عنوان الفتوى : حكم من قال: أنت طالق، طالق، طالق، وهو غاضب جدا
حصل خلاف وشجار عنيف بيني وبين زوجتي؛ لأمر عظيم. فقدت على إثره أعصابي، فقلت لها: أنت طالق، طالق، طالق. قلت ذلك من شدة القهر. أفتوني ماذا أفعل؟ جزكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أنّ طلاق الغضبان نافذ، ما لم يزل عقله بالكلية، وهذا هو المفتى به عندنا.
وعليه؛ فإن كنت تلفظت بالطلاق مغلوباً على عقلك، غير مدرك لما تقول، فطلاقك غير نافذ.
أمّا إذا كنت مدركاً لما تقول، فطلاقك نافذ مهما كان غضبك شديداً، وإذا كنت قصدت بتكرار لفظ الطلاق إيقاع ثلاث تطليقات، فقد وقعت جميعاً، وبانت منك زوجتك بينونة كبرى، على ما ذهب إليه جمهور أهل العلم.
وأمّا إذا كنت لم تقصد بالتكرار إيقاع أكثر من طلقة، فلم يقع إلا طلقة واحدة.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فإن قال: أنت طالق، طالق، طالق. وقال أردت التوكيد، قبل منه .. ... وإن قصد الإيقاع وكرر الطلقات، طلقت ثلاثا. وإن لم ينو شيئا، لم يقع إلا واحدة؛ لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة، فلا يكنّ متغايرات. اهـ.
وإذا لم يكن الطلاق مكملاً للثلاث، فلك مراجعة زوجتك في عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا في الفتوى: 54195
مع التنبيه إلى أنّ بعض العلماء لا يوقع طلاق الغضبان إذا اشتد غضبه، ولو لم يزل عقله بالكلية، ولا يوقع بالطلاق المتتابع قبل رجعة، أو عقد جديد، إلا طلقة واحدة، وراجع الفتويين: 337432، 192961
فالذي ننصح به السائل أن يعرض مسألته على من تمكنه مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم، في بلده، ويعمل بما يفتونه به.
وننصحك بحل الخلافات الزوجية بالحكمة والتفاهم، والتدرج في استعمال الوسائل المشروعة للإصلاح.
واعلم أنّ الغضب مفتاح الشر، فينبغي الحذر منه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي، قَالَ: "لَا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ" رواه البخاري.
قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في جامع العلوم والحكم: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرّز منه جماع الخير. اهـ.
والله أعلم.