عنوان الفتوى : قال لزوجته: "بنت زنا" فطلبت الطلاق
أنا متزوج، وزوجتي غضبت وقالت لي: "اذهب بي إلى بيت أهلي، واجلس أنت وبنتك"، فغضبت وارتفع صوتي، وسببتها، لدرجة أني قلت لها:(بنت زنا) من غير قصد، وهي تريد الطلاق، مع العلم أنها كانت تعاندني كثيرًا، وأحيانًا أدعوها للفراش وترفض، فما حكم الشرع في هذه الحالة؟ وكيف سيكون موقفي في المحكمة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحدوث المشاكل والاختلاف بين الزوجين في أمور حياتهما، ليست بالأمر المستغرب، ولكن ينبغي أن يترويا ويتحريا الحكمة، وعليهما أن يحذرا الشيطان، فهو عدو للإنسان، كما قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ {البقرة:168}، وروى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة، أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت. فليكن هذا الكلام نصب عينيكما، وتأملاه جيدًا.
وطاعة المرأة زوجها في المعروف واجبة، ومنها الإجابة إلى الفراش، فلا يجوز لها الامتناع إلا لعذر شرعي، وانظر الفتاوى: 21691، 50343، 129984. ولم تبين لنا السبب الذي يدعو زوجتك إلى عدم طاعتك، وخاصة في الفراش.
والأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها الطلاق، إلا أن يوجد ما يسوغ ذلك، وقد ذكر أهل العلم أن من مسوغات طلبها الطلاق تضررها البين، وسبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 37112، فلزوجتك الحق في طلب الطلاق بهذا السب الشنيع الذي صدر منك تجاهها، ولكن الطلاق قد لا يكون الحل، فنوصي بالحوار والتفاهم بينكما، والعمل على حل المشاكل بينكما، ولو بتدخل العقلاء -إن اقتضى الأمر ذلك-.
وهذه العبارة التي صدرت منك في حق زوجتك، نوع من القذف، قال ابن قدامة: وإذا قال الرجل: يا ولد الزنا، أو يا ابن الزانية، فهو قاذف لأمه، فإن كانت حية، فهو قاذف لها دونه؛ لأن الحق لها، ويعتبر فيها شروط الإحصان؛ لأنها المقذوفة، وإن كانت أمه ميتة، فالقذف له؛ لأنه قدح في نسبه. اهـ.
فالواجب التوبة، وراجع شروطها في الفتوى رقم: 29785.
وقولك: "وكيف سيكون موقفي في المحكمة؟"، فنقول فيه: ينبغي أن تجتنبا الذهاب إلى المحكمة، وأن تحرصا على حل المشاكل بعيدًا عنها، خاصة أن التحاكم إلى المحاكم الوضعية لا يجوز إلا لضرورة، كما بينا في الفتوى رقم: 34618.
والبديل عن التحاكم إلى هذه المحاكم رفع الأمر إلى الجهات المختصة بالنظر في قضايا المسلمين -كالمراكز الإسلامية في البلاد غير الإسلامية-.
وعلى المسلم أن يقول كلمة الحق، فلا يكذب على القاضي، أو من يقوم مقامه.
والله أعلم.