : قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيهِ
وَقَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْلَمُ ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُوَ : الْعِجْلِيُّ ، عَنْ بِشْرِ بْنِ شَغَافٍ ، حَدَّثَهُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَهُ : مَا الصُّورُ ؟ قَالَ : قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَوَافَقَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِّينَاهَا قَبْلَهُ ، وَتَأَمَّلْنَا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذِكْرِهِ عَزَّ وَجَلَّ الصُّورَ فِيهِ ، فَوَجَدْنَا فِيهِ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ يس : {{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ }} ، وَكَانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّفْخَ فِي الصُّورِ أَعَادَ إِلَيْهِمْ أَرْوَاحَهُمْ ، حَتَّى عَادُوا يَنْسِلُونَ بَعْدَمَا قَدْ كَانُوا مَوْتَى لَا أَرْوَاحَ لَهُمْ ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَا كَانَ مِنَ النَّفْخِ فِي الصُّوَرِ سَبَبًا لِعَوْدِ أَرْوَاحِهِمْ إِلَيْهِمْ حَتَّى عَادُوا كَذَلِكَ ، وَهَكَذَا يَقُولُ أَهْلُ الْآثَارِ فَأَمَّا أَهْلُ اللُّغَةِ مِنْهُمْ : أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى فَكَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ :
مَا قَدْ حَدَّثَنَا وَلَّادٌ النَّحْوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمَصَادِرِيُّ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ : {{ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ }} قَالَ جَمَاعَةٌ : صُورَةٌ ، مِثْلُ قَوْلِهِمْ : سُورَةٌ ، وَسُوَرٌ ، قَالَ الْعَجَّاجُ : فَرُبَّ ذِي سُرَدَاقٍ مَحْجُورِ سِرْتُ إِلَيْهِ فِي أَعَالِي السُّورِ وَمِنْهَا سُورَةُ الْمَجْدِ : أَعَالِيهِ قَالَ جَرِيرٌ : لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ سُوَرُ الْمَدِينَةِ وَالْجِبَالُ الْخُشَّعُ وَمَا ذَكَرَهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ فِي هَذَا الْكِتَابِ : {{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ }} ، جَمْعُ صُورَةٍ ، فَخَرَجَتْ مَخْرَجَ بُسْرَةٍ ، وَبُسْرٍ ، لَمْ تُحْمَلْ عَلَى ظُلْمَةٍ ، وَظُلَمٍ ، وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَقِيلَتْ : صُوَرٌ ، فَخَرَجَتُ الْوَاوُ بِالْفَتْحَةِ كَسُورَةِ الْمَدِينَةِ ، وَالْجَمِيعُ سُوَرٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ فِي كِتَابِهِ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ وَمُشْكِلِ إِعْرَابِهِ قَالَ : وَقَدْ يُقَالَ : إِنَّ الصُّورَ قَرْنٌ ، وَيُقَالَ : هُوَ جَمْعُ الصُّوَرِ ، يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فِي الْمَوْتَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصَوَابِ ذَلِكَ وَفِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مِنْ سُورَةِ يس ، مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي أَجْدَاثِهِمْ لَا أَرْوَاحَ فِي أَبْدَانِهِمْ ، حَتَّى أَعَادَ اللَّهُ إِلَيْهَا أَرْوَاحُهُمْ بِمَا شَاءَ أَنْ يُعِيدَهَا إِلَيْهِمْ بِهِ وَفِي سُورَةِ النَّمْلِ : {{ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ }} فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : أَنَّ ذَلِكَ النَّفْخَ فِي الصُّورِ كَانَ وَهُمْ أَحْيَاءٌ فَمَاتُوا بِذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ مَا فِي سُورَةِ الزُّمَرِ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ }} ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : {{ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى }} ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْمَنْفُوخَ فِيهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ ، لَا أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى صَوَابِ مَا قَالَ أَهْلُ الْآثَارِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَعَادَ مَا قَدْ تَلَوْنَا مِنْ أَيِ الْقُرْآنِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الصُّورِ مَا اسْتَدْلَلْنَا بِهِ فِي بَعْضِهَا : أَنَّ النَّاسَ كَانُوا أَمْوَاتًا حِينَئِذٍ ، فَرُدَّتْ إِلَيْهِمْ أَرْوَاحُهُمْ بِذَلِكَ ، وَهُوَ مَا تَلَوْنَا مِنْ ذَلِكَ مِنْ سُورَةِ يس ، وَكَانَ فِي بَعْضِهَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُمْ كَانُوا أَحْيَاءً ، فَمَاتُوا بِذَلِكَ عَلَى مَا تَلَوْنَا مِنْ سُورَةِ النَّمْلِ ، وَمَنْ سُورَةِ الزُّمَرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي اسْتَدْلَلْنَا عَلَيْهِ بِمَا فِي هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ رَاشِدٍ يُحَدِّثُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى ، فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ ، فَإِذَا مُوسَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ ، فَلَا أَدْرِي : أَصُعِقَ فِيمَنْ كَانَ صُعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي ، أَوْ كَانَ فِيمَنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : يَنْفُخُ فِي الصُّورِ ، فَيُصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ، إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، فَإِذَا مُوسَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ آخِذٌ قَائِمَةً مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ ، فَلَا أَدْرِي : أَكَانَ فِيمَنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، أَوْ رَفَعَ قَبْلِي فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ : أَنَّ النَّفْخَ فِي الصُّورِ كَانَ وَهُمْ أَحْيَاءٌ ، فَمَاتُوا بِذَلِكَ ، ثُمَّ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالنَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ فِيهِ ، وَكَانَ فِيمَا رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الصُّوَرَ هُوَ الْقَرْنُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ ، لَا مَا سِوَاهُ ، مِمَّا قَدْ ذَكَرَهُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ الصُّورُ ، وَالَّذِي نَرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، حَمَلَ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الصُّورِ هُوَ عَلَى مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مِنْ سُورَةِ يس ، لِأَنَّ الْمَنْفُوخَ فِيهِمْ حِينَئِذٍ كَانُوا أَمْوَاتًا ، فَنَفَخَ فِيهِمُ الرُّوحَ ، وَمَا فِي الِاثْنَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ عَلَى نَفْخٍ كَانَ فِي الصُّورِ ، وَالنَّاسُ أَحْيَاءٌ ، فَمَاتُوا بِذَلِكَ ، فَذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ أَنْ يَكُونَ أُرِيدُ بِهِ الصُّورُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، بِمَا أَرَادَ فِي ذَلِكَ مِمَّا أَنْزَلَهُ فِي كِتَابِهِ ، وَمِمَّا قَالَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ تَبُوكَ ، حَتَّى إِذَا جِئْنَا وَادِي الْقُرَى جَاءَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَلِكُ أَيْلَةَ ، فَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ ، فَكَسَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بُرْدًا ، وَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِبَحْرِهِمْ فَقَالَ قَائِلٌ : مَا مَعْنَى كِتَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِبَحْرِ أَيْلَةَ لَمِلِكِهَا عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقٍ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْبَحْرُ الْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : السَّعَةُ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا بَحْرُ الْمَاءِ ، وَمَا سِوَاهُ ، كَذَلِكَ يَقُولُ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي الْبَحْرِ ، وَيَقُولُونَ : إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِحَارُ الْمَاءِ بِحَارًا ، لِسَعَتِهَا ، وَانْبِسَاطِهَا ، حَتَّى قَالُوا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ إِذَا اسْتَبْحَرَ الْمَكَانُ بِدُخُولِ الْمَاءِ إِيَّاهُ ، وَانْبِسَاطِهِ فِيهِ : قَدِ اسْتَبْحَرَ الْمَكَانُ ، وَمِنْهُ قَالُوا : قَدِ اسْتَبْحَرَ فُلَانٌ فِي الْعِلْمِ : إِذَا اتَّسَعَ فِيهِ ، وَبَحَرْتَ الشَّيْءَ : إِذَا شَقَقْتَهُ ، وَبَحَرْتَ النَّاقَةَ : إِذَا شَقَقْتَ أُذُنَهَا طُولًا ، وَمِنْهُ : الْبَحِيرَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ ، لِمَا شُقَّ مِنْ أُذُنِهَا وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْفَرَسِ الَّذِي رَكِبَهُ لِأَبِي طَلْحَةَ : إِنَّهُ بَحْرٌ ، وَإِنَّا وَجَدْنَاهُ بَحْرًا وَمِنْهُ قَوْلُ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ : وَلَكِنْ أَبَى ذَلِكَ الْبَحْرُ يَعْنِي : ابْنَ عَبَّاسٍ لِسَعَةِ مَا كَانَ عَلَيْهِ عِنْدَهُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي قَالَ فِيهِ هَذَا الْقَوْلَ ثُمَّ طَلَبْنَا كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ، كَيْفَ كَانَ ؟ لِنَقِفَ عَلَى الْمَعَانِي الْمُرَادَةِ بِمَا فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدْ كَتَبَ إِلَيْنَا يُحَدِّثُنَا عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَتَبَ لِأَهْلِ أَيْلَةَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هَذِهِ أَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِيُحَنَّةَ بْنِ رُؤْبَةَ ، وَأَهْلِ أَيْلَةَ لِسُفُنِهِمْ ، وَلِسَيَّارَتِهِمْ ، وَلِبَحْرِهِمْ ، وَلِبَرِّهِمْ ، ذِمَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلِمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ كُلِّ مَارٍّ مِنَ النَّاسِ مَنِ أَهْلِ الشَّامِ ، وَالْيَمَنِ ، وَأَهْلِ الْبَحْرِ ، فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا ، فَإِنَّهُ لَا يَحُولُ مَالُهُ دُونَ نَفْسِهِ ، وَإِنَّهُ طَيِّبَةٌ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنَ النَّاسِ ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُمْنَعُوا مَاءً يَرِدُونَهُ ، وَلَا طَرِيقًا يَرِدُونَهَا مِنْ بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ هَذَا كِتَابُ جُهَيْمِ بْنِ الصَّلْتِ وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عُزَيْزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادِ بْنِ عَقِيلٍ الْأَيْلِيَّ قَدْ ذَكَرَ لَنَا أَنَّ الْكِتَابَ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَتَبَهُ لِيُحَنَّةَ بْنِ رُؤْبَةَ ، وَلِأَهْلِ أَيْلَةَ مِمَّا أَخَذُوهُ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ ، فَأَخَذْنَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُزَيْزٍ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هَذِهِ أَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَسُولِ اللَّهِ لِيُحَنَّةَ بْنِ رُؤْبَةَ ، وَأَهْلِ أَيْلَةَ سُفُنِهِمْ ، وَسَيَّارَتِهِمْ فِي الْبَحْرِ ، وَالْبَرِّ ، لَهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلِمَنْ يَكُونُ مَعَهُمْ مِنْ كُلِّ مَارٍّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ، وَالْبَحْرِ ، فَمَنْ أَحْدَثَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَحُولُ مَالُهُ دُونَ نَفْسِهِ ، وَإِنَّهُ طَيِّبَةٌ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنَ النَّاسِ ، وَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يُمْنَعُوا مَاءً يَرِدُونَهُ ، وَلَا طَرِيقًا يَرِدُونَهَا مِنْ بَحْرٍ أَوْ بَرٍّ هَذَا كِتَابُ جُهَيْمِ بْنِ الصَّلْتِ ، وَشُرَحْبِيلَ فَوَقَفَنَا بِمَا فِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى ، كَيْفَ كَانَ ؟ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَتَبَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ الْكِتَابَ ، فَوَجَدْنَا الْقَادِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَقْدُمُونَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْيَمَنِ ، وَمِنَ الشَّامِ كَانُوا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ مِنَ الشِّرْكِ ، وَمِنَ النَّصْرَانِيَّةِ ، وَمِنَ الْيَهُودِيَّةِ ، وَكَانَ لِمَنْ وَافَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكِ الْمَوَاضِعِ أَنْ يَغْنَمَهُمْ ، كَمَا نَغْنَمُ مَنْ وَجَدْنَاهُ فِي بِلَادِنَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ ، مِمَّنْ دَخَلَ إِلَيْنَا بِلَا أَمَانٍ ، فَجَعَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَا كَتَبَ لَهُمْ ، مِمَّا ذَكَرْنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ الْحُكْمِ ، وَجَعَلَهُمْ إِذَا دَخَلُوا هَذِهِ الْمَوَاضِعَ آمِنَيْنَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، وَعَلَى مَا مَعَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ كَتَبَ لَهُ ذَلِكَ الْكِتَابَ أَعْظَمُ الْمَنَافِعِ ، لِأَنَّهُمْ يَمِيرُونَهُمْ ، وَيَجْلِبُونَ إِلَيْهِمُ الْأَطْعِمَةَ الَّتِي يَعِيشُونَ مِنْهَا ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَنْتَفِعُونَ بِهَا ، لَا سِيَّمَا وَأَيْلَةُ لَا زَرْعَ لَهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : أَفَكَانُوا يَعْشُرُونَ كَمَا يَعْشُرُ الْحَرْبِيُّونَ إِذَا دَخَلُوا مِنْ دَارَ الْإِسْلَامِ سِوَى تِلْكَ الْمَوَاضِعِ بِأَمَانٍ ، وَمَعَهُمْ أَمْوَالٌ يُرِيدُونَ التَّصَرُّفَ فِيهَا وَالْبَيْعَ لَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا كَانُوا يُعْشَرُونَ ، كَمَا يُعْشَرُ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ تُجَّارِ دَارِ الْحَرْبِ ، إِذَا دَخَلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ بِالْأَمْوَالِ الَّتِي يُحَاوِلُونَ التَّصَرُّفَ بِهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا رَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْهُمْ لَيَرْغَبُوا بِذَلِكَ فِي الْحَمْلِ إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ، كَمَا خَفَّفَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ مَنْ كَانَ يَقْدُمُ الْمَدِينَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّامِ بِالتِّجَارَاتِ ، فَرَدَّهُمْ مِنَ الْعُشْرِ إِلَى نِصْفِ الْعُشْرِ ، لِيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِحَمْلِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَسَنَذْكُرُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا يُوجِبُ أَنْ يُعْشَرَ أَهْلُ الْحَرْبِ ، مِمَّا يَدْخُلُونَ بِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ مِنَ التِّجَارَاتِ ، وَمَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ فِيمَا بَعْدَ مِنْ كِتَابَنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ قَالَ : إِنْ كَانَ جَامِدًا فَخُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَأَلْقُوهُ ، وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا ، أَوْ مَائِعًا ، فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ ، أَوْ فَاسْتَنْفِعُوا بِهِ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الِاسْتِصْبَاحَ ، أَوِ الِاسْتِنْفَاعِ بِالسَّمْنِ النَّجِسِ ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ رَوَى فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثًا بَيَّنَ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى ، كَمَا بَيَّنَهُ مَعْمَرٌ فِي حَدِيثِهِ هَذَا فَقَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ دِينَارٍ الطَّاحِيَّ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَعْمَرٍ بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ، فَذَكَرَ :
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ الطَّاحِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ قَالَ : إِنْ كَانَ مَائِعًا أُهَرِيقَ ، وَإِذَا كَانَ جَامِدًا أُخِذَتْ وَمَا حَوْلَهَا ، وَأُكِلَ الْآخَرُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ ، وَمِنْ مُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ لَوْ تَفَرَّدَ بِحَدِيثٍ لَكَانَ مَقْبُولًا مِنْهُ ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ ، فَانْفَرَدَ بِزِيَادَةٍ فِي حَدِيثٍ ، كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مَقْبُولَةً مِنْهُ قَالَ : فَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرُ مَعْمَرٍ ، وَهُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، وَمَالِكٌ ، فَخَالَفَا مَعْمَرًا فِي إِسْنَادِهِ وَفِي مَتْنِهِ ، فَذَكَرَ :
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَتْ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ ، فَقَالَ : أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا ، وَكُلُوهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ مَيْمُونَةَ ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِهِ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ : حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، أَخْبَرَهُ : أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّ مَيْمُونَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ فَأْرَةٌ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ ، فَقَالَ : خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا مِنَ السَّمْنِ فَاطْرَحُوهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ مَيْمُونَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مَا رَوَاهُ عَنْهُ مَعْمَرٌ ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، وَمَالِكٌ ، فَلَا نَجْعَلُ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ دَافِعَةً لِلْأُخْرَى ، وَلَكِنْ نُصَحِّحُهُمَا جَمِيعًا ، وَنَعْمَلُ بِمَا فِيهِمَا فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَقَدْ وَجَدْنَاكُمْ تَرْوُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَنْعَ مِمَّا أَطْلَقَهُ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي رُوِّيتُمُوهُ عَنْ مَعْمَرٍ مِنْ إِبَاحَتِهِ الِاسْتِصْبَاحَ بِمَا أَبَاحَ الِاسْتِصْبَاحَ بِهِ فِيهِ
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ : أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَامَ عَامَ الْفَتْحِ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ ، وَالْأَصْنَامَ ، وَالْمَيْتَةَ ، وَالْخِنْزِيرَ ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ : كَيْفَ تَرَى فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ تُدْهَنُ بِهِ السُّفُنُ وَالْجُلُودُ ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهِ النَّاسُ ؟ ، فَقَالَ : هُوَ حَرَامٌ ، قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ ، لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ جَمَّلُوهَا ، فَبَاعُوهُ ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الِاسْتِصْبَاحِ بِشُحُومِ الْمَيْتَةِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شُحُومِ الْمَيْتَةِ ، وَبَيْنَ السَّمْنِ الَّذِي قَدْ خَالَطَتْهُ الْمَيْتَةُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ الَّذِيَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ ، وَالَّذِي فِي هَذَا الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مُخْتَلِفَانِ ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ الَّتِي هِيَ فِي نَفْسِهَا حَرَامٌ ، وَشُحُومِهَا كَذَلِكَ ، وَلَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِالْحَرَامِ ، وَالَّذِي فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ الَّذِي فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، إِنَّمَا هُوَ الِانْتِفَاعُ بِالسَّمْنِ النَّجِسِ ، لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ النَّجِسَةَ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا مِنَ الثِّيَابِ النَّجِسَةِ الَّتِي لَا تَمْنَعُ نَجَاسَتُهَا مِنْ لِبْسِهَا ، وَمِنَ النَّوْمِ فِيهَا ، إِذَا كَانَتْ يَابِسَةً ، لَا يُصِيبُ الْأَبْدَانَ مِنْهَا شَيْءٌ ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالسَّمْنِ النَّجِسِ ، إِذْ كَانَ لَيْسَ بِمَيْتَةٍ فِي نَفْسِهِ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي نَجَّسَهُ هُوَ الْمَيْتَةُ ، حَتَّى يَصِحَّ الْحَدِيثَانِ اللَّذَانِ رُوِّينَاهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ ، وَلَا يَتَضَادَّانِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى فِي السَّمْنِ النَّجِسِ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيُنَ ، عَنْ عَطَاءٍ يَعْنِي : ابْنَ السَّائِبِ ، عَنْ مَيْسَرَةَ ، وَزَاذَانَ ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : إِذَا سَقَطَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ وَهُوَ جَامِدٌ فَاطْرَحْهَا وَمَا حَوْلَهَا مِنَ السَّمْنِ ، ثُمَّ كُلْهُ ، وَإِنْ كَانَ السَّمْنُ ذَائِبًا فَخُذْهَا فَأَلْقِهَا ، وَاسْتَنْفِعْ بِهِ لِلسِّرَاجِ ، وَلَا تَأْكُلْهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ ، قَالَ : إِنْ كَانَ جَامِدًا أُلْقِيَ وَمَا حَوْلَهُ ، وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا اسْتُصْبِحَ بِهِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي الدُّهْنِ : أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّصُ فِيهِ لِلْمِصْبَاحِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي فَأْرَةٍ مَاتَتْ فِي زَيْتٍ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَصْبِحُوا بِهِ ، وَيُعْطُوهُ الدَّبَّاغَةَ
وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ صَفِيَّةَ وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ صَفِيَّةَ : أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي أَمْرَاقٍ لِآلِ عَبْدِ اللَّهِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ اسْتَصْبِحُوا بِهِ ، وَادْهَنُوا بِهِ الْأَدَمَ
وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَصْبِحُوا بِهِ ، وَيَدْهَنُوا بِهِ الْجُلُودَ ، يَعْنِي : فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ
وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ : إِنَّهُمْ أَتَوْا سَوِيقًا ، فَوَجَدُوا فِيهِ وَزَغَةً مَيْتَةً ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى : لَا تَأْكُلُوا ، وَبِيعُوا ، وَلَا تَبِيعُوهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَبَيَّنُوا لِمَنْ تَبِيعُونَهُ مِنْهُ وَكَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى هَذَا إِطْلَاقُ بَيْعِهِ فَقَالَ قَائِلٌ : أَفَتُجِيزُونَ بَيْعَهُ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ لَمَّا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ نَجَاسَتِهِ كَجَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِالثِّيَابِ مَعَ نَجَاسَتِهَا ، وَكَانَ بَيْعُ الثِّيَابِ الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ جَائِزًا ، كَانَ بَيْعُ السَّمْنِ الَّذِي هُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ جَائِزًا فَإِنْ قَالَ : إِنَّ الثِّيَابَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تُغْسَلَ ، فَتَعُودَ طَاهِرَةً ، وَالسَّمْنُ لَا يَعُودُ طَاهِرًا أَبَدًا قِيلَ لَهُ : إِنَّ الثِّيَابَ وَإِنْ كَانَتْ كَمَا ذَكَرْتَ ، فَإِنَّهَا قَبْلَ أَنْ تَعُودَ إِلَى مَا وَصَفْتَ كَالسَّمْنِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي نَجَاسَتِهِ ، وَقَدْ وَجَدْنَا الدُّورَ الَّتِي لَا تَخْلُو مِنَ الْمَخَارِجِ الَّتِي قَدْ نَجَسَتْ مَوَاضِعِهَا بِمَا صَارَ إِلَيْهَا مِمَّا بُنِيَتْ مِنْ أَجْلِهِ ، مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ تَطْهِيرُهَا ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمَانِعٍ مِنْ بَيْعِهَا ، فَالسَّمْنُ الَّذِي ذَكَرْنَا كَهِيَ فِيمَا وَصَفْنَا ، وَقَدْ قَالَ بِجَوَازِ بَيْعِهِ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
كَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، وَسَالِمٍ : أَنَّهُ سَأَلَهُمَا عَنِ الزَّيْتِ تَمُوتُ فِيهِ الْفَأْرَةُ ، هَلْ يَصْلُحُ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ ؟ ، فَقَالَا : لَا ، فَقُلْنَا : نَبِيعُهُ ؟ فَقَالَا : نَعَمْ ، ثُمَّ كُلُوا ثَمَنَهُ ، وَبَيِّنُوا لِمَنْ تَبِيعُونَهُ مَا وَقَعَ فِيهِ وَبِهَذَا الْقَوْلِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ فِي هَذَا الْمَعْنَى ، وَبِهِ نَأْخُذُ ، وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ