عنوان الفتوى : الاستهزاء بحملة الدين وعلماء الشريعة
قرأت في موقع على الإنترنت هذا المقال وأنا أعرف كاتبه فهل هو كافر، وما هو واجبي في التعامل معه، المقال "الله أكبر ... الله أكبر هذا ما سمعته ظهراً والشيطان كما يزعمون يسابق العقل إلى التقلي والإنصات، وكل ذنب يجتنيه من الشيطان، حتى جعلناه يشاركنا في الاعترافات، قال المجتهد:فإن أخطات فمن نفسي والشيطان وأدركته قبل أن يقول: (وإن أصبت فمن الله)، اشترطنا الجهل حتى غدونا نتمناه هروبا من المواجهة، الشمس في كبد السماء تميل إلى برجها الفلكي وتجعل ظلي دائرة أنا بالقرب من مركزها، المسجد ورائي والمنزل من أمامي وكل مراكب الهداية أغرقتها لكي لا أعود إلى يابسة الالتزام التبعي، بدأت أنكر كل ما حولي حين توقفت الساعة على معصمي وأنا أنتظر موعد القبول لمقابلة فضيلة الشيخ، سؤال كنت أعتقد أنه سينقذني من عذابه بإجابة يجتهد بها حتى وإن شاركه الشيطان في صنعها، فما دام الأجر حاصل له في كلا الحالتين فلماذا يحرم نفسه ليحرمني الخلاص ..! دخلت وعيني تنتظر الشخوص في هالاته، كم أسمع عن حضرته الملائكية، تطبع المكان بروحانية مضيئة، ولكن الغشاوة كانت أسبق إلى خنقي، ضباب من الدخون المعطر وإن خلا من النيكوتين ملأ رئتي بأول أكسيد الكربون، مسببات السرطان لا تختلف في نكهاتها وعبائرها.أخذت أتلمس بأقدامي الطريق إلى قربه المبجل، أترنح بنشوة الأعبقة التاريخية، هل كنت أمشي في كتاب عباسي أو أموي، لا أعلم فكل شيء يشير إلى ذاك العصر حيث توقف الاجتهاد، التقطت أذني صوت النقر على الكي بورد، اقتربت لتضيء ملامحي بركات السيد بيل جيتس بخلفية الويندوز الزرقاء، تلك السماء الإلكترونية تبقينا هادئين أمامها مأسورين بسحرها، وتجتهد لي وللشيخ حتى غدا من عبادها المخلصين . أشهد أن لا إله إلا الله ... أشهد أن لا إله إلا الله سراب الإزفلت يتلألأ يناديني للحاق به، لا أراه إلا أمام باب منزلي.. لا ألتفت للوراء، فذلك المسجد لن يقترب مني إن التفت إليه، والسراب من حوله لن يختفي أبدأ وسيظل يبتلع كل المقتربين.. كررتها هلعاً وأنا أنظر إليه مستجيبا إلى شذرات لحيته الكثة، تعنفني وكأنها أيادي تخرج من حول فمه المتجعد غضبا. هل جننت: أستغفر الله.. أستغفر الله...! إنه يستغفر ذنبي لي...!ما أطيب فضيلته..! ارتميت في وتيرة اليقظة أصارع الرجوع إلى مرحلة الصدع في نفسي، ها هو الشيخ يكرر نفس الكلمات لشيخ غابر يحمل دفتر علاماته وعصاه، والفصل يضحك من جنوني. كيف لذي الأربعة عشر عاما أن يفكر في مثل هذا، إن كان لكل مخلوق خالق؛ فمن خلق الله...؟ شخص قابلني بعد ذلك العمر بست سنين ولكن بعد أن أصبحت الإجابات تنسرق إلى ذهني خوفا، فتظل حبيسة لا تستطيع المراجعة حتى في تقلبها ليلاً. ومازال الإيمان يبقيني على يقين أن ما أفعله تفكرا على جنبي في الله، وما دام الله في ذهني لا يفارقني فلا بد أنني مؤمن، ولكن الطريق أصبح متعرجا بقدر ما كتب الأئمة والفقهاء حتى هذا العصر، وبقدر ما اختلفوا، نصر الله الدولة؛ حينها فقط فهمت لماذا تمنع تلك الكتب من الدخول، وهممت أحرق الورقة تلو الأخرى أقلبها في المجمر، وأستغفر الله، أستغفر الله... أستغفر اللهلعلي أستغفر من ذنوبهم لهم، ليتهم لم يكتبوا، ولم يجتهدوا، مازال المكان هو المكان، ومازال الزمان هو الزمان، وتلك الوجوه ارتسم على خطوط جباهها سطور من تاريخ الأجداد والأباء، مازال النص قطعي الدلالة وظني الدلالة والتواتر فيه حسن وفيه صحيح وفيه ضعيف، والثقات يتساقطون مع تقدم العصر، وسيأتي يوم لا يبقى منهم أحداً.. أشهد أن محمدا رسول الله... أشهد أن محمدا رسول الله.. أربعين عاما كان عمره عليه الصلاة والسلام حين بعث إلى البشر كافة، وأنا على مشارف الثلاثين أنتظر الموت لينقذني من مشقة البحث، هل سيكفيني يوما واحد أجد فيه إجابة شافية تريحيني من كل هذا العناء المسجد يبتعد مع كل خطوة والجار يمر مسرعا وقطرات الماء تتقافز من ذراعيه، كل خطوة له فيها أجر، فهو يسير في الاتجاه الصحيح، وكل خطوة لي تفقدني حسنة لأنها في عكسه هكذا قال مدرس الرياضيات: وقف على الصفر واتجه إلى اليسار تزداد القيمة واتجه إلى اليمين تتناقص القيمة، أنا: وإذا تحركت إلى الأعلى أو الأسفلالمدرس: افتح يدك..! كانت العظام تظهر في كل كرشة أبقرها، حظ لو ابتسم في وجهي لعلمت أنه يعني وفاتي، لله دري ما أسعدني من إنسان لم يبق علي من ذنب إلا وخلصه الله مني في هذه الدنيا، ألم تقل أمي لي ذلك: احمد الله يا ولدي أنه أشقاك في الدنيا، تراه تكفير ذنوب.. أنا: أجل أكثر الناس ذنوبا أسعدهم يا يمه..أمي: وليه منت سعيد ايش قصرنا عليك فيه.. لقد اجتهدت في أول الأمر، واجتهدت في ثانيه، ومازالت تجتهد في كل مرة أحتاج فيها للمواساة، فإن أخطأت فمن نفسها والشيطان، وإن أصابت فمن الله...؟هذا الشيطان الذي شارك الأمهات حنانهم وحزنهم واجتهادهم لإسعاد أبنائهم، لعله ليس كما نتوقع، لعله كائن يحب البشر لأنه يعلم تماما كيف كان حال الدنيا قبل أن ينزل لها آدم.. حي على الصلاة.. حي على الصلاة.. أبي على عكازته الشقراء يقترب مني بهدوء وكأنه يتهادى على نغمات المؤذن، يمسح على رقبتي ووجهي يعبث بأذني: قم صل الفجر، واذكر ربك واطلبه يشرح صدرك، أتقلب على جنبي وأنا افكر: لو كان عمر الإنسان ثلثه يكون نوما، فلا بد أنني لست إنسانا، أكملت الخمس وعشرين عاما ومازال النوم يراودني عن نفسي وأنا أدفعه كأثم سيفقدني بهجة التعذب بكل تلك الأسئلة، السادية اللذيذة في تمزيق ذهني واعتصاره تجعلني أظل متنبها لكل شيء حتى أطراف الورقة الساقطة عشوائيا على فتحات المكيف، (لا يوجد شيء صدفة وكل شيء مقدر، لماذا كانت هناك..)؟ وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن صاحب هذا المقال مستهزئ بالمفتين وعلماء الدين، وغير واثق في حملة الشريعة، ويبدو من عباراته أنه إما مختل عقلياً، أو شاك متردد موسوس تائه، فتراه لا يعظم مقام الألوهية، وغير موقن بقضاء الله وقدره.
ولا شك أن الاستهزاء بعلماء الدين وحملة الشريعة ردة عن الإسلام، فعن عبد الله بن عمر قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل في المسجد: كذبت ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن، فقال عبد الله بن عمر: أنا رأيته متعلقاً بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة، وهو يقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ* لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ.
هذا، وننصحك بعدم القراءة لمثله من السفهاء، وانشغل بما ينفعك في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.