عنوان الفتوى : ظلمت نفسك بتفريطك في ما جعل الله لك فيه فسحة
بسم الله الرحمن الرحيم إلى أصحاب العلم. أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير . أنا متزوج منذ عشرة أعوام وعندي أربعة أطفال. منذ أربعة أعوام بدأت المشاكل بيني وبين زوجتي وفي تلك الفترة فتحت حقيبة زوجتي لحاجتي لشيء فيها وإذا بي أجد رسالة غرامية بها مما أدى إلى انفعالي وغضبي الشديد والذي هو من صفاتي السيئة التي بي ولم أعد أعرف كيف أتصرف ولحظة رؤيتي لزوجتي بنفس الوقت الذي وجدت به الرسالة احترت هل أقتلها أو أضربها أو أطلقها. فتفوهت مباشرة بالطلاق وضربها وشتمها وإرسالها إلى بيت أهلها علما بأنه لم يكن سوى عم لها وسلمته إياها وكان سلبيا للغاية مما أحزنني عليها وهدأت ثورتي ندمت أشد الندم لما صارت عليه وفكرت أن أكون حليما بها لأني أنا زوجها وأن كون معها في مصابها, لا أن أكون عليها في محنتها وأن أقف بجانبها والأخذ بيدها إلى الصواب والصح. وهذا من حق العشرة والأطفال الذين هم أبناؤنا والذي بيننا. فأرجعتها إلينا ولبيتنا بيت الزوجية. علما بأنه ما زال في قلبي ألم شديد من الذي حصل وكان مثل السم في داخلي، ولكني حاولت أن أحتمل من أجل أن لا تهدم هذه الأسرة بسب هفوة أم غابت عن رشدها وأن أجري عند ربي وأن هذا الذي حصل ربما يكون درسا يعرفنا بقيمة ما نملك وأن نحرص على أسرتنا من الهدم. وكنت أنتظر أن أرى التصليح من زوجتي وأن تطبب الجرح الذي تسببت به. لكن دون جدوى ما كان يزيد من ألمي ومعاناتي. فشكوتها إلى أهلها وأثنا الحوار استفزتني بكلامها مما أدى إلى انفعالي وغضبي أمام أهلها فلم أعرف أن أتمالك أعصابي وأني لا بد من أن أنهي هذا الموقف بما يحفظ لي كبريائي أمام إخوانها وأهلها. فطلقتها وخرجت لا أعرف كيف أتصرف وقد اسودت هذه الدنيا أمامي وفي اليوم التالي حاول أخ لها أن يتدخل وأن يحاول الإصلاح بينا وجمعنا كلنا ودار حوار بيننا ونقاش وثارت أعصابي وتملكني الغضب الذي يفقدني اتزاني والذي يضايق كل من حولي مني وينفرهم مني فقمت بتطليقها مرة ثالثة أمام إخوتها علما بأني لم أردها أصلا إلى ذمتي من الطلقة الثانية. وهذا ما يحدث معي عند غضبي لا أسطيع أن أتمالك نفسي ولا السيطرة على تصرفاتي. فذهبت بعد أن هدأت إلى أهل الدين وطلبت منهم أن يفتوني وأفتوني أنه لم يقع الطلاق وأني أستطيع معاودتها.وأرجعتها ... وبعد مرور العام تقريبا حصلت مشادة بيني وبينها واحتد الأمر بينا وقالت لي جملة أثارت النار داخلي وأغلقت أمامي كل المنافذ وسيطر على غضبي الذي أكره نفسي عندما يتملكني والذي لا يمكنني التمييز أثناءه. وكما الحال عندما تذهب هذه الحالة أندم كل الندم لما صدر من أفعال أثناء غضبي وعصبيتي ولجأت مرة ثانية لأهل الدين المشهود لهم بالمعرفة وأفتوني أنه لا يقع هذا الطلاق وأن أحاول أن أتحكم بأعصابي وألفاظي ..... وبعد مرور عدة أشهر كنت في عملي ورجعت للبيت في وقت متأخر. وإذا بي أجدها تتحدث مع شاب أجنبي عن طريق الشات عبر الإنترنت ما جعلني في حال جنوني أصبحت أضرب وأشتم وأنكل بها واتصلت بي أختها وزوجها من أجل أن يأخذوها لأني لا أضمن أن لا أقتلها من شدة ثوراتي. فجاءوا فورا لأنهم قريبون من مسكننا وأخذوها معهم. وبقيت طوال الليل أتوعدها من شدة غضبي وزعلي منها وأحس بنار تتأجج داخلي. وفي الصباح جئت إلى البيت وقام عراك بينا شديد وضربتها وتلفظت عليها بالطلاق ثلاث مرات وخرجت من البيت وكان عندي استعداد أن أقوم بأي عمل جنوني مهما كانت نتيجته. وسلمت هنا أن الطلاق قد وقع علما والله يشهد على ما أقول أني لم أنو أبدا أن أطلقها أبدا مهما كان، وإني متيقن في سريرة قلبي أنها مازالت على ذمتي وفي عنقي .... وسافرت أنا وأولادي إلى بلدنا علما بأننا مقيمون في بلد أروبي وهناك لحقت بنا إلى هذا البلد العربي وطلبت الحصول على قسيمة الطلاق وحاولت إقناعها أن نحاول من أجل أطفالنا وأن نحتسب أمرنا إلى الله وأن نبحث عن مخرج عند أهل العلم والدين لأن ما حدث معنا فوق إرادتنا وأن لا نفقد الأمل من رحمة الله لعلنا نجد منفذا. ولكنها رفضت وطلبت قسيمة الطلاق فذهبنا إلى المحكمه الشرعية وأمام القاضي الشرعي طلقتها وفسخنا عقد النكاح واستصدرنا قسيمة الطلاق وسلمتها نسخة عنها ...... يشهد الله أني لم أنو تطليقها أبدا في كل المرات وأني كنت مكرها عليه لقولها إني أنا الذي أقف بينها وبين الله والعياذ بالله وأنها تقوم بهذه الأعمال لأنها على ذمتي وهذا ما يكرهني على تطليقها مرغما لا بخاطري. والله على ما أقول شهيد ... أفيدونا هل هناك من مخرج لما أنا فيه وإياها مما وصلنا إليه كلي يقين أن الله عادل لا يرضى بالظلم لعباده ولا بتهدم الأسرة وشتات الأطفال ...أفيدونا جزاكم الله عنا كل خير ...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أخي بارك الله فيك أن من عدل الله تعالى وحكمته أن شرع الطلاق ليكون مخرجا عند فساد الحياة الزوجية، وجعل هذا الطلاق محدودا بعدد ليمنع الزوج من التلاعب به والإضرار بالزوجة، وانظر الفتوى رقم: 49783.
وعليه، فتكون قد ظلمت نفسك بتفريطك في ما جعل الله لك فيه فسحة وسعة، حيث طلقت مرارا واستنفدت كل ما أتاح الله لك من الطلاق، ولذا، فهذه المرأة لا تحل لك، بل قد بانت منك بينونة كبرى منذ تطليقك السابق لها.
وأما ما أشرت إليه من تشتت الأسرة والأبناء فهذا تهويل للأمر، بل يمكنك رعايتهم بمختلف الوسائل ولوحدث الطلاق، فكم من ولي أمر قد أحسن تربية أبنائه وأمهم مطلقة؟! وكم من ولي أمر أفسد أولاده وهم يعيشون بين أبويهم؟!.
وأما ما يدور في نفسك بعد الطلاق أن المرأة ما زالت زوجة لك فهذا ظن مصادم للشرع، فلا اعتبار له.
وأما وقوع الطلاق في حالة الغضب فليس عذرا يسقط الطلاق، كما سبق في الفتاوى بالأرقام التالية: 12600 ورقم: 21441 ورقم: 48227.
والله أعلم.