عنوان الفتوى : طلاق الكناية يحتاج إلى نية قصد الطلاق

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

أنا شاب ومتزوج منذ حوالي أربع سنوات وأنا مغترب بالسعودية يعني ما جلست إلا القليل عند الأهل ولكن عندما كنت أقرأ الفتاوى لاحظت أن كنايات للطلاق تعتمد على النية وأنا بصراحة لم أكن أعرف وكان قد وقع معي وقت الغضب حيث إن زوجتي تخرج عن وعيها بعض الأوقات وقت الغضب وأنا كثير الغضب لا أتمالك نفسي مرة قالت( أين أمي وقلت لها والآن روحي عندها أو إذا قالت وين منطقتنا وقلت تبقي ترجعي لمنطقتك ارجعي) وهكذا من هذا الكلام يعني وقت الغضب ولم أكن أعرف بأن هذا يعتبر من كنايات الطلاق علما بأنني حريص على أن لا أقوم بالحلف بالله أو الطلاق منذ زمن طويل سواء كنت على حق أو باطل فأنا لا أحلف ولا أعرف أن الذي قلته لزوجتي يعتبر من الكنايات حيث إني اتصلت بها أمس وكلمتها كم مرة قلت لك من (الكنايات)، قالت مرة، وأنا أعتقد أنها مرتين أو ثلاثا أو أكثر، وبالصراحة لأني كثير النسيان لا أعلم بالتحديد كم مرة قلت لها فهي اعترفت بمرة واحدة وأنا أقول مرتين أو أكثر وعلى حسب ظني أني أقولها من دون أي نية سوى والله أعلم لأني كثير النسيان والوسوسة والشكوك (أيضا عندما اتصلت بها أمس كلمتها وقلت لها خلاص قالت ويش خلاص قلت لها شوفي الزعل حقك وين ودينا وقلت لها انتي مسرورة وقالت أنت المسرور والسعيد وقلت لها أنا هذه الأيام مضايق ونزل بي ضيق كبير لما قرأت الفتاوى عن الكنايات وقالت لي شف ما قلت إلا مرة واحدة من الكنايات واني عندي الموت أحسن من هذا الخبر ) حيث إننا متحابين فهي تحبني كثيرا وأنا كذلك حيث إنها ابنة عمتي وهي ملتزمه بالدين وأحبها أكثر لهذا الغرض يعني الدين، ولنا من هذا الزواج بنت أيضا هل الذي بين القوسين يعتبر من الكنايات وأيضا لما قرأت أنه لو تحرك لسانك بالطلاق يعتبر طلاقا وكثرت عندي هذه الوساوس يعني بيني وبين نفسي وأمسك على لساني ولكن لساني يبقى يتحرك ويكثر الوسواس بهذه الناحية وأنا أعاني هذه الأيام من وسوسة منذ قراءتي فتاوى الطلاق عن النية أواذا حركت اللسان.....الخ من هذة الأمور، أرجوا منكم النصيحة وأيضا الإجابة وعدم تحويلي لفتوى مشابهة، وجزاكم الله خير الجزاء.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دمت شاكا فيما صدر منك هل قصدت به الطلاق أم لم تقصد به شيئا.. فإنه لا يعتبر طلاقا وزوجتك باقية في عصمتك لأن ما تلفظت به ليس صريحا في الطلاق ولم يوضع له أصلاً فهو يحتمل الطلاق وغيره، وأهل العلم ذكروا أن الطلاق بالكناية يحتاج إلى نية قصد الطلاق، وحيث إنك تجهل الآن نيتك وقت تلفظك بتلك الألفاظ فأنت في معنى الشاك في أصل الطلاق، وقد نص العلماء على أن الشك في الطلاق لا يزيل العصمة المتيقنة، وذلك للقاعدة المعروفة وهي: أن الشك لا يرفع اليقين، فالزوجة إذاً باقية في عصمتك.

وما ذكرت بين القوسين ليس طلاقا، وينبغي أن لا تسترسل في التفكير في هذا الباب فهو من وسوسة الشيطان، وعلاج ذلك هو الإعراض عنه قال ابن القيم: ولما كان الشيطان على نوعين: نوع يُرى عياناً وهو شيطان الإنس، ونوع لا يُرى ‏وهو شيطان الجن، أمر سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكتفي من شر شيطان الإنس ‏بالإعراض عنه والعفو والدفع بالتي هي أحسن، ومن شيطان الجن بالاستعاذة بالله منه . اهـ

قال تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {الأعراف:200}

 قال ابن ‏كثير في تفسيره: فأما شيطان الجن فإنه لا حيلة فيه إذا وسوس إلا الاستعاذة بخالقه الذي سلطه ‏عليك، فإذا استعذت بالله والتجأت إليه كفه عنك ورد كيده. اهـ

‏ ومن الأمور النافعة كذلك في علاج الوسوسة استحضار القلب والانتباه عند الفعل وتدبر ما ‏هو فيه من فعل أو قول، فإنه إذا وثق من فعله وانتبه إلى قوله ‏كان ذلك داعياً إلى عدم مجاراة الوسواس، وإن عرض له فلا يسترسل معه لأنه على يقين من أمره، وقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له دواء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية -وإن كان في النفس من التردد ما كان- فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها، وعمل بقضيتها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها، وإلى شيطانها … وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليعتقد بالله ولينته.

واعلم أن من نوى الطلاق بقلبه ولم يتلفظ به لا يقع طلاقه في قول عامة أهل العلم كما ذكر ذلك ابن قدامة في المغني، وإن نوى الطلاق وتلفظ به فإن طلاقه يقع، ولا يشترط أن يسمعه غيره، فيكفي أن يحرك به لسانه وشفتيه ويسمع نفسه فذلك أدنى درجات الكلام، روى الترمذي في سننه بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تجاوز الله لأمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تتكلم به، أو تعمل به. قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم: أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق، لم يكن شيئاً حتى يتكلم به. انتهى.

وخلاصة القول أن ما سبق منك تجاه زوجتك لا يعتد به طلاقا لكونك تشك في نيتك واللفظ غير صريح، فلا ينقض شكك يقين تحقق بقاء العصمة لأن اليقين لا يزول بالشك، وكذلك ما يصدر منك من حركة اللسان على الوجه الذي ذكرت هو أيضا من جنس الوسوسة، فأمسك عليك زوجك واتق الله تعالى في نفسك، وأعرض عما تجده من وساوس وهواجس في هذا الأمر وغيره. نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك إنه سميع الدعاء.

والله أعلم