عنوان الفتوى : تعرف على فتاة وأسلمت على يديه وكان يريد نكاحها فاغتصبت وحملت
أنا شاب مسلم، أبلغ من العمر 30 سنة، تعرفت على فتاة تعيش بدولة غربية قبل أربع سنوات، بنية الزواج بها؛ لما رأيته منها من اهتمام بالإسلام. ساعدتها بكل ما أستطيع حتى أعلنت إسلامها، ولله الحمد، منذ ذلك الحين وهي تصلي صلواتها وبدون تأخير، تتصدق، وتزكي، وتصوم وترتدي حجابها، وثابتة على دينها، رغم ما يعانيه المسلمون من اضطهاد في بلاد الغرب. منذ أن تعرفت عليها وأنا عازم على السفر للبلد الذي تعيش به؛ لكي أتزوج بها، وأعيش معها، لكن ما منعني طيلة هذه المدة ضعف إمكاناتي المادية؛ لأني شاب بدون عمل، رغم محاولاتي المتكررة لإيجاد فرصة شغل، حتى أكرمني الله قبل 3 أشهر بعمل جعلني سعيدا؛ لأنني قلت في قرارة نفسي إنني سأستطيع جمع المال اللازم لأسافر، وأتزوج بالفتاة التي أراها صالحة لتربي أولادي. لكن ما حصل في الشهر الماضي قد قلب الأمور رأسا على عقب، وحل علي كالصاعقة، بعد أن علمت من شقيقها أنها في المستشفى بعد أن تعرضت للاغتصاب من طرف شخص هاجمها في منزلها، مستغلا تواجدها بمفردها، وهي الآن حامل في شهرها الثاني. لم أستطع تقبل الأمر، وصدمت كثيرا، ودُمرت، ومررت بفترة صعبة. بعد مدة تحدثنا، وقالت لي إنها كانت تعاني في صمت، ولم ترد إخباري خوفا من أن تفقدني، وهي الآن لا تريد إجهاض هذا الجنين، رغم كون حملها لم يصل شهره الرابع بعد، لم تنفخ فيه الروح بعد. وحجتها في ذلك أنها لا تريد قتل نفس بريئة لا ذنب لها، وأنها تطلب مني انتظارها حتى تلد هذا الجنين؛ لكي تعطيه لشخص يتكفل به، وهكذا ليتسنى لي الزواج بها. طالبتها، ولا زلت أطالبها بإسقاط هذا الجنين؛ لأنه ثمرة علاقة محرمة، رغم أنه لا ذنب لها؛ لأنها أكرهت في ذلك لكنها ترفض وبشدة. لا أنكر أنني قد فكرت في تركها مرارا وتكرارا من شدة إحباطي بالواقعة، لكن ما فتئت أتدارك ذلك بقولي إنه يجب علي الوقوف معها في هذه المحنة الشديدة التي تمر بها ودعمها. سؤالي -إخوتي الكرام- هو كالتالي: هل يجوز لها هذا الإجهاض قبل الشهر الرابع من الحمل؛ لأنه نتيجة اغتصاب؟ وفي حالة لم تسقط، هل يجوز لي الزواج بها قبل أن تضع مولودها؟ وها هي نصيحتكم لأخيكم؛ لأنه تائه وحائر؟ جزاكم الله خيرا، ونفع الله بكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى تبارك وتعالى أن يجزيك خيرا على أن كنت سببا في هداية هذه المرأة، ودخولها الإسلام.
فهذه قربة من أعظم القربات، وعمل جليل يثاب عليه صاحبه الأجر الجزيل. روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي -رضي الله عنه- حين بعثه إلى خيبر: فوالله لأن يُهدى بك رجل واحد، خير لك من حمر النعم.
ونسأله تبارك وتعالى أن يحفظ هذه الأخت، ويحفظ لها دينها ويزيدها هدى وتقى وصلاحا، وثباتا على الحق حتى تلقاه على خاتمة حسنة.
وقد أصابت برفضها إجهاض جنينها، إذ لا يجوز إجهاضه ولو قبل نفخ الروح فيه -على الراجح من أقوال الفقهاء- ومجرد كونه بسبب اغتصاب لا يسوغ لها إجهاضه، وراجع الفتوى: 285973.
وينبغي عليها أن تكون على حذر في المستقبل، وتتخذ من الاحتياطات ما يحول دون تكرر ما حصل. وزواجها من أعظم ما يعينها في هذا السبيل؛ لكونها ستكون تحت زوج يصونها ويحميها.
ولا يجوز لك الزواج منها قبل أن تضع مولودها؛ لأن الاستبراء واجب، وراجع الفتوى: 24127.
وإن أمكنك الزواج منها بعد الاستبراء، فهو أمر طيب وحسن؛ لتعينها على العفاف، وتعينها في أمور دينها ودنياها، ولا ينبغي أن يكون ما حدث لها مانعا لك من الزواج منها، ولعل الله عز وجل يرزقك منها ذرية يبارك لك فيها.
وإن لم ترغب في الزواج منها، أو خشيت أن لا تدوم الحياة الزوجية بينكما، فدعها، واعمل على مساعدتها في البحث عن رجل صالح يتزوجها.
والله أعلم.