عنوان الفتوى : هل يجوز للزوجة الامتناع عن معاشرة زوجها بسبب زناه؟
ما رأي الدين في امتناعي عن معاشرة زوجي بعد معرفتي أنه يقيم علاقات غير شرعية - الزنا- وقد تأذيت من هذه الأفعال سابقا، وتوفيت مولدتي دون سبب، وتسببت علاقتي به في نقل عدوى البكتريا عن طريق الرحم، وقمت بالعلاج فترة طويلة، ولم يعرف الأطباء السبب، ولا أنا عرفته، إلى أن توصلت إلى أنه يفعل ما حرمه الله -وهو الزنا- ورزقني الله بحمل مرة أخرى، ووعدني أنه لن يفعل الزنا مرة أخرى، واكتشفت أنه عمل علاقة أخرى؟ وهل يجوز أن أمنع نفسي منه، لصحة جنيني، ولصحتي النفسية، والجسدية؟ وهل يجوز طلاقي منه، مع العلم أنني لا أقصر معه في شيء، وهذا بشهادته هو نفسه، وأصلي، وأربي أولادي على طاعة الله عز وجل، أما هو: فإنه ممتنع عن أداء العبادات: من صوم، وصلاة...؟ ومعي ثلاثة أطفال منه، والرابع جنين في بطني..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنود أن ننبه أولا إلى أن الاتهام بالزنا ليس بالأمر الهين، فقد حرص الشرع على صيانة الأعراض، وحفظها من أن تدنس، والأصل في المسلم السلامة حتى يتبين خلافها، وقد اشترط الشرع شروطاً لثبوت الزنا.
قال الإمام ابن رشد في بداية المجتهد: وأجمع العلماء على أن الزنى يثبت بالإقرار وبالشهادة، واختلفوا في ثبوته بظهور الحمل في النساء غير المزوجات، إذا ادعين الاستكراه.
وقال أيضاً: وأما ثبوت الزنا بالشهود: فإن العلماء اتفقوا على أنه يثبت الزنا بالشهود، وأن العدد المشترط في الشهود أربعة، بخلاف سائر الحقوق، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4} ومن صفتهم أن يكونوا عدولاً، وأن من شرط هذه الشهادة أن تكون بمعاينة فرجه في فرجها، وأنها تكون بالتصريح لا بالكناية. انتهى.
ومجرد زنا الزوج لا يسوغ للزوجة الامتناع عن فراش زوجها، ولكن إن كان هنالك ضرر حقيقي، وليس متوهما، جاز لها الامتناع، سواء كان الضرر بسبب زنى الزوج، أم غيره.
قال الشيخ مرعي الحنبلي في دليل الطالب: وللزوج أن يستمتع بزوجته كل وقت، على أي صفة كانت، ما لم يضرها، أو يشغلها عن الفرائض... انتهى.
وقد ذكرت عن زوجك إضافة لأمر الزنا أنه ممتنع عن أداء العبادات من صوم وصلاة، فإن صح عنه إتيانه هذه المنكرات، فهذا جرم عظيم، وخطب جسيم، وخاصة ترك الصلاة، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى كفر من تركها ولو كسلا، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 1145.
والمسألة محل خلاف، ولكن يكفيه من الشر أن يكون هنالك خلاف فيما إن كان باقيا على الإسلام أم لا.
وعلى كل حال: فالواجب أن ينكر عليه، وينصح، ويذكر بالله عز وجل في جميع هذه المنكرات، فإن تاب وصلح حاله -فالحمد لله- وإلا فلك الحق في طلب الطلاق، لفسقه، وراجعي الفتوى: 37112.
وإن صبرت واستمررت في نصحه مع كثرة الدعاء له بالهداية، فلعل الله عز وجل يوفق إلى صلاحه واستقامته.
والله أعلم.