أرشيف المقالات

إنكار المنكر!

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
يقول شيخ الإسلام بن تيمية: "من لم يقبل بالحق ابتلاه الله بقبول الباطل".
ويقول الشهيد سيد قطب : "من لم يدفع ثمن الجهاد فسوف يدفع ثمن القعود".
ومن اعتاد رؤية المنكرات ولا ينكرها بيده أو بلسانه أو بقلبه فهو ضعيف الإيمان أو عديمه ولو كان عابدًا زاهدًا ناسكًا ففي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (مسلم)
فمن لم ينكر المنكر ولم يبغضه ويكرهه ولو بقلبه، في سره، بينه وبين نفسه، فلا عذر له، وذلك أضعف الإيمان، وأقل أحواله، وأقله ثمرة، وليس وراء ذلك من الإيمان شيء.
فالله تعالى لم يستثني أحدًا، فرتب إنكار المنكر على حسب قدرة الشخص، فكل شخص يستطيعه ولا يعجز عنه، إلا من قد مرض قلبه وانتكس.
يقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسدِ مضغَةً: إذا صلَحَتْ صلَح الجسدُ كلُّه، وإذا فسَدَتْ فسَد الجسدُ كلُّه، ألا وهى القلب ُ» ( البخاري ).
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يرتبط بزمان أو مكان أو إنسان معين، إنما يرتبط بالقلب الحي النابض صادق الإيمان من عدمه فلا يصدنك موقف سياسي أو اجتماعي أو حزبي أو شخصي أو تعصب أو...عن تعاهد قلبك وإصلاحه -بعيدًا عن الحجج والمبررات الفاسدة- طلبًا لسلامته، فهو الموصل إلى طريق الله المستقيم، وبه النجاة في الدنيا والآخرة.
والحق منتصر وكلمة الله هى العليا {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21].
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن الله لا يُسلِم الحق، ولكن يتركه ليبلوا غَيْرة الناس عليه فإذا لم يغاروا عليه غَارَ هو عليه".
فصاحب القلب المريض يستحق الشفقة والرأفة والعطف، ونخشى عليه أن يلقى الله مفرط مغيب مناصر للباطل وأهله بسكوته عن الحق، وحياده المزعوم.
يقول علي بن أبي طالب رضى الله عنه: "حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق".
ومن يدعي الحياد فإنه متردد بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والخطأ والصواب، والخير والشر، والحياد في أمر الحق والباطل مسألة غير واردة إطلاقًا.
{فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس:32].
فالمحايد والساكت ورافض إنكار المنكر شخص لم ينصر الباطل بشكل مباشر، ولكنه خذل الحق وأعان عليه، وقلل سواده، وأَخَّرَ نُصرته، وفتن أهله، ولبس على الناس في أمره، وأضل نفسه وغيره ببعده عن جادة الطريق.
فصحح وجهتك، وأصلح بوصلتك، وجدد نيتك، واعلم أنه لن يكون في كون الله إلا ما يريده الله فيمهلنا ويختبرنا ويقيم علينا الحجة، ويشهد علينا جوارحنا ليميز الخبيث من الطيب.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ} [الصف:14].
 
بقلم/ ماهر إبراهيم جعوان.

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن