عنوان الفتوى : الحد الشرعي بالجلد لمن يقذف المحصنات

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد في شبابي ومقتبل عمري كنت أجالس بعض الذين تهمهم معرفة وتتبع الشهوات من نساء وغير ذلك وكان يدور في مجالسنا أحاديث عن أهم المغامرات التي يعملها كل منا مع النساء وبفضل الله لم يكن لدي مغامرات ولكن حتى أجاريهم وأبين لهم أن لي مقدرة كان يعرف بقريتنا امراة جميلة وعاقلة وكل واحد يتمنى القرب منها وحدثتهم أنني عملت معها وعملت وهذا افتراء والله يعلم أنها بريئة من ذلك، وما قلت ذلك إلا مجاراة لهم.أفيدوني ما أعمل فأنا محتار وأرغب بالتكفير عن خطيئتي؟.أسال الله العظيم أن يجزيكم خيرا

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:‏
‏ فقد وقعت في منكر عظيم وقبيحة فظيعة اشتملت على أكثر من معصية من جلوسك إلى ‏قرناء السوء ، وخوضكم في أعراض الناس، والكذب والبهتان إلى غير ذلك من المعاصي.‏
‏ فأولاً: أسأت إلى نفسك بأن اتهمتها بهذا المنكر، ورضيت أن توصف بالمعصية، وجاهرت ‏بها أمام الناس، وفي الصحيحين عن
أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏يقول " كل أمتي معافي إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح ‏وقد ستره الله عليه، فيقول يافلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ‏ويصبح يكشف ستر الله عنه "‏.
‏ فيكف ترضى بنفسك أن تفاخر بالمنكر، وتقع في هذا المجون والتهتك، فبدلاً من أن ‏تستحي من الخطيئة وتندم على فعلها- إن فعلتها - وتستتر منها، وترجو رحمة ربك، ‏بدلاً من هذا كله تقع في خلافه، لا لغرض إلا لتظهر بين قرناء السوء بقدرتك على ‏ارتكاب المنكرات .‏
‏ ثانياً: أنك وقعت في الكذب الذي هو سبيل الفجور، والفجور سبيل النار، وقد توعد ‏النبي صلى الله عليه الذي يكذب ليضحك الناس بالويل، فعن أبي داود و الترمذي وأحمد ‏عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ويل لمن ‏يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له " وهذا لمن يكذب على القوم لمجرد ‏إضحاكهم، فيكف بما يترتب عليه من الخدش في أعراض الآخرين، ففي الصحيحين عن ‏أبي هريرة أن رسول الله صلى عليه وسلم قال " وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ‏لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم". وإن أقبح الكذب اتهام البرآء بما ليس فيهم، وأقبح ‏ذلك منه وأبشع اتهامهم بالفاحشة لما فيه من ظلم وعدوان على أعراضهم، وإشاعة ‏للفاحشة بين الناس، وتهوين أمرها، وتشجيع الناس عليها، ولذلك اعتبرها الإسلام كبيرة ‏من الكبائر، وجعلها من المهلكات لصاحبها، ووضع لها عقوبة في الدنيا، وهي حد القذف ‏ثمانون جلدة فقال سبحانه وتعالى( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ‏فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون* إلا الذين تابوا ‏من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ) [ النور: 4-5] . وتوعد القرآن قاذف ‏المحصنات باللعن وتقريرالعذاب العظيم، فقال سبحانه ( إن الذين يرمون المحصنات ‏الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم ‏وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) [النور 23-24] .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن ‏رسول الله صلى الله وسلم قال " اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله وما هن؟ ‏قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال ‏اليتيم، والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ".
وأخرج أحمد عن ‏ابن عمر أن سول الله صلى الله عليه وسلم قال " ومن قال في مؤمن ما ليس فيه سقاه الله ‏من ردغة الخبال حتى يخرج مما قال ، وليس بخارج " وردغة الخبال عصارة أهل النار.
‏وانظر إلى ما يترتب عليه كلامكم من تشويه سمعة تلك المرأة المؤمنة التي تلوك عرضها ‏الألسنة ظلماً وزوراً.
فعليك بالتوبة النصوح الصادقة، أولاً والندم على ما فعلت وعدم ‏العودة إليه، والإكثار من الاستغفار والطاعة ومجالسة الصالحين، والبعد عن رفقاء السوء ‏، كما أن عليك أن تذهب إلى كل من كلمته بخبر هذه المرأة، وتذود عن عرضها، وتقول ‏لهم: إنك في قولك السابق كنت كاذباً، وإنها طاهرة مبرأة مما قلت وانصح رفقاءك السابقين بالتوبة والاستغفار أيضاً. ونسأل الله أن يعينك على ذلك، وأن يغفر لك وللمسلمين. والله ‏أعلم.‏ ‏