عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لِأَهْلِ أَيْلَةَ : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هَذِهِ أَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحَنَّةَ بْنِ رُؤْبَةَ ، وَأَهْلِ أَيْلَةَ لِسُفُنِهِمْ ، وَلِسَيَّارَتِهِمْ ، وَلِبَحْرِهِمْ ، وَلِبَرِّهِمْ ، ذِمَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلِمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ كُلِّ مَارٍّ مِنَ النَّاسِ مَنِ أَهْلِ الشَّامِ ، وَالْيَمَنِ ، وَأَهْلِ الْبَحْرِ ، فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا ، فَإِنَّهُ لَا يَحُولُ مَالُهُ دُونَ نَفْسِهِ ، وَإِنَّهُ طَيِّبَةٌ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنَ النَّاسِ ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُمْنَعُوا مَاءً يَرِدُونَهُ ، وَلَا طَرِيقًا يَرِدُونَهَا مِنْ بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ "
فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدْ كَتَبَ إِلَيْنَا يُحَدِّثُنَا عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَتَبَ لِأَهْلِ أَيْلَةَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هَذِهِ أَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِيُحَنَّةَ بْنِ رُؤْبَةَ ، وَأَهْلِ أَيْلَةَ لِسُفُنِهِمْ ، وَلِسَيَّارَتِهِمْ ، وَلِبَحْرِهِمْ ، وَلِبَرِّهِمْ ، ذِمَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلِمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ كُلِّ مَارٍّ مِنَ النَّاسِ مَنِ أَهْلِ الشَّامِ ، وَالْيَمَنِ ، وَأَهْلِ الْبَحْرِ ، فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا ، فَإِنَّهُ لَا يَحُولُ مَالُهُ دُونَ نَفْسِهِ ، وَإِنَّهُ طَيِّبَةٌ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنَ النَّاسِ ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُمْنَعُوا مَاءً يَرِدُونَهُ ، وَلَا طَرِيقًا يَرِدُونَهَا مِنْ بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ هَذَا كِتَابُ جُهَيْمِ بْنِ الصَّلْتِ وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عُزَيْزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادِ بْنِ عَقِيلٍ الْأَيْلِيَّ قَدْ ذَكَرَ لَنَا أَنَّ الْكِتَابَ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَتَبَهُ لِيُحَنَّةَ بْنِ رُؤْبَةَ ، وَلِأَهْلِ أَيْلَةَ مِمَّا أَخَذُوهُ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ ، فَأَخَذْنَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُزَيْزٍ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هَذِهِ أَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَسُولِ اللَّهِ لِيُحَنَّةَ بْنِ رُؤْبَةَ ، وَأَهْلِ أَيْلَةَ سُفُنِهِمْ ، وَسَيَّارَتِهِمْ فِي الْبَحْرِ ، وَالْبَرِّ ، لَهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلِمَنْ يَكُونُ مَعَهُمْ مِنْ كُلِّ مَارٍّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ، وَالْبَحْرِ ، فَمَنْ أَحْدَثَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَحُولُ مَالُهُ دُونَ نَفْسِهِ ، وَإِنَّهُ طَيِّبَةٌ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنَ النَّاسِ ، وَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يُمْنَعُوا مَاءً يَرِدُونَهُ ، وَلَا طَرِيقًا يَرِدُونَهَا مِنْ بَحْرٍ أَوْ بَرٍّ هَذَا كِتَابُ جُهَيْمِ بْنِ الصَّلْتِ ، وَشُرَحْبِيلَ فَوَقَفَنَا بِمَا فِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى ، كَيْفَ كَانَ ؟ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَتَبَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ الْكِتَابَ ، فَوَجَدْنَا الْقَادِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَقْدُمُونَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْيَمَنِ ، وَمِنَ الشَّامِ كَانُوا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ مِنَ الشِّرْكِ ، وَمِنَ النَّصْرَانِيَّةِ ، وَمِنَ الْيَهُودِيَّةِ ، وَكَانَ لِمَنْ وَافَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكِ الْمَوَاضِعِ أَنْ يَغْنَمَهُمْ ، كَمَا نَغْنَمُ مَنْ وَجَدْنَاهُ فِي بِلَادِنَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ ، مِمَّنْ دَخَلَ إِلَيْنَا بِلَا أَمَانٍ ، فَجَعَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَا كَتَبَ لَهُمْ ، مِمَّا ذَكَرْنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ الْحُكْمِ ، وَجَعَلَهُمْ إِذَا دَخَلُوا هَذِهِ الْمَوَاضِعَ آمِنَيْنَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، وَعَلَى مَا مَعَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ كَتَبَ لَهُ ذَلِكَ الْكِتَابَ أَعْظَمُ الْمَنَافِعِ ، لِأَنَّهُمْ يَمِيرُونَهُمْ ، وَيَجْلِبُونَ إِلَيْهِمُ الْأَطْعِمَةَ الَّتِي يَعِيشُونَ مِنْهَا ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَنْتَفِعُونَ بِهَا ، لَا سِيَّمَا وَأَيْلَةُ لَا زَرْعَ لَهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : أَفَكَانُوا يَعْشُرُونَ كَمَا يَعْشُرُ الْحَرْبِيُّونَ إِذَا دَخَلُوا مِنْ دَارَ الْإِسْلَامِ سِوَى تِلْكَ الْمَوَاضِعِ بِأَمَانٍ ، وَمَعَهُمْ أَمْوَالٌ يُرِيدُونَ التَّصَرُّفَ فِيهَا وَالْبَيْعَ لَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا كَانُوا يُعْشَرُونَ ، كَمَا يُعْشَرُ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ تُجَّارِ دَارِ الْحَرْبِ ، إِذَا دَخَلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ بِالْأَمْوَالِ الَّتِي يُحَاوِلُونَ التَّصَرُّفَ بِهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا رَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْهُمْ لَيَرْغَبُوا بِذَلِكَ فِي الْحَمْلِ إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ، كَمَا خَفَّفَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ مَنْ كَانَ يَقْدُمُ الْمَدِينَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّامِ بِالتِّجَارَاتِ ، فَرَدَّهُمْ مِنَ الْعُشْرِ إِلَى نِصْفِ الْعُشْرِ ، لِيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِحَمْلِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَسَنَذْكُرُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا يُوجِبُ أَنْ يُعْشَرَ أَهْلُ الْحَرْبِ ، مِمَّا يَدْخُلُونَ بِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ مِنَ التِّجَارَاتِ ، وَمَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ فِيمَا بَعْدَ مِنْ كِتَابَنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ