عنوان الفتوى : حكم عدم النفقة على الوالد المضيع لوقت الصلاة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أبي يصلي الصبح قبل الظهر بساعة، أو نصف ساعة. فهل يجوز أن لا أعطيه المال إذا طلبه مني، حتى يصلي في الوقت؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذهب الجمهور إلى أن الوالد إذا كان في كفاية، لم يلزم ولده إعطاءه شيئا من ماله، إلا أن يتبرع بذلك إحسانًا، وراجع الفتاوى: 104517، 101301، 39185.

وبناء عليه؛ فإن كان والدك غير محتاج، فلا يجب عليك إعطاؤه ما طلب، وأما إن كان محتاجًا لا يجد ما ينفقه؛ فتلزمك نفقته إجماعا، ولو ترك الصلاة.

قال ابن المنذر: أجمع العلماء على وجوب نفقة الوالدين اللذين لا كسب لهما ولا مال، سواء أكان الوالدان مسلمين، أو كافرين، وسواء كان الفرع ذكرا، أو أنثى، لقوله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15}. اهـ

ثم إن عليك أن تحسن الظن بالوالد، فقد يكون ممن يغلبه النوم، ولا يستطيع الاستيقاظ، ومثل هذا لا إثم عليه، إذا بذل الأسباب التي تعينه على الاستيقاظ، كما جاء في حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةُ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ زَوْجِي صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ، وَيُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ، وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، قَالَ وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ، قَالَ فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَتْ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا قَوْلُهَا يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ، فَإِنَّهَا تَقْرَأُ سُورَتَيْنِ، فَقَدْ نَهَيْتُهَا عَنْهَا، قَالَ: فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ لَكَفَتْ النَّاسَ، وَأَمَّا قَوْلُهَا يُفَطِّرُنِي، فَإِنَّهَا تَصُومُ وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فَلَا أَصْبِرُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ: لَا تَصُومَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا، قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُهَا بِأَنِّي لَا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ لَا نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، قَالَ: فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ. أخرجه أبو داود، وأحمد، وغيرهما، وصححه جمع من العلماء منهم الحافظ ابن حجر، والألباني.

وحديث أبي قتادة مرفوعا: أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها. أخرجه مسلم. وأخرجه أبو داود بلفظ: لَيسَ في النوم تفريط، إنما التفريطُ في اليَقَظةِ.

قال الشوكاني: وظاهر الحديث أنه لا تفريط في النوم؛ سواء كان قبل دخول وقت الصلاة، أو بعده قبل تضيقه، وقيل: إنه إذا تعمد النوم قبل تضيق الوقت، واتخذ ذلك ذريعة إلى ترك الصلاة لغلبة ظنه أنه لا يستيقظ إلا وقد خرج الوقت؛ كان آثما، والظاهر أنه لا إثم عليه بالنظر إلى النوم، لأنه فعله في وقت يباح فعله فيه فيشمله الحديث.

وأما إذا نظر إلى التسبب به للترك، فلا إشكال في العصيان بذلك، ولا شك في إثم من نام بعد تضيق الوقت، لتعليق الخطاب به، والنوم مانع من الامتثال، والواجب إزالة المانع. اهـ.

وقد بينا حكم إيقاظ النائم في الفتويين: 130864، 210853.

كما بينا بعض الوسائل والأسباب المعينة على الاستيقاظ، وضرورة نصح الوالد، والسعي في هدايته في الفتاوى التالية:

2444، 21794، 93857.

والله أعلم.