عنوان الفتوى : ليس من التقصير ولا من العقوق عدم إسكان الابن والديه في بيته
والدي عمره: 68 سنة، ولا يعمل، ووالدتي عمرها: 55 سنة، ولا تعمل، وقد أنجبا ولدا وحيدا -هو أنا- وبنتين، إحداهما قد تزوجت، والثانية ستتزوج قريبا -بإذن الله-. وأنا أعمل بدولة عربية منذ: أربع سنوات، وقد أكرمني الله، وفتح علي من فضله الواسع، وكان في النية أنه إذا تزوجت الأخت الأخيرة، فسأقوم بإحضار والدي ووالدتي للدولة التي أعمل بها، وسأقوم باستئجار شقة منفصلة عني، لكي يسكنا قريبا مني، لكي أحضر لهما الأغراض، وأطل عليهما، ولكنني لا أريد إسكانهما في منزل الزوجية، أولا: لأن لدي: ثلاثة أطفال، وزوجة، والمنزل أصبح ضيقا، وثانيا: لأنني لا أريد من زوجتي خدمتهما، لأنها واجبة عليَّ، ومنعا للمشاكل.
فهل يعتبر هذا من العقوق، وعدم البر؟ وما تفسير: إِمَّا يبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَو كِلَاهُمَا؟ وهل الآية معناها أنه يلزم أن يعيشا في بيت الزوجية؟ وهل إذا انتفى عذر ضيق البيت، يجب عليَّ نقلهما إلى منزل الزوجية، وحتى لو استأجرت بيتا واسعا، فإنه يجوز إسكانهما قريبين مني، وليس في منزل الزوجية؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على برّ والديك، وخوفك من التقصير في حقّهما.
واعلم أنّه لا يجب عليك أن تسكن والديك في بيتك، وليس من التقصير في البر -فضلا عن العقوق- أن يسكنا في بيت آخر، قريب، أو بعيد من بيتك، سواء كان بيتك ضيقا، أو واسعا.
لكن الواجب عليك أن تنفق عليهما إن كانا محتاجين، وكنت موسرا، وأن تخدمهما -إن احتاجا إلى الخدمة- بنفسك، أو باستئجار من يخدمهما، وأن تداوم على صلتهما، وتفقد أحوالهما، وتطيعهما في المعروف.
وقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23}.
ليس فيه أمر للولد بإسكان والديه الكبيرين معه في بيت الزوجية؛ ولكنه أمر بالبر، والرعاية، والإحسان لهما، سواء كانا معه في بيته، أو في بيت آخر.
قال البيضاوي -رحمه الله- في تفسيره: ومعنى: عِنْدَكَ- أن يكونا في كنفك، وكفالتك. انتهى.
وهذا الأمر موجه للأولاد جميعا -ذكورهم، وإناثهم- كل بحسب حاله وقدرته، وراجع الفتويين: 405169 473464.
والله أعلم.