عنوان الفتوى : مبطلات الشهادة والحج
أرجو منكم أن تتفضلوا وتبينوا لي مبطلات الشهادة ومبطلات الحج واستمرار العبد في القيام بأفعال بالرغم من علمه بحرمتها ليس تحديا لله وتعديا على حدوده ولكن لضعف في النفس وهو يصارع النفس ويحاول تخطيها ولكن غالبا ما يقع في الذنب (تدخين،غيبة،عدم العفو عند المقدرة) بارك الله لكم في علمكم وأثابكم عليه في الدنيا والأخرة .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالشهادة تحتمل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله التي هي أصل الإيمان، وتحتمل الإدلاء بشهادة بشيء معين عند قاض ونحوه، فإن كنت تعني النوع الأول فإنما يبطل إيمان المرء إذا حصل منه شرك أكبر أو ما يقوم مقامه كترك الصلاة مثلا عند من يقول بأنها كفر مخرج من الملة، وراجع الفتوى رقم: 10765.
وإن كنت تعني النوع الثاني فإن شهادة الشاهد تبطل إذا حصل منه فسق أو ما يخل بالمروءة، أو كان في شهادته ما يمكن اتهامه فيه بالكذب، كأن يشهد لأحد قرابته كالأب والابن مثلا أو لصديقه الملاطف أو على عدوه أو أن تجلب له الشهادة نفعا أو يسقط بها عنه ضر أو يشهد بما لا يصح علمه به ونحو ذلك، وراجع فيها كتب الفقه باب الشهادات.
ومبطلات الحج هي نفس مبطلات الإيمان إذا كنت تعني الحج الذي تم فعله، قال تعالى: [لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ] (الزمر: 65).
ومن أهل العلم من لم ير إحباط العمل بالردة إلا أن يموت المرء على الكفر، وهو مذهب الشافعي وأحمد في رواية عنه، ففي تفسير القرطبي: قال القشيري: فمن ارتد لم تنفعه طاعاته السابقة، ولكن إحباط الردة العمل مشروط بالوفاة على الكفر، ولهذا قال:[ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ] (البقرة: 217). فالمطلق ههنا محمول على المقيد، ولهذا قلنا: من حج ثم ارتد وعاد إلى الإسلام لا تجب عليه إعادة الحج.
قلت هذا مذهب الشافعي، وعند مالك تجب عليه الإعادة... (15/242).
والأحناف في هذا مثل المالكية، والظاهر –والله أعلم- أن ما ذهب إليه الشافعي أولى لجمعه بين الآيتين، قال النووي في "المجموع": [وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ ...] فعلق الحبوط بشرطين: الردة والموت عليها، والمعلق بشرطين لا يثبت بأحدهما، والآية التي احتجوا بها مطلقة وهذه مقيدة، فيحمل المطلق على المقيد. (3/6).
وإن كنت تعني مفسدات الحج قبل إتمامه فهي الجماع وما في معناه من الاستمناء إن حصل قبل التحلل الأول، قال في المجموع: وإن وطئ في العمرة أو في الحج قبل التحلل الأول فقد فسد نسكه.. وراجع فيه الفتوى رقم: 47105.
وأما ما سألت عنه من قيام المرء بأمور يعرف حرمتها ولكنه لا يستطيع تجنبها فإن سبب ذلك عادة هو ضعف الإيمان في نفس الشخص، فعليه أن يبادر إلى ما يقوي إيمانه، وراجع في هذا الفتوى رقم: 37142.
والله أعلم.