عنوان الفتوى : تركها لتمسكها بدينها وحجابها
أنا أخت خُطبت منذ 4 شهور من شخص أخ لصديقتي وهو يقطن بالخارج مطلق ولديه طفلان هو بالخارج منذ 15 سنة، تعرفنا على بعضنا عبر النت وكان في أول كتابة وبعدها أصبحنا نتحدث عبر المايك، كان كل شيء واضحا هو يعرف أنني محجبة ومطلقة بلا أولاد، في الأول كان الأمر صعبا علي خاصة أنني لم أجرب يوما العيش في الغرب قبلت بعد أن وجدت فيه بعض المواصفات التي تعجب أي فتاة، إنه طيب وصريح ولا يدخن ولا يشرب الخمر يصلي ومن عائلة طيبة وخاصة أنني أعرف أهله جيداً، كنا في كل مرة نتحدث عن أمور كثيرة ومنها ميولي ومعتقداتي ومبادئي كنت واضحة في الأول معه وأنني خائفة من العيش هناك خوفا من تأثير ذلك المجتمع وعادته علي من الجانب الديني، لكن هو كان يقول إن الله موجود في كل مكان والعيش في الغرب لا يجعل أي إنسان يترك دينه والتزامه، لكن هو في بعض الأمور لا يقتنع بها مثل ارتدائي الحجاب أمام إخوته وهو يقول إن الأمر لا يناسبه ولا يرى فائدة من وضع الخمار أمام أهله لأنه معي وهو لم ينظر إلي نظرة سيئة، حاولت أن أُفهمه أن الأمر ليس كما يظن وأعلم أن أهله يحترمونني بحجابي وبغيره، لكن هذا هو الشرع ولا يجوز لي نزعه أمامهم، هو لم يقتنع ولكن سكت، بعدها جاء في حديثنا يوما عن بلاد الغرب وأنا قلت وربما أخطأت في قولي هذا لا أدري أن بلادا مسلمة أفضل وأحب من بلاد كافرة وهو أخذ هذا الكلام بصفة شخصية وقال إن البلد الذي هو فيه أعطاه الكثير خاصة أنه كان مريضا مرضا شديدا ولقد أجريت له عملية هناك زرع كلية مما جعل ذلك البلد بالنسبة له المنقذ له من الموت، قلت له أني لا أقصد هذا، ولكن كيف يستوي بلد يذكر فيها اسم الله ويرفع فيه الأذان على بلد كافر.وبعد هذا الحديث وغيره تغير وتحدث يوما معي في أن نفسخ الخطبة حاولت معه معرفة السبب قال إنه متخوف من تديني وهذا سيؤثر عليه وعلى أولاده وأنني متمسكة بأشياء لا تتلاءم مع طبيعة عيشه هو وأولاده، وأنني متدينة كثيراً ومتحفظة، حاولت أن أرجعه عن قراره لكنه مصرّ وقال إن قراره لا رجعة فيه، أنا ألوم نفسي الآن لأنني أقول أنني تحدثت في أمور الدين قبل الأوان ولو تركت هذا حتى بعد الزواج لكان أفضل، هل كلامي معه عن مبادئي وقناعاتي سبب في فشل هذه الخطبة، هل تمسكي بحجابي ورجوعي في كل أموري حتى في الكلام إلى الشرع خاطئ، هو إنسان متفتح نوعا ما كونه عاش في الغرب وكلامه لا يضبطه الشرع، فهل كان علي مجاراته ومسايرته حتى يتم العقد أم كنت على صواب فيما فعلت، مع العلم بأنه قرر هذا ونحن لا زلنا نتحدث معا عبر النت والهاتف فقط، لم نتقابل بعد، أنا محتارة ومضطربة وخاصة أنني مررت بتجربة أقصى من هذه وهي طلاقي بعد 5 سنوات زواج وهذا بسبب الإنجاب، أنا تعسة جداً ولا أعرف كيف السبيل إلى الراحة هل هذا من قدر الله وأنه كان سيقع حتى لو كان كلامي غير ذلك أم ماذا، فأفيدوني أفادكم الله وسدد خطاكم؟ لا تنسونا من صالح الدعاء.
خلاصة الفتوى:
قد أخطأت في الكلام لغير حاجة مع خطيبك، إذ الكلام بين الخاطبين لا يجوز إلا لحاجة، أما تمسكك بحجابك وبدينك فهو أمر تحمدين عليه وليس خطأ فلا تندمي على أمر فات بسببه، ولا تلومي نفسك بل احمدي الله تعالى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أن الكلام بين الخاطبين لايجوز إلا لحاجة تدعو إليه، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1759، والفتوى رقم: 23880 فراجعيهما.
أما بخصوص ارتداء الحجاب بحضرة إخوة الزوج فلا يخفى عليك أنه واجب ولا يجوز للمرأة أن تطيع زوجها إذا أمرها أن تخلع الحجاب أمام إخوته، وهو إن أمرها بذلك فذلك أمر غير محمود ويتنافى مع الغيرة، وما ذكرناه هنا هو بخصوص الزوج، أما إن كان مجرد خاطب فيجب على خطيبته أن تحتجب منه ولا يجوز له أن يخلو بها ويجب عليهما أن يتأدبا بسائر الآداب اللازمة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه، ولم تخطئي حين قلت إن البلاد المسلمة أفضل وأحب من البلاد الكافرة بل الخطأ القول بخلاف ذلك، وإن كنت تقصدين بقولك هذا خصوص الإقامة فاعلمي أن الإقامة في ديار الإسلام ليست أفضل فقط بل هي واجبة ولا تجوز الإقامة في بلاد الكفار إلا بشروط بيناها في الفتوى رقم: 2007. فراجعيها، وقد ذكرنا فيها بعض المحاذير التي تنتج عن الإقامة في تلك البلاد، وإذا كان خطيبك يرفضك لأجل دينك فأحرى بك أن تسعي في فسخ الخطبة ولا تندمي أبداً، فقد كان حقه أن يزداد تمسكاً بك لدينك وهو بذلك يخالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ..... فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه من حديث أبي هريرة.
ولذلك فلا تلومي نفسك بل احمدي ربك على ما كان، واعلمي أن تمسكك بحجابك ورجوعك إلى الدين في كل أمورك أمر تحمدين عليه، ولم يكن خطأ أبداً، واعلمي أن تقوى الله سبب لتفريج الأمور وتيسير العسير ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، فلا تحزني على شيء فاتك بسبب تدينك فإن الله سيعوضك بما هو خير لك، فأحسني الظن بالله وأكثري من ذكره ودعائه، واعلمي أن كل شيء يجري بقدر فلو أن الله قدر ألا تتزوجي منه فلن يحدث سواء تكلمت بما تكلمت أو لم تتكلمي، واعلمي أن مقولة الله في كل مكان فيها تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 6707 فراجعيها.
والله أعلم.