عنوان الفتوى : ماذا يفعلُ من سَرَق نُقودا، ثم تاب وأراد إرجاعها، وقد انخفضت قيمةُ العملة كثيرا؟
منذ قرابة سبعة أعوام، كنت أعمل في أحد المتاجر، وكان صاحب المتجر يثق في لدرجة أنه قال: "مالي هو مالك، تصرف فيه كما تحب".
ثم اقترفت إثما، وأخذت قرابة ثمانية آلاف جنيه، دون علمه، على أمل أن أعيدها من راتبي، لكني تركت العمل عنده، ومنذ ذلك الحين، وأنا لا أستطيع سدادها بسبب الظروف المادية، والآن -الحمد لله- بوسعي سدادها.
فكم أعيدها إليه؟ علما أن قيمة العملة تضاءلت كثيرا، وكذلك لا أستطيع إخباره بذلك، وأريد البحث عن طريقة؛ لأعيدها إليه دون علمه.
هل لا بد من طلب السماح منه؟ وهل يغفر الله لي؟
جزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك التوبة إلى الله مما اقترفت، وذلك بالندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه، ورد المال إلى صاحبه، إلا أن يسامحك عنه.
قال النووي في روضة الطالبين: قال الأصحاب: التوبة بين العبد، وبين الله -تعالى- التي يسقط بها الإثم هي: أن يندم على فعل، ويترك فعله في الحال، ويعزم أن لا يعود إليه.
ثم إن كانت المعصية لا يتعلق بها حق مالي لله تعالى، ولا للعباد؛ كقبلة الأجنبية، ومباشرتها، فيما دون الفرج، فلا شيء عليه سوى ذلك.
وإن تعلق بها حق مالي، كمنع الزكاة، والغصب، والجنايات في أموال الناس، وجب مع ذلك تبرئة الذمة عنه، بأن يؤدي الزكاة، ويرد أموال الناس، إن بقيت، ويغرم بدلها، إن لم تبق، أو يستحل المستحق، فيبرئه. اهـ.
فإذا رددت المال لصاحبه- بأي وسيلة، ولا يشترط إخباره بما فعلت- فقد برئت ذمتك، ولا يلزمك طلب السماح منه.
وأما تغير قيمة العملة: فإن العملة إذا انخفضت قيمتها انخفاضا كبيرا، يحصل به غبن للدائن، أو يُلحق به ضررا معتبرا، فههنا اختلف أهل العلم: بماذا يقضى الدين، بمثله، أم بقيمته؟
والأظهر -ولا سيما في حال رد المال المسروق- أن يراعى تغير القوة الشرائية للعملة، أو قيمتها بالذهب.
وراجع في تفصيل ذلك الفتويين: 371239، 348040.
والله أعلم.