عنوان الفتوى : مذاهب العلماء فيمن أطعم مع يأسه، ثم قدر على الصيام
رجل مريض بمرض مزمن ونصحه الأطباء بعدم الصيام نهائياً وأفطر رمضان لعامين اثنين وأخرج الفدية، ثم شفاه الله تعالى بفضله، هل عليه إعادة الصيام عن الأيام التي أفطرها 60 يوما أم أن الفدية التي أخرجها أجزأت عنه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن أفطر لمرض لا يرجى برؤه وأطعم عن كل يوم مسكينا ثم شفي بعد ذلك، فهل يجزئه الإطعام أم يطالب بالقضاء؟ لأهل العلم في هذه المسألة قولان:
الأول: أن الذمة تبرأ بالإطعام.
والثاني: أن عليه القضاء لأن الإطعام إنما كان يجزئه في حالة اليأس من البرء، فإذا تحقق الشفاء فقد زال العذر.
قال ابن قدامة في المغني: فصل: والمريض الذي لا يرجى برؤه يفطر ويطعم لكل يوم مسكيناً، لأنه في معنى الشيخ.. إلى أن قال: فإن أطعم مع يأسه، ثم قدر على الصيام احتمل أن لا يلزمه، لأن ذمته قد برئت بأداء الفدية التي كانت هي الواجب عليه، فلم تعد إلى الشغل بما برئت منه، ولهذا قال الخرقي: فمن كان مريضاً لا يرجى برؤه، أو شيخاً لا يستمسك على الراحلة، أقام من يحج عنه ويعتمر، وقد أجزأ عنه وإن عوفي، واحتمل أن يلزمه القضاء، لأن الإطعام بدل يأس، وقد تبينا ذهاب اليأس، فأشبه من اعتدت بالشهور عند اليأس من الحيض، ثم حاضت. انتهى.
وقال النووي في المجموع: إذا أفطر الشيخ العاجز، والمريض الذي لا يرجى برؤه، ثم قدر على الصوم فهل يلزمه قضاء الصوم؟ فيه وجهان حكاهما الدارمي، وقال البغوي ونقله القاضي حسين: أنه لا يلزمه، لأنه لم يكن مخاطباً بالصوم. بل بالفدية، بخلاف المعضوب إذا أحجّ عن نفسه ثم قدر فإنه يلزمه الحج على أصح القولين، لأنه كان مخاطباً به، ثم اختار البغوي لنفسه أنه إذا قدر قبل أن يفدي لزمه الصوم، وإن قدر بعد الفدية فيحتمل أن يكون كالحج، لأنه كان مخاطباً بالفدية على توهم دوام عذره، وقد بان خلافه. انتهى.
وخلاصة القول أن الرجل المذكور إذا اكتفى بالإطعام عن القضاء فإن ذلك يجزئه عند بعض أهل العلم، ولو احتاط وقضى كان ذلك أحوط وأبرأ للذمة.
والله أعلم.