عنوان الفتوى : التوبة من قذف المحصنات
أرجوكم أريد جوابًا، فذنبي عظيم، وأنا أخاف اللهَ تعالى، وهذا الذنب لا يدعني أنام الليل. قبل خمس سنوات، وبجهالة مني، ولصغر سني، وسوست لي، وشجعتني امرأة أن أقوم بقذف محصنة لا أعرفها، وقمت بذلك -والعياذ بالله- ودخلت السجن، ثم أتاني مرض شديد مزمن، وشفيت -والحمد لله-، وخرجت من السجن. بعد ذلك تبت توبة نصوحًا لله تعالى من جميع المعاصي، وأفعل الخيرات، وأتصدق، وأخاف الله تعالى جدًّا؛ حتى أني أصبحت مضرب مثل في الاستقامة، ومر عليّ في برنامج ديني أن الذنب الذي ارتكبته وهو القذف أخرجني من الإسلام، ولن تقبل أعمالي أبدًا، مع العلم أني تائب أبدًا من هذا الذنب، ومن جميع الذنوب والمعاصي، فماذا أفعل؟ وسمعت أيضًا أنه يجب إخبار المقذوفة وزوجها أني كذبت، لكني إن فعلت هذا، فستحدث فتنة نائمة بينهما وبين المرأة التي وسوست لي حينها، حيث إنها تقرب لهما، فماذا أفعل؟ فأنا أخاف من الله، ونادم على ما فعلت.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحسن إقبالك على التوبة، وهذا هو الواجب في حق من أغواه الشيطان، ووقع في مثل هذا الذنب العظيم، الذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط علام الغيوب، ولمعرفة حقيقة قذف المحصنات وسوء عاقبته، راجع الفتوى رقم: 238921، والفتوى رقم: 32178.
وبخصوص كيفية التوبة من القذف، وحق الآدمي فيه، راجع الفتوى رقم: 214378.
وعليك إحسان الظن بالله؛ فإنه عند ظن عبده به، وهو القائل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث الإفك الطويل: إن العبد إذا اعترف بذنب، ثم تاب، تاب الله عليه.
ولا يصح القول بأن هذا الذنب يخرج صاحبه من ملة الإسلام، وأنه لن تقبل أعماله، بل فتح الله للقاذف باب التوبة على مصراعيه، بعد أن بين خطورة قذف المحصنات من سورة النور، فقال: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور:5}.
ولا يجوز للمسلم أن ييأس من رحمة الله، أو ييأس الناس منها، فهذا في ذاته ذنب عظيم. قال تعالى: إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}.
والله أعلم.